تدخل الجيش وانتظار الصيف.. تعرف على خطة بريطانيا لمواجهة انتشار كورونا

Coronavirus precautions in Italy- - MILAN, ITALY - FEBRUARY 23: A woman wearing a respiratory mask is seen on February 23, 2020 in Milan, Italy. The Lombardy is one of the most affected region in Italy by the infection of the Coronavirus COVID-19 virus.
الحكومة البريطانية اتخذت إجراءات للحد من سرعة انتشار فيروس كورونا (الأناضول)

الجزيرة نت-لندن

تعيش الحكومة البريطانية حالة استنفار لمواجهة انتشار فيروس كورونا الجديد مع تزايد عدد الإصابات في مختلف مناطق المملكة، وعلى الرغم من التأكيدات الرسمية أن الوضع في البلاد ما زال تحت السيطرة فإن هذا لم يمنع وضع خطة لمواجهة الفيروس.

واستبقت الحكومة البريطانية تفشي الوباء بتشكيل "غرفة عمليات" تضم الأجهزة الصحية والسيادية للبلاد، والتي وضعت برنامجا انفردت به المملكة المتحدة على الصعيد العالمي للتعامل مع هذا الوباء.

ومباشرة بعد اجتماع لجنة "كوبرا" التي تنعقد في حالات الأزمات وتضم الأجهزة الأمنية والحكومية، أعلنت رئاسة الوزراء عن خطتها الواردة في وثيقة من 28 صفحة.

الوثيقة التي اطلعت عليها الجزيرة نت تظهر أن الحكومة البريطانية قررت وضع أربع مراحل في مواجهة كورونا، بداية من محاولة الحد من انتشار العدوى، ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي العمل على إبطاء إيقاع انتقال العدوى، ثم المرحلة الثالثة وهي العمل بالسرعة القصوى في مجال البحث للتوصل إلى علاج للفيروس، والمرحلة الرابعة وهي التخفيف من آثاره على الصحة العامة والاقتصاد.

ويظهر أن البريطانيين يتعاملون بواقعية مع انتشار فيروس كورونا، ولهذا وضعوا في الحسبان أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث، وهو إصابة نسبة 50% إلى 80% منهم بالفيروس.

توقعات بتراجع معدل الإصابة بفيروس كورونا مع دخول فصل الصيف (رويترز)
توقعات بتراجع معدل الإصابة بفيروس كورونا مع دخول فصل الصيف (رويترز)

انتظار الصيف
بتجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا الجديد سقف المئة في بريطانيا، وقد أعلنت وزارة الصحة البريطانية أن البلاد دخلت في المرحلة الثانية من التعامل مع الفيروس، مما يعني اتخاذ إجراءات للحد من سرعة انتشار الوباء وتحاشي وصوله لمرحلة الذروة.

وتنص إجراءات المرحلة الثانية على استنفار المستشفيات والمراكز الطبية في عموم البلاد، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بتخصيص إمكانيات طبية عملاقة، وبدأت السلطات الصحية البريطانية بالتفكير في استدعاء الطواقم الطبية المحالة حديثا إلى التقاعد للتخفيف من الضغط على المستشفيات.

وتتضمن الخطة الحكومية تشجيع المواطنين على العمل من البيت، واحتمال إغلاق المدارس، وإلغاء الأحداث التي تشهد تجمعات بشرية كبيرة، كما بدأ النقاش فعليا بشأن إمكانية إلغاء جلسات البرلمان بغرفتيه مجلس العموم ومجلس اللوردات.

وتهدف الحكومة من خلال هذه الخطوات إلى تأخير بلوغ الفيروس ذروة انتشاره، في انتظار وصول فصل الصيف، حيث تشهد المستشفيات ضغطا أقل، وهو ما سيمنح الطواقم الطبية فسحة أكبر للتعامل مع المصابين بالفيروس.

وتعبر وزارة الصحة البريطانية عن ثقتها في القدرة على التعامل مع انتشار الفيروس ببلوغ فصل الصيف، حيث أعلنت فحصها أكثر من عشرة آلاف شخص خلال الأسابيع الماضية رغم الضغط الذي تعاني منه المستشفيات البريطانية، وكلما قل عدد المقبلين على المؤسسات الصحية ارتفعت جاهزية المستشفيات لاستقبال المصابين بكورونا.

