بين "شدّ وجذب".. هكذا رد إيرانيون على اتهامات الوكالة الذرية

اتخذت إيران خمس خطوات تقليصية حتى الآن تقول إنها تهدف لإنقاذ الاتفاق النووي (الصحافة الإيرانية)
إيران اتخذت خمس خطوات تقليصية حتى الآن تقول إنها تهدف لإنقاذ الاتفاق النووي (الصحافة الإيرانية)

الجزيرة نت-طهران

علقت إيران على تقريري الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرين بشأن ارتفاع مخزونها من اليورانيوم المخصب ثلاثة أضعاف الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي ورفضها السماح بتفتيش موقعين، بالقول إن طهران "غير ملزمة إطلاقا" بمنح مفتشي الوكالة إمكانية دخول أوسع إلى مواقعها.

واتهم السفير الإيراني لدى المنظمات الدولية في النمسا كاظم غريب أبادي -في بيانه- الوكالة بكتابة تقريرها بناء على "معلومات مفبركة من أجهزة استخبارات أجنبية"، مؤكدا أن بلاده غير ملزمة على الإطلاق بالنظر في هذه الطلبات.

کما اتهم واشنطن وتل أبيب بالضغط على الوكالة الدولية لتدمير علاقتها مع طهران، وذلك رغم أنها تواصل عمليات المراقبة والتحقق من سلمية النشاطات النووية في إيران.

مبرر قانوني
وعن طلب المدير العام للوكالة رافايل ماريانو غروسي من إيران أن تقرر التعاون بطريقة أوضح مع الوكالة بعد العثور على "آثار يورانيوم مصنع" قرب طهران، نفى المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي أي علاقة بين الأماكن التي طلبت الوكالة الدولية زيارتها والأنشطة النووية، مؤكدا أن طلب الوكالة معلومات أو إمكانية الوصول إلى الأماكن يجب أن "يستند إلى مبرر قانوني".

كمالوندي: طلب الوكالة إمكانية الوصول إلى الأماكن يجب أن يستند إلى مبرر قانوني (الصحافة الإيرانية)
كمالوندي: طلب الوكالة إمكانية الوصول إلى الأماكن يجب أن يستند إلى مبرر قانوني (الصحافة الإيرانية)

وعن تجاوز المخزون الإيراني من اليورانيوم المنخفض التخصيب عتبة 300 كيلوغرام المنصوص عليها في الاتفاق النووي بزيادة قدرها 648.6 كيلوغراما، قال الباحث الإيراني فريدون مجلسي إن الخطوتين الرابعة والخامسة من خفض تعهدات إيران في الاتفاق النووي أثارتا شكوكا لدى الجانب الأوروبي.

ووفق مجلسي، فإن الجانب الأوروبي يرى الاتفاق النووي على أنه يحدد نسبة تخصيب إيران من اليورانيوم ويحول دون تصنيعها قنبلة ذرية، وهو ما يخالف ما ورد في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن تجاوز إيران نسبة التخصيب وحجم مخزونها من اليورانيوم المخصب، مما يشكل نقطة خلافية بين الجانبين.

وحذر من أن استمرار هذا الخلاف قد يساهم في تقريب موعد تفعيل آلية الزناد وإعادة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن.

ولفت الباحث الإيراني إلى أن تقرير الوكالة الدولية يتعامل بازدواجية مع إيران، فهو يقدّر منحها تأشيرات طويلة الأمد للمفتشين من جهة وينتقد عدم سماحها بدخولهم مواقعها من جهة أخرى، موضحا أن الوكالة تأمل في حصول تطورات إيجابية لخفض التصعيد وهو ما نراه "أمرا مستبعدا" في الوقت الراهن.

شكوك وتساؤلات
وفيما تزامن نشر تقريري الوكالة الدولية مع مرور شهرين من اتخاذ طهران الخطوة الخامسة في إطار سياسة خفض التزاماتها بالاتفاق النووي، حيث قالت حينها إنها لن تكون ملتزمة بأي قيود في برنامجها النووي؛ تساءل مراقبون عما إذا كان الرفض الإيراني للسماح بتفتيش مواقعها يرمي إلى الحد من دائرة التعاون مع الوكالة الدولية.

‪طهران تتهم واشنطن وتل أبيب بالضغط على الوكالة الدولية لتدمير علاقتها معها‬  (الصحافة الإيرانية)
‪طهران تتهم واشنطن وتل أبيب بالضغط على الوكالة الدولية لتدمير علاقتها معها‬  (الصحافة الإيرانية)

وجاء الرد الإيراني مطمئنا على لسان المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان حسين نقوي حسيني، موضحا أن لا مشكلة لدى الجانب الإيراني بشأن استمرار عمليات التفتيش الدولية في إطار معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي.

واتهم البرلماني الإيراني الوكالة الدولية بالتحول إلى مؤسسة سياسية، مذكرا إياها بالتقارير السابقة التي أكدت تنفيذ بلاده جميع التزاماتها في الاتفاق النووي، وأضاف "يبدو أن هذا التقرير تم إعداده تحت الضغوط السياسية الأميركية"، على حد قوله.

مستقبل النووي
ورغم عدم تحديد طهران مهلة خامسة إثر اتخاذها الخطوة التقليصية الأخيرة في إطار خفض التزاماتها النووية، فإن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني مجتبى ذو النوري هدد باتخاذ خطوة جديدة، تتمثل في إلغاء بلاده العمل الطوعي بالبروتوكول الإضافي.

ولم يستعبد النائب الإيراني -قبل إصابته بفيروس كورونا حيث يمكث هذه الأيام في الحجر الصحي- خروج بلاده من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، إذا واصلت الترويكا الأوروبية عدم تنفيذ التزاماتها في الاتفاق.

‪الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذرت إيران من مواجهة أزمة جديدة‬ (الجزيرة)
‪الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذرت إيران من مواجهة أزمة جديدة‬ (الجزيرة)

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد هدد عقب تفعيل الجانب الأوروبي آلية فض النزاع، بأن بلاده ستنسحب من هذه المعاهدة إذا أحيل ملفها النووي إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ويرى مراقبون في إيران أن مثل هذه التهديدات ترمي للضغط على الترويكا الأوروبية للحيلولة دون إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن، لكن دون أدنى شك فإن نتيجة الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ستكون لها عواقب وخيمة على الجمهورية الإسلامية.

في غضون ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية رضا حجت -في حديثه للجزيرة نت- أن بلاده تراجعت عن تنفيذ جميع الخطوات التقنية للضغط على الجانب الأوروبي من أجل إنقاذ الاتفاق النووي، وبعد الإعلان عن عدم التزام طهران بأي قيود في برنامجها النووي قد نشهد تطورا في نسبة تخصيب اليورانيوم في قادم الأيام.

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فرضت عقوبات اقتصادية ضاغطة على إيران، وبعد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني في يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت طهران أنها لم تعد ملزمة بجوانب معينة من الاتفاق النووي، وأشارت بالتحديد إلى تخصيب اليورانيوم وعدد أجهزة الطرد المركزي.

المصدر : الجزيرة