مصر بقائمة الأكثر شراء للسلاح.. دور وظيفي أم أمن قومي؟

صورة3 الجيش المصري يحتل المرتبة 12 عالميا بينما الإثيوبي - المصدر: صفحة الجيش المصري
مصر احتلت المرتبة الثالثة عالميا في استيراد الأسلحة في حين ارتفعت الديون إلى مستويات كبيرة (مواقع التواصل)

محمد عبد الله-القاهرة

سلط تقدم مصر في قائمة الدول الأكثر شراء للسلاح على مستوى العالم لسنوات عدة متتالية الضوء على مدى حاجتها لاستيراد هذا الكم والنوع من الأسلحة ومصدر تمويلها، في وقت تعاني فيه من تراكم الديون الداخلية والخارجية لمستويات تاريخية وارتفاع نسبة الفقر، وفق أرقام رسمية.

واحتلت مصر المرتبة الثالثة عالميا في استيراد الأسلحة في الفترة من 2015 إلى 2019، حيث بلغت وارداتها نحو 5.58% من السوق العالمي، بعد السعودية التي جاءت بالمرتبة الأولى 12%، والهند 9.2%، وفق أحدث تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري). 

وتربعت فرنسا وروسيا على رأس الدول الموردة للسلاح إلى مصر بواقع 35% لكل منهما، في حين تراجعت الولايات المتحدة إلى المركز الثالث بنسبة 15% للمرة الأولى منذ عام 1980، حيث كانت المصدر الرئيس للسلاح إلى مصر.

وبحسب آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، ارتفعت معدلات الفقر في البلاد لتصل إلى 32.5% من عدد السكان بنهاية العام المالي 2018/2017، مقابل 27.8% لعام 2016/2015، مما يعني وجود أكثر من 32 مليون فقير في مصر.

وارتفع الدين الخارجي لمصر نهاية سبتمبر/أيلول 2019 إلى 109.4 مليارات دولار، مقابل 93.1 مليارا نهاية سبتمبر/أيلول 2018، في حين ارتفع الدين العام المحلي إلى 4.186 تريليونات جنيه (نحو 266 مليار دولار)، مقابل 3.887 تريليونات جنيه (نحو 247 مليار دولار) خلال نفس الفترة، بحسب البنك المركزي المصري.


شراء الشرعية
التقرير الصادر عن "سيبري" أماط اللثام عن جزء كبير من التساؤلات الخاصة بحاجة مصر لهذا الكم والنوع من الأسلحة، حيث رجح أن تكون الزيادة "مرتبطة بنشاطها العسكري في ليبيا واليمن، فضلا عن حربها مع الجماعات المسلحة في سيناء".

وفي معرض تعليقه على التقرير، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى المصري السابق رضا فهمي إن "جزءا من هذه الصفقات يتعلق بتسليح الجيش المصري، والجزء الآخر تلعب فيه مصر دور الوكيل عن الإمارات والسعودية، بالإضافة إلى رغبة النظام المبكرة في شراء شرعية دولية من دول ذات ثقل دولي وعسكري بعد انقلاب 3 يوليو 2013". 

وفي حديثه للجزيرة نت استبعد فهمي أن تكون هذه الأسلحة متعلقة بمواجهة الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء، ولكنها مرتبطة بالتحالف المصري الإماراتي في ليبيا لدعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورغبتهما في استتباب الأوضاع في ليبيا والسودان من خلال أنظمة حكم عسكري تتناغم مع النظام العسكري في مصر، مضيفا أن "مصر هي البوابة الكبيرة لدخول السلاح للشرق الليبي". 

ورغم التهديدات الكبرى التي يمثلها تقليص حصة مصر من المياه بسبب تخزين المياه أمام سد النهضة الإثيوبي فإن فهمي استبعد أن يكون لهذا السلاح دور في حسم المسألة عسكريا، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين تأمين حاجة الأمن القومي المصري وبين تأمين أمن النظام الذي يحكم الناس بالحديد والنار، وبالتالي يصعب التصديق أن الرئيس عبد الفتاح السيسي معني بحل أزمة المياه عسكريا، لأنه تنازل عنها طواعية من خلال توقيع اتفاق المبادئ في 2015.

الدور الوظيفي
من جهته، أرجع أستاذ العلوم السياسية عصام عبد الشافي الأمر إلى عدة اعتبارات، من بينها "طبيعة الدور الوظيفي الذي يقوم به النظام المصري في هذه المرحلة، سواء فيما يتعلق بغاز شرق المتوسط والملف الليبي والملف اليمني وأمن البحر الأحمر، إضافة إلى أن هناك توترات في شبه جزيرة سيناء، وأنه يوجد دور آخر في سوريا، والذي كشفت عنه الكثير من التقارير مؤخرا". 

وفي حديثه للجزيرة نت لفت عبد الشافي إلى احتمال أن يلعب النظام المصري دور الوسيط في شراء الأسلحة لتمريرها لجهات أخرى، مثل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا كما ذكر التقرير، حيث يحظى بدعم وتسليح وتدريب من قبل الجيش المصري، سواء في مصر أو في شرق ليبيا. 

وبشأن الحديث عن جدوى التسلح في ظل أزمة نقص المياه التي تلوح في الأفق، أوضح عبد الشافي أن الأمر مرتبط بإشكالية كبيرة، فالعلاقات المصرية الأفريقية من الصعب اللجوء فيها للخيار العسكري بدرجة كبيرة، إلى جانب أن هناك شكوكا بشأن تورط النظام في ملف سد النهضة من خلال تمرير اتفاق المبادئ في 2015 للحصول على شرعية من الاتحاد الأفريقي. 

ورأى أن هذه الأسلحة لا تصب بدرجة أساسية في مستهدفات تعزيز الأمن القومي للدولة المصرية والذي تم إهداره في جزيرتي تيران وصنافير ومياه نهر النيل وغاز شرق المتوسط، لافتا إلى أن هذا النظام لا يعنيه بأي حال من الأحوال حماية الأمن القومي بقدر ما يعنيه حماية أمنه، وبالتالي هذه الترسانة -وإن كانت مهمة- ليست مؤشرا على تعزيز القدرات العسكرية أو القتالية للجيش المصري.

وقبل يومين كشف تقرير في صحيفة غارديان البريطانية أن الإمارات زودت اللواء الليبي المتقاعد حفتر بخمسة آلاف طن من الأسلحة منذ يناير/كانون الثاني الماضي.

وأشارت بيانات الصحيفة إلى أن شحنات الأسلحة المذكورة نقلت في طائرات نقل مستأجرة كانت تهبط في مطار قريب من بنغازي معقل حفتر، أو في غرب مصر.

وفي عام 2015 بثت قنوات المعارضة المصرية تسريبا صوتيا لمدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل وهو يتحدث عن شحنة أسلحة موجهة إلى ليبيا.

المصدر : الجزيرة