إثيوبيا.. حرب سرية تهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد

A man holds an Oromo Liberation Front (OLF) flag as people celebrate the returning of Jawar Mohammed, U.S.-based Oromo activist and leader of the Oromo Protests, in Addis Ababa, Ethiopia August 5, 2018. REUTERS/Tiksa Negeri
إثيوبي يرفع علم جبهة تحرير أوروميا أثناء حفل جماهيري بمناسبة عودة قيادي في الجبهة من المنفى في 2018 (رويترز)

في مطعم ببلدة نكيميت (غربي إثيوبيا)، يكشف "فيسها أبرا" قطعة من الورق كتب عليها أسماء 11 رجلا، قال إن الجنود أطلقوا النار عليهم العام الماضي، وتلت ذلك حملة اعتقالات جماعية.

هرب فيسها واثنان من أشقائه من منزلهم في منطقة جوليسو إلى نكيميت، تاركين وراءهم أخا اعتقل في فبراير/شباط الماضي، وذلك للمرة الثانية خلال عام، وتعرض للضرب المبرح لدرجة أنه لا يستطيع المشي.

وأصبحت الاعتقالات وعمليات الإعدام بإجراءات سريعة أمرا شائعا في المناطق النائية في إقليم أوروميا، وهو الأكبر في إثيوبيا، حيث تشن قوات الأمن حربا على انفصاليين مسلحين في الإقليم، والتي تعامل المدنيين بطريقة وحشية.

ويقول شهود إن المعارضة المحلية في أوروميا –حيث تعيش أكبر قوميات إثيوبيا- تتعرض لحملة قمع عشوائي، في بلد يُفترض أنه على طريق الانتقال من حكم الحزب الواحد إلى مرحلة الديمقراطية.

مخالف للتوقعات
وتشير مجلة إكونوميست البريطانية إلى أن ما يقع في أوروميا لم يكن ما توقعه الإثيوبيون من آبي أحمد، الذي أصبح رئيسا للوزراء منذ عام 2018، إذ نُظر إليه كمصلح شاب من إقليم أوروميا، ووعد بإحلال الديمقراطية لصالح الجميع، وتعويض سكان الإقليم عما يقولون إنها قرون من التهميش السياسي والاقتصادي الذي تعرضوا له.

وأطلق رئيس الوزراء الإثيوبي في بداية ولايته سراح الآلاف من السجناء السياسيين، ورحب بعودة قوى المعارضة الموجودة في المنفى لخوض الانتخابات، والمقرر إجراؤها في أغسطس/آب المقبل.

كما صنع آبي أحمد السلام مع الجارة إريتريا، مما خوله الفوز بجائزة نوبل للسلام، وكذلك أبرم اتفاق سلام مع جماعات مسلحة متمردة، بما فيها جبهة تحرير أورومو، وهي الآن حزب معارض معترف به، ووافق الجناح المسلح للجبهة (جيش تحرير أورومو) على إلقاء أسلحته. في المقابل، التحق مسلحو الجبهة بالشرطة في الإقليم، وتعززت آمال كثيرين في رؤية نهاية لحركات التمرد التي بدأ نشاطها منذ قرابة نصف قرن.

‪مسلحون ينتمون إلى مليشيا في إقليم أوروميا‬ (غيتي-أرشيف)
‪مسلحون ينتمون إلى مليشيا في إقليم أوروميا‬ (غيتي-أرشيف)

ولكن الاضطرابات الاجتماعية التي صعدت بآبي أحمد إلى أرفع منصب سياسي في إثيوبيا ما زالت تقسم البلاد، إذ أضعفت سنوات من الاضطرابات بإقليم أورومو الحكومة المحلية، وخلفت فراغا أمنيا، وفي منطقتي وللغا (غرب) وغوجي (جنوب).

اتهامات متبادلة
ولما عاد معارضون مناوئون للحكومة إلى أوروميا، عملوا أحيانا مع قوات الشرطة لفرض النظام، ولكنهم سرعان ما اتهموا الحكومة الفدرالية بخيانة قضية إقليم أورومو، والتراجع عن الوعود التي قطعتها على نفسها بتوفير وظائف لهم في الشرطة.

بدورها، تتهم حكومة أديس أبابا جيش تحرير أورومو بالاحتفاظ بأسلحته. ولأن الحكومة وجيش تحرير أورومو لم يكشفا عن تفاصيل اتفاق السلام المبرم بينهما، فإنه من السهل على أي منهما اتهام الطرف الآخر بعدم الوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في الاتفاق.

وبحلول نهاية عام 2018، كان مسلحو جيش تحرير أورومو عادوا إلى الغابات، وبدؤوا مهاجمة قوافل الجيش الإثيوبي، وقتل عدد من المسؤولين، وفي العام الماضي قصف سلاح الجو الإثيوبي معسكرات تدريب تابعة لجيش تحرير أورومو.

وعقب توقيع اتفاق سلام ثالث عام 2019 مع الحكومة، انفصلت جبهة تحرير أورومو رسميا عن جناحها المسلح -رغم الاعتقاد بأن الطرفين يحتفظان بخطوط اتصال سرية- وأعلنت الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ في منطقتي وللغا وغوجي، وكلفت الجيش بمسؤولية الأمن فيهما.

ومع بداية عام 2020، أجبر القتال بين المسلحين والقوات الحكومية في غوجي نحو ثمانين ألف شخص على ترك منازلهم.

المصدر : إيكونوميست