"ليس الشخصية الأفضل".. هل أطلق الغنوشي رصاصة الرحمة على الفخفاخ؟

Tunisia's parliamentary elections- - TUNIS, TUNISIA - OCTOBER 06: Leader of Nahda Movement Rachid al-Ghannouchi holds a press conference at his party's headquarters after the first announcement of early election results following the parliamentary elections in Tunis, Tunisia on October 06, 2019. Around 7.1 million Tunisians were eligible to cast ballot in polls to elect the 217-member assembly.
الغنوشي تساءل عن دوافع رئيس الحكومة المكلف تصنيفا مسبقا للأحزاب ووضع بعضها في خانة المعارضة (الأناضول)
آمال الهلالي-تونس

في موقف اعتبره مراقبون تصعيدا ضد رئيس الحكومة المكلف، قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إن إلياس الفخفاخ ليس الشخصية الأفضل لتشكيل الحكومة، وإن رئيس الجمهورية قيس سعيد أخطأ حين اختاره لهذه المهمة.

واعتبر الغنوشي في تصريح إذاعي محلي اليوم الأربعاء، أن حركة النهضة كانت اقترحت أسماء أخرى، لكن رئيس الجمهورية لم يختر الشخصية الأفضل، مشددا في المقابل رفضه إقصاء حزب "قلب تونس" من مسار تشكيل الحكومة، وأن الأخيرة لن تمر في البرلمان إذا تواصل إقصاء هذا الحزب.

وتساءل عن دوافع فرض الفخفاخ تصنيفا مسبقا للأحزاب ووضع بعضها في خانة المعارضة، رغم أنها أبدت استعدادها للمشاركة في الحكومة، في إشارة إلى "قلب تونس".

وجدد الغنوشي -الذي يتولى رئاسة البرلمان- تمسكه بحكومة وحدة وطنية دون إقصاء، ودعوته رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ إلى توسيع دائرة المشاورات بين الأحزاب -بما فيها "قلب تونس"- لضمان مرور حكومته بحزام سياسي مريح يتجاوز 145 صوتا.

وتأتي تصريحات رئيس حركة النهضة بعد يوم واحد من تأجيل الأحزاب المشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة الإمضاء على الوثيقة التعاقدية الخاصة ببرنامج الحكومة، والتي طرحها الفخفاخ على الأحزاب ولاقت ردود فعل متباينة بين الرفض والتحفظ.

الأفضل لتونس
وسارع عضو الفريق المفاوض لرئيس الحكومة المكلف فتحي التوزري إلى الرد على تصريحات الغنوشي بالقول إن "الفخفاخ ليس الأفضل لحركة النهضة، لكنه الأفضل لتونس".

وأشار التوزري في تصريح إعلامي محلي أن الفخفاخ اختاره رئيس الجمهورية باعتباره الشخصية الأقدر، وأنه لن يرضخ لشرط حركة النهضة في تشريك "قلب تونس"، وسيمضي في خياره واحترام إرادة الناخبين والأحزاب التي صوتت للرئيس سعيد في الانتخابات.

كما اتهم حركة النهضة بتصدير الأزمة وعرقلة مسار تشكيل الحكومة، مشددا في المقابل على أن اختزال الحكومة في النهضة دون باقي الأحزاب المنخرطة في المشاورات، أمر غير سليم.

بدوره، اعتبر القيادي في "تحيا تونس" سهيل العلويني أن تشكيك الغنوشي في قدرة وكفاءة الفخفاخ رسالة مضمونة الوصول إلى رئيس الجمهورية الذي كلفه بهذه المهمة، قبل أن يكون رسالة موجهة إلى الأحزاب التي دعمته واقترحته لهذه المهمة ومنها حزبه.

وقال العلويني في تصريح للجزيرة نت إن موقف الغنوشي تجاه الفخفاخ تصعيد غير مسبوق، ومحاولة "لحشره في الزاوية وليّ ذراعه" حتى يستجيب لشروط النهضة بإشراك "قلب تونس" في الائتلاف الحكومي القادم.

وأوضح أن الصراع على الشرعية بين رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية بات على أشده، مضيفا "بينما ترى حركة النهضة أنها صاحبة الشرعية البرلمانية المنبثقة عن نتائج الانتخابات التشريعية، يرى الفخفاخ ومن ورائه قيس سعيد أن الشرعية الشعبية التي اكتسبها من أصوات أكثر من 70% من الناخبين هي الأقوى".

‪إلياس الفخفاخ أعلن بعد تكليفه أنه يستمد شرعيته من رئيس الجمهورية‬ (الجزيرة)
‪إلياس الفخفاخ أعلن بعد تكليفه أنه يستمد شرعيته من رئيس الجمهورية‬ (الجزيرة)

حزام سياسي
وسبق لرئيس الحكومة المكلف أن أعلن في أول ظهور إعلامي له بعد تكليفه، أنه يستمد شرعيته من رئيس الجمهورية قيس سعيد، الأمر الذي أثار حفيظة الأحزاب الكبرى في البرلمان بما فيها حركة النهضة و"قلب تونس" الذي أقصي من المشاورات.

ويبدو أن رغبة الفخفاخ في تشكيل حزام سياسي صلب يضمن مرور حكومته في البرلمان، بات -بحسب مراقبين- غير مضمون حسابيا، في ظل إعلان النهضة (54 مقعدا) وائتلاف الكرامة (19 مقعدا) وكتلة الإصلاح الوطني (15 مقعدا) شروطا متباينة لضمان تصويتها لصالح الحكومة، فضلا عن إقصاء كل من "قلب تونس" (38 مقعدا) والدستوري الحر (17 مقعدا) من المشاركة فيها.

ويذهب الإعلامي والمحلل السياسي محمد بوعود إلى القول إن "الغنوشي أطلق رصاصة الرحمة في وجه الفخفاخ وحكومته، وأراد أن يثبت مجددا أنه صاحب القول الفصل في تحديد معالم الحكومة وتركيبتها".

وأضاف بوعود في تصريح للجزيرة نت أن الفخفاخ أخطأ مرتين، حين ظن أن ذهابه نحو حكومة ذات نفس ثوري سيمنحه رضا حركة النهضة والغنوشي، وحين تسرع في التموقع السياسي وأعلن عن إقصاء معارضيه في وقت مبكر.

وتابع أن "شيخ النهضة رد الصاع صاعين للأحزاب التي أسقطت حكومته السابقة في البرلمان، ونجح في وضع حد لتغول الشرعية الانتخابية عند قيس سعيد التي يمثلها رئيس الحكومة المكلف، كما برهن أن مصير الحكومة بيده الآن".

وأشار بوعود إلى وجود ثلاثة سيناريوهات محتملة أمام الفخفاخ، إما الرضوخ لشرط الغنوشي في إشراك "قلب تونس"، أو تقديم طلب إعفائه من هذا التكليف، أو الذهاب إلى البرلمان لطلب الثقة وانتظار ما سيفرزه تصويت الأحزاب.

يشار إلى أن الفصل 89 من الدستور التونسي ينص على أنه إذا لم يمنح أعضاء البرلمان الثقة للحكومة، فلرئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما.

المصدر : الجزيرة