تشكيل الحكومة العراقية.. هؤلاء أفشلوا حكومة علاوي

Iraqi parliament delays vote on new Allawi Cabinet- - BAGHDAD, IRAQ - FEBRUARY 27: Prime Minister-designate Mohammed Allawi is seen after the Iraqi parliament failed to hold a vote of confidence for the new government of Allawi as a quorum could not be reached in Baghdad, Iraq on February 27, 2020.
علاوي غادر المشهد بعد فشله في إرضاء الكتل الوازنة في البرلمان (الأناضول)

علي الرسولي-بغداد

أن تصبح رئيسا للوزراء في العراق فهذا حتما سيكلفك الكثير من التنازلات الداخلية -للأحزاب والكتل السياسية- والخارجية لدول تهيمن على صناعة القرار السياسي كأميركا وإيران، أما إذا كنت مستقلا فحكومتك ستخرج من الباب الضيق قبل نيلها ثقة البرلمان.

إخفاق محمد توفيق علاوي في تشكيل الحكومة بنسختها السادسة، واعتذاره قُبيل ساعات من انتهاء المهلة الدستورية الممنوحة له، لم يأت من فراغ، إذ أشار في كلمة له، إلى أن بعض الجهات فاوضته من أجل الحصول على مصالح ضيقة دون إحساس بالقضية الوطنية، ودون أي اعتبار لدماء المئات التي سقطت في ساحات التظاهر خلال الشهور الأخيرة.

البياتي رأى ضرورة التحقيق بما ورد من اتهامات لقوى سياسية ساومت علاوي (الجزيرة نت)
البياتي رأى ضرورة التحقيق بما ورد من اتهامات لقوى سياسية ساومت علاوي (الجزيرة نت)

الادعاء العام
ورأت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالعراق ضرورة تحريك دعوى إلى القضاء لفتح تحقيق حول الاتهامات التي أطلقها علاوي بحق قوى سياسية فاعلة في البلاد -لا تريد مصلحة الوطن والمواطنين- لكشفها أمام الرأي العام.

وعدّ عضو المفوضية علي البياتي -في حديث للجزيرة نت- ما ورد في هذه الكلمة أمرا خطرا يستوجب الوقوف عنده قبل البدء بمشاورات جديدة للترشيح والتكليف، كونه "قد يتم انتهاج نفس الأسلوب مجددا مع أي شخصية تُكلف بتشكيل الحكومة".

وأعاد اعتذار علاوي ملف الصراع على الزعامة والنفوذ السياسي بين القوى والكتل المختلفة، في حين لا يوجد أمام رئيس الجمهورية برهم صالح سوى خيار البحث عن شخصية توافقية غير جدلية ترضي المتظاهرين من جهة والكتل السياسية الممثلة بالبرلمان من جهة أخرى خلال 15 يوما، وهذه الشروط بمجملها تبدو أقرب إلى الحلم نظرا للواقع الذي تمر به البلاد.

أزمة متجددة
لكن ثمة أزمة تتجدد كل مرة يتم البحث فيها عن رئيس للوزراء، وهذه المرة صراعات داخل أطياف المكون الشيعي، إذ تسعى كتل وازنة فيه -حسب مصدر رفيع بتحالف القوى العراقية- إلى صدّ أي محاولة هيمنة التيار الصدري على مشهد التكليف.

واتهم المصدر -خلال حديث للجزيرة نت- تحالف "سائرون" (الموالي للتيار الصدري) بالقول "إنهم أرادوا تمرير مرشحيهم في تشكيل حكومة علاوي الوزارية، وأبلغوه في الوقت نفسه بضرورة عدم منح الكتل الأخرى حصة بترشيح وزراء عنهم".

وأضاف أن الأكراد أيضا كان لهم دور كبير في عدم تشكيل حكومة علاوي، إذ فرضوا عودة الهيمنة على مدينة كركوك الغنية بالنفط، أما السُنة ففريق تحالف القوى رفض التصويت على الحكومة من دون الحصول على حصة من المناصب أسوة بغيرهم.

وعن توقعاته لتشكيل حكومة جديدة، لفت إلى أن جميع هذه الضغوط ستمارس على أي مرشح يتم تكليفه برئاسة الحكومة، وبالتالي فلن تتشكل أية حكومة مستقلة وسط تمسك الجميع بمصالحهم ومكاسبهم الشخصية على حساب مصلحة البلاد.

عثمان اعتبر أن الاستقلالية بالعراق كذبة فلا توجد شخصية بإمكانها الوصول لمناصب عليا إذا لم تُدعم من كتل سياسية (الجزيرة)
عثمان اعتبر أن الاستقلالية بالعراق كذبة فلا توجد شخصية بإمكانها الوصول لمناصب عليا إذا لم تُدعم من كتل سياسية (الجزيرة)

شروط وتعنت
من جانبه، نفى تحالف "سائرون" المدعوم من الصدر الاتهامات الموجهة إليه بشأن محاولة الهيمنة على صناعة القرار من خلال التحكم بمنصب رئيس الوزراء.

وأكد النائب عن التحالف رياض المسعودي أن تحالفه لن يدخل هذه المرة في مشاورات أو لقاءات لاختيار مكلف بديل عن علاوي لمنصب رئاسة الحكومة، مشيرا إلى أنه يجب توفر ثلاثة شروط بالمرشح للتكليف، وهي أن يكون شخصية قوية ومعروفة وأن يأتي بتشكيلة وزارية بعيدة عن الأحزاب، وتعمل بجد على تهيئة الظروف لإجراء انتخابات عامة مبكرة.

أما الكرد فقد عبروا عن ارتياح كبير لفشل علاوي في تشكيل الحكومة، مرجعين الأسباب إلى ما وصفوه بتعنت الرئيس المكلف، وعدم الصمود أمام وحدة موقف الأحزاب الكردستانية.

ونصح السياسي الكردي محمود عثمان القوى الكردية بـ "التمسك بالموقف الموحد الذي أبدوه خلال مفاوضاتهم الأخيرة" موضحا أن "الاستقلالية في العراق كذبة، فلا توجد شخصية بإمكانها الوصول لتسلم مناصب عليا، إذا لم تُدعم من أحزاب وكتل سياسية".

متظاهرو التحرير يواصلون إصرارهم على تشكيل حكومة مستقلين (الجزيرة نت)
متظاهرو التحرير يواصلون إصرارهم على تشكيل حكومة مستقلين (الجزيرة نت)

ضغط الجماهير
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي أحمد الأبيض أن استقالة علاوي جاءت بسبب الانقسام السياسي الشيعي في مسألة التأييد، والموقف الشعبي الصلب إزاء النظام السياسي، والإصرار على ضرورة المجيء بشخصية مستقلة لرئاسة حكومة انتقالية.

وأوضح الأبيض -في حديث للجزيرة نت- أن اعتذار علاوي تسبب بتراجع كبير لحظوظ أحزاب السلطة في الشارع، فضلا عن ضغط الحراك الشعبي المتواصل على الأحزاب الماسكة لزمام السلطة منذ 17 عاما، والذي حتما سيدفعها نحو التنازل لإرادتهم في رسم خريطة طريق جديدة لبناء دولة قوية. 

المصدر : الجزيرة