وقف التنسيق الأمني ورقة رابحة لا يستطيع عباس استخدامها.. لماذا؟

ما وراء الخبر.. ما تخشاه إسرائيل إذا قطعت السلطة علاقاتها معها
عباس جدد التهديد بقطع التنسيق الأمني مع إسرائيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير بالقاهرة (الجزيرة)

قال موقع ميدل إيست آي البريطاني إن وقف التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، الذي هدد به الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجددا عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما وصفها عباس بـ" صفعة القرن"، يبدو مستحيلا بالنسبة للسلطة الفلسطينية.

فلم يكن من الممكن أن يبدو تصريح الرئيس محمود عباس يوم السبت أكثر وضوحا، ففي مواجهة الضم الإسرائيلي الوشيك و"صفقة القرن" المذلة التي أبرمتها الولايات المتحدة، تعلن السلطة الفلسطينية قطع علاقاتها الأمنية مع البلدين.

ومع ذلك، استمر التعاون الأمني الوثيق في اليوم التالي كالمعتاد، حيث تعمل مكاتب الاتصال وكأن شيئا لم يحدث.

وتفتح الخطة الأميركية للسلام الباب أمام إسرائيل لضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، أي أكثر من ثلث الضفة الغربية، وتركت السلطة الفلسطينية تتدافع لمواجهة هذا التهديد.

ومع ذلك، وعلى الرغم من الكلمات القوية التي قالها عباس في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير بجامعة الدول العربية في القاهرة قبل يومين، فإن قطع العلاقات على الفور لم يكن أبدا جزءا من تفكير عباس، وفقا لمسؤول رفيع المستوى في الحكومة الفلسطينية.

وقال المسؤول الفلسطيني، إن الإعلان كان مجرد "تلميح" بأنه سيستخدم "بطاقة مهمة" للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضاف أن "عباس يستخدم كل أوراقه لمواجهة المشروع الأميركي الإسرائيلي وانعكاساته وخصوصا التعاون الامني".

وبالنسبة لإسرائيل، فإن إسناد جزء كبير من جمع المعلومات الاستخباراتية وتنفيذها الأمني في الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، مفيد للغاية ويساعد في الحد من الهجمات على قواتها ومواطنيها.

وفي الوقت نفسه، تستخدم السلطة الفلسطينية المعلومات التي سلمتها إليها إسرائيل للحفاظ على هيمنتها وتقويض حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقال المسؤول الحكومي الفلسطيني، إن واشنطن أيضا تحصل على فوائد من هذا الترتيب، موضحا أن "السلطة الفلسطينية جزء من حرب الغرب على الإرهاب والرئيس عباس أراد أن يذكّر الأميركيين والإسرائيليين بأن هذا الدور له ثمن سياسي، ودون هذا الثمن لا يمكن أن يستمر".

تغيير قواعد اللعبة
فبعد إعلان ترامب عن خطته للسلام الأسبوع الماضي التقى وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ مع وزير مالية إسرائيل موشيه كحلون وأبلغه بقرار وقف التنسيق إذا ما أقدمت إسرائيل على ضم أجزاء من الضفة الغربية.

لكن هذا التهديد تكرر عام 2015 و2017، ولم تنفذه السلطة أبدا.

مسؤول في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) قال لميدل إيست آي، إن مثل هذه الخطوة الإستراتيجية (وقف التنسيق) يمكن تنفيذها إذا ما تغيرت قواعد العلاقة بين السلطة وإسرائيل.

ويضيف المسؤول أن وقف التنسيق قد يؤدي إلى اشتباك مسلح بين جنود الاحتلال الذي يداهمون المناطق المحتلة كل ليلة والشرطة الفلسطينية، وسيفضي إلى انهيار السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أن وقف التنسيق بين الجانبين يؤثر بشكل أساسي على استقرار السلطة التي تدير مناطق الضفة الغربية يوميا.

كما أن وقف التنسيق يضر بالسلطة الفلسطينية أيضا، فهي تعتمد الترخيص الإسرائيلي للعديد من صلاحياتها الأساسية، منها جواز السفر الفلسطيني حيث حاولت السلطة إصدار جوازات سفر يكتب عليها "صادرة من دولة فلسطين" بدلا من السلطة الفلسطينية، لكنها تراجعت بعد أن هددت إسرائيل برفض أي وثيقة تحمل هذا التوصيف.

ورغم أن المطالبة الشعبية بوقف التنسيق مرتفعة، فإن مسؤولين مقربين من عباس يقولون إنه لن يتم اتخاذ مثل هذه الإجراءات إلا إذا كانت ضرورية للغاية، لأنها قد تشهد نهاية السلطة الفلسطينية.

ويخلص موقع ميدل إيست آي إلى أنه في ظل تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، والانقسام الداخلي (فتح وحماس) وإمساك إسرائيل بمفاتيح تحرك الفلسطينيين، فإن وقف التنسيق الأمني ربما يبدو مستحيلا بالنسبة للسلطة الفلسطينية.

المصدر : ميدل إيست آي