حركة النهضة رفضتها وأحزاب تتحفظ.. أي مصير لوثيقة التعاقد الحكومي؟

اجتماع رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ اليوم بدار الضيافة بقرطاج بالأحزاب والكتل المعنية بالتشاور حول تشكيل الحكومة للتداول في الوثيقة التعاقدية المعدلة
من اجتماع الفخفاخ أمس بالأحزاب والكتل المعنية بالتشاور حول الوثيقة التعاقدية المعدلة (مواقع التواصل)

آمال الهلالي-تونس

لم يفضِ اجتماع رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ مع ممثلي الأحزاب المعنية -في مشاورات تشكيلها- إلى إمضاء "وثيقة التعاقد الحكومي" المقترحة كما كان متوقعا. من جانبها أعلنت حركة النهضة في بيان رسمي رفضها التوقيع، مع تمسكها بحكومة وحدة وطنية لا تقصي أي حزب.

وقاد الفخفاخ مساء الاثنين مشاورات مع الأحزاب المعنية بتشكيل الائتلاف الحكومي، كما تم خلال الاجتماع تداول وثيقة التعاقد الحكومي التي تتضمن الخطوط العريضة لبرنامج عمل الحكومة، ليفرز النقاش إجماعا على إعادة تنقيح الوثيقة، على ضوء مقترحات ممثلي الأحزاب.

وكان قد رجح في وقت سابق بأن تحظى حكومته بدعم 160 نائبا في البرلمان من أصل 217، مشيرا إلى أن عشرة أحزاب سياسية عبرت عن استعدادها الدخول في الائتلاف الحكومي، تمثل مختلف العائلات السياسية، منها "النهضة" و"ائتلاف الكرامة" و"تحيا تونس" و"البديل" و"التيار الديمقراطي" وحركة "الشعب" و"الاتحاد الشعبي الجمهوري".

النهضة ترفض
وأعلنت حركة النهضة في بلاغ رسمي رفضها التوقيع على المذكرة التعاقدية على ضوء اللقاء الذي جمع بين رئيس الحركة راشد الغنوشي والفخفاخ، والذي لم يفض لتوافق حول حكومة وحدة وطنية تريدها الحركة.

وارتأت النهضة في نفس البيان أن يكون توقيعها على الوثيقة التعاقدية "تتويجا للاتفاق النهائي على الحزام السياسي وهيكلة الحكومة وبرنامجها وتركيبتها النهائية".

وسبق لرئيس الحكومة المكلف أن أعلن عن رفضه إشراك كل من "قلب تونس" و"الحزب الدستوري الحر" في مشاورات تشكيل الحكومة، مبررا خياره بالحرص على تشكيل حزام سياسي يستمد شرعيته من الأحزاب والقوى التي دعمت رئيس الجمهورية قيس سعيد بالدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.

بالمقابل، جدد الغنوشي خلال لقائه الفخفاخ دعوته لإشراك "قلب تونس" في مفاوضات تشكيل الحكومة، وأن تعكس التركيبة الحكومية حجم الأحزاب الممثلة بالبرلمان على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية وفي إطار حكومة وحدة وطنية لا تقصي أي حزب.

ويرى كثيرون أن مهمة رئيس الحكومة المكلف باتت تواجه عراقيل وعقبات بسبب الشروط التي وضعتها الأحزاب حتى تلك التي دعمته واقترحته لهذا المنصب، وفي مقدمتها حزب "تحيا تونس" الذي دعا بدوره الفخفاخ في بيان رسمي إلى توسيع قاعدة مشاوراته بهدف تكوين حزام سياسي واسع يستجيب لمقومات حكومة "مصلحة وطنية".

وبرر القيادي في "تحيا تونس" مروان الفلفال عدم توقيع حزبه على الوثيقة التعاقدية الحكومية رغبة منه في توسيع دائرة المشاورات لتشمل "قلب تونس" من باب توفير حزام سياسي قوي وصلب يضمن ليس فقط مرور الحكومة في البرلمان بل استقرارها بعد ذلك.

ولفت الفلفال -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن حزبه يسعى لتقريب وجهات النظر بين رئيس الحكومة المكلف من جهة وباقي الأحزاب التي لم تشملها مشاورات تشكيل الحكومة، معربا عن أمله في التوصل لصيغة نهائية للوثيقة التعاقدية يكون فيها "قلب تونس" أحد الأطراف الموقعة على هذه الوثيقة.    

من جانبه، أعلن الناطق باسم "ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف رفض الدخول في حكومة تضم كل من "قلب تونس" و"تحيا تونس" مؤكدا في تصريحات إعلامية محلية أن أغلب ممثلي الأحزاب قدموا خلال الاجتماع التشاوري مع رئيس الحكومة المكلف مقترحات إضافية لإدراجها ضمن الوثيقة التعاقدية.

وفي السياق ذاته، عبر رئيس كتلة "الإصلاح الوطني" حسونة الناصفي عن رفض ما اعتمده رئيس الحكومة المكلف بإقصاء "قلب تونس" و"الدستوري الحر" من مشاورات تشكيل الحكومة، داعيا الفخفاخ إلى توسيع دائرة المشاورات بهدف ضمان حزام سياسي مريح لحكومته، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.

تأجيل توقيع الوثيقة
من جانبه، اعتبر القيادي بالتيار الديمقراطي غازي الشواشي أن موقف حزبه خير بدوره عدم التوقيع على وثيقة التعاقد الحكومي، رغم دعمهم لتمشي رئيس الحكومة المكلف.

وأكد في تصريح للجزيرة نت بأن التوقيع سابق لأوانه، بانتظار ما ستفرزه النقاشات حول طبيعة الحكومة وتركيبتها الوزارية لتكون الرؤية أوضح.

ولفت إلى أن التيار قدم مقترحات لتضمينها في الوثيقة التعاقدية خصوصا ما يتعلق بتطبيق القانون ومحاربة الفساد بالتوازي مع مواصلة المشاورات حول تشكيل الحكومة.

وانتقد الشواشي ما سماها "مناورات" حركة النهضة بعد موقفها الرافض لإمضاء الوثيقة التعاقدية واشتراط إشراك "قلب تونس" في الائتلاف الحكومي، مؤكدا أن الحركة ستصوت في جلسة منح الثقة على حكومة الفخفاخ.

يُشار إلى أن حزب "قلب تونس" قد حمل في بيان رسمي مساء الاثنين رئيس الحكومة المكلف ما وصفه "بتعثر" مشاورات تشكيل الحكومة، وإقصاء طيف واسع من القوى السياسية والنيابية، مؤكدا دعمه لموقف حركة النهضة لتكوين حكومة وحدة وطنية.

المصدر : الجزيرة