صمت وترحيب وتجاهل للمكان.. هكذا نظرت دول الحصار إلى اتفاق واشنطن وطالبان بالدوحة
الزمان السبت 29 فبراير/شباط، والمكان الدوحة عاصمة قطر، أما مضمون الخبر فهو توقيع اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان برعاية الدوحة، بعد نحو عقدين من الصراع المسلح بينهما.
نشرت العديد من المواقع الإعلامية الخبر مبتورا، حيث تحدثت عن الاتفاق وبعض مضامينه، دون أي إشارة إلى مكان الحدث، ولا أي ذكر للدوحة التي رعت الاتفاق طيلة نحو عشر سنوات من التفاوض انتهت بتوقيع اتفاق سيبعد شبح الحرب والاقتتال عن الشعب الأفغاني.
تناول موقع "سكاي نيوز" الإخباري الذي يتخذ من أبو ظبي عاصمة الإمارات مقرا له، الاتفاق الموقع بين واشنطن وطالبان وما سبقه من هدنة تم الاتفاق عليها قبل أسبوع، ونشر عدة قصص إخبارية عن الاتفاق والهدنة التي قبله.
ولكن المؤكد أن قراء الموقع لا يعلمون حتى الآن هل وقع الاتفاق في المريخ، بل ولم لا في أبو ظبي التي سعت طويلا لاحتضان مفاوضات واشنطن وطالبان دون أن تظفر بذلك.
|
وعلى غرار "سكاي نيوز"، نشر موقع "اليوم السابع" المصري تقريرا مطولا عن اتفاق الدوحة، دون أي إشارة إليها من قريب أو بعيد.
جاء تقرير "اليوم السابع" في نحو 800 كلمة، محتويا أربع صور، اثنتان منها للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأخرى لمقاتلي طالبان، ورابعة لأحد المتحدثين باسم الحركة.
وعلى خطى "سكاي نيوز" و"اليوم السابع"، نشرت صحيفة "عكاظ" السعودية تقريرا عن توقيع الاتفاق، صدّرته بصورة كبيرة لبعض الجنود الأميركيين في ولاية قندهار الأفغانية، دون أي إشارة إلى راعي الاتفاق، الجار القريب.
وجاء موقف "عكاظ" متساوقا مع موقف الحكومة السعودية التي صرحت بترحيبها بالاتفاق دون أن تذكر في أية عاصمة تم توقيعه.
وكالة أنباء "الشرق الأوسط" ذكرت أنه تم التوقيع في الدوحة، ولكنها اختارت نسبة الخبر إلى قناة "سي.أن.أن" الأميركية ربما مراعاة لأصول المهنة في نسبة الخبر إلى أهله.
وبالإضافة إلى ذلك، نشرت وسائل إعلام أخرى تابعة لدول الحصار تفاصيل متعددة عن الاتفاق وعن خفض العنف خلال هدنة الأيام السبعة، متجاهلة المكان الذي توجهت إليه كاميرات العالم وأقلام المحررين والإعلاميين منذ فترة توثيقا لأهم لحظة يمكن أن توقف شلال الدم والنار في بلاد الثلج واللهب الأفغانية.
وقد أثار المذهب الإعلامي الجديد لدول الحصار سخرية واسعة لدى المدونين والمغردين وعدد من الإعلاميين الذين سخروا من "التقنيات الجديدة" لإعلام الحصار.
وقد تعودت معظم وسائل الإعلام التابعة لدول الحصار على تجاهل الأخبار ذات الحمولة الإيجابية لقطر، لكن الخبر كان هذه المرة أكبر من الإخفاء والتزوير، وكان سقف المهنية أخفض وأضعف من أن يحترم القارئ والمعلومة وقدسية الخبر، مثلما يقول مغردون.
تجاهل رسمي
التجاهل الإعلامي للمكان واكبه تجاهل رسمي من دول الحصار باستثناء الرياض التي بادرت إلى الترحيب بالاتفاق دون أن تذكر الطرف الذي استضاف ورعى وذلل كثيرا من عقباته وهو الدوحة.
|
فقد أصدرت الخارجية السعودية بيانا غريبا يرحب باتفاق لا يُذكر متى وأين وُقع، وهو ما يشي بأن وسائل الإعلام التي نقلت الخبر وتجاهلت مكانه لم تكن تصدر عن رأي خاص، بل عن سياسة رسمية وممنهجة.
أما المنامة فقد آثرت أيضا تجاهل الاتفاق، مقتدية بأبو ظبي التي لم تعلق بأي شكل من الترحيب أو التنديد بالاتفاق، وذلك بعدما أخفقت في نقل الحوار بين الطرفين من الدوحة إلى العاصمة الإماراتية.
واكب توقيعَ الاتفاق بين طالبان وواشنطن في الدوحة اهتمام إعلامي عالمي، وتغطية واسعة شاركت فيها كبريات وسائل الإعلام الدولية. كما واكبه فوق ذلك حضور دبلوماسي مشهود شمل ممثلين عن نحو 30 دولة ومنظمة مهتمة بالسلام في العالم.
أما رباعي الحصار فقد آثر الانزواء يحسبون كل صيحة حرية أو سلام أو نجاح لقطر خطرا تلقائيا عليهم، ساعين قدر ما تتيح لهم وسائلهم إلى حجب شمس النجاحات المتواصلة للدوحة بغربال.