نيويورك تايمز: لكي نفهم محاكمة ترامب يجب فهم تصرفاته

قال الكاتب الصحفي ديفد ليونهارت في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن المحاكمة الرامية إلى عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة تستحق الدراسة وتمثل سابقة في تاريخ الولايات المتحدة.

وأوضح ليونهارت أنه لم يسبق أن تجرأ رئيس أميركي قبل ترامب على التعاون بشكل مفتوح مع دول أجنبية من أجل مصلحة حزبية، وأن فهم دوافع ترامب الذي تعاون مع دول عديدة بدءا بروسيا صيف العام 2016 ثم الصين وأوكرانيا وربما دول أخرى غير معروفة يتطلب فهم مواقفه السابقة.

ترامب الانتهازي
يقول الكاتب إنه في العام 2005 وخلال مقابلة مع الصحفي بيلي بوش في برنامج أخبار المشاهير "أكسس هوليود" (Access Hollywood) اعترف ترامب في دردشة مع الصحفي قبل انطلاق الحلقة -وكان صوتهما مسموعا لفريق البرنامج من خلال السماعات- بتحرشه بالنساء مبررا ذلك بالقول "عندما تكون نجما يسمحون لك بذلك، يمكنك فعل أي شيء".

ووفقا للكاتب، فإن سلوك ترامب في السنوات الثلاث التي تلت تلك الدردشة المسجلة والتي عرفت طريقها للجمهور فيما بعد أثبت أن فلسفته تلك لا تقتصر على تعامله مع النساء فحسب، بل تنسحب على كل مناحي الحياة، ومقتضاها "عندما تكون غنيا أو مشهورا أو قويا تستطيع فعل أي شيء والإفلات بأكثر مما يتخيله معظم الناس".

وقال ليونهارت إن ترامب خلال دردشته مع بيللي بوش كان يصف نهجه في الحياة الذي تطبعه الانتهازية وعدم التقيد بالمعايير الأخلاقية، وقد جلب ذلك المذهب إلى الممارسة السياسية وهو ما يفسر الكثير من سلوكه منذ وصوله إلى البيت الأبيض، بدءا بالكذب المتكرر والإهانات والتعصب والتهديد بالعنف والملاحقة القضائية وغيرها كثير.

وأوضح أن فهم سلوك ترامب هذا أمر أساسي لفهم مسار محاكمته بهدف عزله، فقد ضغط على أوكرانيا للقيام بحملة تشويه لخصمه الانتخابي لأنه يستطيع ذلك، كما نظم دفاعه في مجلس الشيوخ انطلاقا من نفس الفلسفة، فقد عرض محاموه سلسلة من الحجج غير المتسقة، بدأت بنفي تورطه ثم نفي وجود شهود على ما قام به، ثم خلصوا إلى أنه "إذا كان الرئيس قد قام بذلك فهو أمر مقبول".

أميركا المستبدة
ويقول الكاتب إن المرء يكاد يسمع صدى مقولة ترامب في برنامج المشاهير يتردد في جلسة مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي والتي مفادها "إذا كنت رئيسا فإن بإمكانك القيام بأي شيء".

وانتقد تعاطي الكونغرس الأميركي مع محاكمة ترامب، وقال إنه من المفترض أن يكون هيئة قوية مستقلة لا تابعا للبيت الأبيض، وإن الرجوع لمعطيات التاريخ الأميركي يحيل إلى أن الكونغرس كان سيوقف الرئيس المتهور عند حده حتى وإن كان من نفس الحزب المسيطر على الكونغرس، ولكنه بات تحت سيطرة الحزب الجمهوري الذي تغير كثيرا عما كان عليه، وهي حقيقة فهمها ترامب ووظفها لصالحه.

وختم بأن أميركا تخطو نحو التحول للحكم الاستبدادي في ظل حكم رئيس تعود على مدى عقود من الزمن على فعل ما يخدم مصلحته الشخصية، وحزب سياسي مستعد لحماية ذلك الرئيس وضمان بقائه في سدة الحكم.

المصدر : الجزيرة + نيويورك تايمز