"ضيف ثقيل" في لندن.. شركة تجسس إسرائيلية بمعرض أمني عالمي

A man reads at a stand of the NSO Group Technologies, an Israeli technology firm known for its Pegasus spyware enabling the remote surveillance of smartphones, at the annual European Police Congress in Berlin, Germany, February 4, 2020. REUTERS/Hannibal Hanschke
أحد زوار جناح شركة التكنولوجيا الإسرائيلية "إن إس أو" في معرض بألمانيا الشهر الماضي (رويترز)

الجزيرة نت-لندن

بعيدا عن عدسات وسائل الإعلام وخلف أبواب مغلقة، نظمت الحكومة البريطانية معرض "الأمن والشرطة" لسنة 2020 في العاصمة لندن، الذي يستقبل سنويا كبرى شركات العالم في مجال الأمن الرقمي والبرمجيات المخابراتية.

وكان لافتا هذه السنة حضور الشركة الإسرائيلية "إن إس أو" المتورطة في قضايا تجسس واختراق لعدد من الحسابات والهواتف عبر تطبيقي واتساب وفيسبوك.

وقد أثار حضور الشركة الإسرائيلية المتهمة باختراق هواتف عدد من الصحفيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، حفيظة الأوساط الإعلامية والحقوقية في المملكة المتحدة.

وعبّرت صحيفة "غارديان" عن غضبها لاستضافة هذه الشركة المثيرة للجدل والمتهمة بالتجسس على ثلاثة مواطنين بريطانيين، من بينهم الفنان الساخر السعودي الأصل غانم المصارير، إضافة لكونها موضوع ملاحقة في المحاكم الأميركية إثر دعوة رفعتها شركة "واتساب" بسبب اختراق حسابات مستخدميها.

واتهمت الصحيفة البريطانية حكومة بلادها بأنها توفر منصة للتسويق لهذه الشركة، رغم حرص وزارة الداخلية البريطانية -التي ترعى هذا الحدث السنوي- على عدم الإفصاح عن أسماء المشاركين في المؤتمر إلا بعد افتتاحه.

وأثار خبر مشاركة الشركة الإسرائيلية المتهمة بالتجسس على عدد من الصحفيين عبر العالم الكثير من الجدل الحقوقي، حيث سبق للمحقق الأممي المستقل ديفد كاي أن طالب المملكة المتحدة بعدم استضافة هذه الشركة، بل التعبير عن غضبها من تصرفاتها.

خلف الستار
وتفرض السلطات البريطانية طوقا مشددا على المعرض بالنظر إلى حساسية الوفود الأمنية التي تشارك فيه والقادمة من ستين دولة. وبحسب مصدر تحدث للجزيرة نت رفض الكشف عن هويته، فإن المعرض يغري عددا من الدول العربية التي تشارك فيه بانتظام.

وأكد المصدر نفسه الذي اعتاد على زيارة هذا المعرض سنويا، أن دولا عربية بعينها تورطت في قضايا تجسس على معارضيها مؤخرا، تعتبر من الزبائن الرئيسيين لهذا المعرض، بغرض عقد صفقات مع شركات أمنية خاصة والحصول على برمجيات للاختراق والتجسس ومتابعة الناس.

وحول مشاركة الشركة الإسرائيلية "إن إس أو"، أكد المصدر أن هذه ليست أول مرة تشارك فيها في المعرض، مفسرا وجودها بأن مثل هذه الشركات "لا تخضع للقانون" فيما يتعلق بطرق استعمال البرمجيات الأمنية، ولهذا فهي تجد زبائن راغبين في عقد صفقات معها، موضحا أنه في مجال أمن المعلومات يتم إطلاق صفة شركة "مدعومة من دولة"، وهذا معناه أن هذه الشركة تكون واجهة للدولة وتستخدمها الأخيرة لتجنب المتابعات القانونية.

ويضيف المصدر نفسه أن الشركة الإسرائيلية تقدم عددا من المنتجات للبيع، من بينها المعدات الأمنية الخاصة بالمراقبة عبر الإنترنت، وبرامج لاختراق أنظمة الهواتف وشبكات الإنترنت على الصعيد الوطني، إضافة لبيع عدد من الرقائق التي يمكن أن توضع بشكل سري في السيارات أو تُخفى في الجدران، من أجل التنصت والتجسس.

وكشف المتحدث ذاته أن لجوء عدد من الدول المعروفة بعدم احترامها لحرية التعبير، ولها سجل سيئ في مجال حقوق الإنسان، لشركة مثل هذه الشركة الإسرائيلية، مرده كون شركات اتصالات كبرى "تراعي القوانين وترفض أي صفقة تشك في أنها قد تؤدي للتجسس على المواطنين"، ولهذا فهذه الدول هي زبونة جيدة لشركة "إن إس أو".

ومن خلال متابعته هذا المعرض لدورات عديدة، فقد أكد المصدر نفسه أن الدول العربية التي تتصدر أسماؤها عناوين الصحف العالمية للاشتباه في تورطها في قضايا تجسس، "دائما ما تستميت في البحث عن البرمجيات التي تمكنها من تتبع الهواتف واختراق مواقع التواصل الاجتماعي والتنصت على المكالمات، وهي مستعدة لدفع أموال طائلة مقابل هذه البرمجيات".

حرب التجسس
وبحسب معلومات حصلت عليها الجزيرة نت، فإن أهم الشركات الأمنية المشاركة هي الشركات البريطانية والأميركية والروسية، إذ تسوّق شركة روسية للأمن المعلوماتي حاليا حلا رقميا لفك الشيفرات الأمنية، وهو ما يلاقي الكثير من الإقبال من ممثلي الأجهزة الأمنية المشاركة في المعرض.

وتحرص العديد من الشركات الأمنية -وخصوصا في الدول الغربية- على معرفة الغرض من استعمال برامجها، وفي حال ظهر لها أنه سيتم استغلالها في قضايا منافية للقانون فإنها ترفض الصفقة، خوفا من الملاحقات القانونية ومن تأثر اسمها التجاري، خصوصا بالنسبة لشركات الاتصالات.

ويتركز الصراع حاليا بين الدول الغربية إضافة إلى روسيا والصين، حول الوصول لأفضل البرامج التي تمكن من التجسس على الصعيد الدولي، أي القدرة على التجسس على دولة بأكملها أو على منطقة جغرافية بعينها، وهذه البرامج يتم بيعها بملايين الدولارات من طرف الشركات وتكون المنافسة شرسة عليها لأنها تحقق لصاحبها تفوقا أمنيا غير مسبوق.

ومن التقنيات التي يتم عرضها، هناك السيارات المصفحة المضادة لأقوى أنواع الرصاص، والعديد من الحواجز الأمنية المتطورة. وعلى سبيل المثال يتم التسويق لعمود حديدي يوضع أمام البوابات الكبرى، له القدرة على اعتراض شاحنة ضخمة وتحطيمها دون أن يتضرر.

المصدر : الجزيرة