وتتوفر بريطانيا حاليا على ثلاثين مستشفى جاهزا لاستقبال المصابين بفيروس كورونا، مع إعطاء الأولوية لكبار السن الذين يعتبرون أكثر فئة هشة يصيبها الفيروس.

مساعدة الجيش
وتشير توقعات الحكومة البريطانية إلى أن الفيروس قد يصل إلى أقصى مراحل انتشاره بحلول مايو/أيار ويونيو/حزيران المقبلين، وأن يطال نصف البريطانيين، مما قد يؤدي إلى توقف خمس اليد العاملة البريطانية عن العمل.

هذا السيناريو الذي يعتبر أسوأ ما يمكن حدوثه وضعت له الحكومة خطة لاستدعاء الجيش البريطاني بهدف وضع كامل تجهيزاته الطبية في مواجهة انتشار الفيروس، واستبعدت الحكومة كلا من جهازي الشرطة والإطفاء من التدخل للمساعدة للإبقاء عليها لمهمة فرض الأمن العام.

ولم تستبعد الحكومة البريطانية خيار إغلاق المدن رغم أنها ترى أنه إجراء غير محبذ، وتفسر وزارة الصحة البريطانية عدم تفضيلها اللجوء لهذا القرار بكون نجاعته مرتبطة بالأوبئة التي تنتشر في مدينة دون غيرها، أما في حال فيروس كورونا فهو يواصل انتشاره في جميع مناطق البلاد.

‪مخاوف من خطورة انتشار الفيروس عبر القطارات‬  (الجزيرة)
‪مخاوف من خطورة انتشار الفيروس عبر القطارات‬ (الجزيرة)

خطر قطارات الأنفاق
وتتوفر العاصمة البريطانية لندن على أكبر شبكة لقطارات الأنفاق في العالم، ويقدر عدد مستعمليها بحوالي خمسة ملايين شخص يوميا، مما يجعل محطات القطارات من أكثر الأماكن المأهولة بالناس في العاصمة البريطانية.

هذا الوضع دفع لتزايد الاهتمام بمدى خطورة انتشار الفيروس عبر القطارات، خصوصا في ساعات الذروة التي تشهد ازدحاما شديدا في ساعات الذهاب والعودة من العمل.

وتحدثت دراسة صادرة عن جامعة أوكسفورد عن كون قطار الأنفاق يعتبر من الأماكن التي ترتفع فيها مخاطر الإصابة بفيروس كورونا وبشدة في حال استعمال أي شخص مصاب بالفيروس القطار، وتعتبر الدراسة أن الشبكة هي مكان قد يتحول إلى أرض خصبة لانتشار الفيروس في حال عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وفي مقابل هذه التحذيرات التي تضع أسوأ الاحتمالات في الحسبان فإن المعهد الوطني للأبحاث الصحية في بريطانيا ما زال ينصح بأن يذهب الناس إلى أماكن عملهم بشكل طبيعي، معتبرة أنه ليس هناك خطر من استعمال وسائل النقل العمومي.

وقدم عمدة العاصمة لندن صادق خان تطمينات لسكان العاصمة بأنهم على تواصل دائم مع المستشارين الطبيين الذين يؤكدون أن شبكة النقل العمومي في العاصمة ما زالت آمنة ولا تشكل أي خطر على مستعمليها.

وأكد خان أنه ليس هناك أي داع للخوف من الاعتماد على القطارات والباصات في التنقل والمشاركة في الحافلات العمومية.

ومع ذلك، تؤكد السلطات في العاصمة لندن أنها تضع كل الاحتمالات نصب عينيها، لكن الوضع الحالي ما زال تحت السيطرة، ولا يدعو لاتخاذ إجراءات جذرية من قبيل إغلاق محطات القطار.

وكشف استطلاع للرأي أنجزته مؤسسة "إبسو موري" أن البريطانيين ما زالوا يثقون في شبكة النقل العمومي، حيث قال 20% فقط إنهم باتوا يتحاشون التنقل عن طريق المواصلات العمومية.

المصدر : الجزيرة