نتنياهو يحتفي بها.. هل حلقت طائرات إسرائيلية في أجواء السودان؟ ولماذا؟

El Al planes are seen parked at Israel's Ben-Gurion International Airport near Tel Aviv, during a strike by airline workers, April 21, 2013. Workers at Israel's three main airlines went on strike on Sunday, stopping their outbound flights in protest at the government's plans to ratify an open skies deal with Europe they see as a threat to their jobs. REUTERS/Nir Elias (ISRAEL - Tags: POLITICS TRANSPORT BUSINESS EMPLOYMENT CIVIL UNREST)
طائرات في مطار بن غوريون الإسرائيلي (رويترز-أرشيف)

أحمد فضل-الخرطوم

ما زالت الخرطوم تلوذ بالصمت مقابل تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن عبور طائرات إسرائيلية لأجواء السودان، لكن سلطة الطيران المدني السودانية أكدت أن ثمة أمورا تجعل أجواء البلاد مطلوبة لإسرائيل.

وقال المتحدث باسم سلطة الطيران المدني عبد الحافظ عبد الرحيم للجزيرة نت إن السلطة لا تستطيع الحديث عن عبور طائرات إسرائيلية لأجواء السودان من عدمه، قبل أن تعلن ذلك الجهات السيادية ممثلة في وزارة الخارجية أو مجلسي الوزراء والسيادة.

وكان نتنياهو قال أمام قيادات اليهود الأميركيين أمس الأحد إن الطائرات التجارية الإسرائيلية بدأت تطير في أجواء السودان نتيجة الاجتماع المهم الذي عقده مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان قبل نحو أسبوعين.

وأضاف "الآن نحن نبحث التطبيع السريع.. أول طائرة إسرائيلية مرت أمس في أجواء السودان.. هذا الخط الجوي قلص الرحلة من إسرائيل إلى أميركا الجنوبية بنحو ثلاث ساعات".

فوائد اقتصادية
ويرى عبد الرحيم أن سر طلب إسرائيل لأجواء السودان يتمثل في موقع البلاد الجغرافي المناسب لعبور الطائرات الإسرائيلية إلى أميركا اللاتينية.

ويوضح أن الموقع الإستراتيجي للسودان يجعله أفضل ممر جوي يربط الممرات الشرقية والغربية لقارات العالم، بما يوفر ساعات طيران ووقودا للطائرات الإسرائيلية.

وطبقا للمتحدث فإن سلطة الطيران السودانية نفذت عملية لإعادة ترسيم المسار الجوي عام 2018 رفعت الممرات الجوية من 18 إلى 42 ممرا تمكّن الطائرات العابرة من بلوغ وجهاتها بأقل تكلفة وأقصر طرق وأكثرها سلامة.

ويقول إن أهمية السودان الآن تبرز لشركات الطيران الإسرائيلية من واقع بنية تحتية منتشرة تتمثل في ستة رادارات و14 نقطة اتصال مرتبطة بالأقمار الصناعية، مكنته من احتلال المرتبة الثانية أفريقيًّا في الملاحة الجوية بعد جنوب أفريقيا.

ويضيف عبد الرحيم أن المجال الجوي السوداني مؤهل فنيا، وأن مركزه الملاحي مطلوب من أي دولة لخدمة طائراتها ومخاطبتها صوتيا وإلكترونيا لإرشادها إلى المسارات الجوية.

الممر الأحمر
ويروي الأمين العام السابق لغرفة النقل الجوي في السودان عمر علي عبد الماجد كيف حاولت إسرائيل في وقت سابق عبر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) تغيير مسار "الممر الأحمر" المار بالسودان، لكنها فشلت لارتفاع تكلفة الطيران خارجه.

ويشير عبد الماجد في حديثه للجزيرة نت إلى أنه في حال تطبيع العلاقات فإن إسرائيل التي كانت محرومة من الممر الأحمر ستستفيد، لأن رحلاتها إلى الجنوب الأفريقي كانت تكلفها عشر ساعات إضافية بتحاشيها أجواء السودان.

ويقول إن الطائرات الإسرائيلية كانت تقلع من تل أبيب وتضطر للطيران عبر تشاد أو موريتانيا وصولا إلى كمبالا أو نيروبي أو جوهانسبرغ، لكنها الآن تعبر إلى مصر والسودان ومنه إلى أقصى نقطة في جنوب القارة الأفريقية.

ويرى أن هناك فوائد للسودان تتمثل في رسوم العبور التي تحسب بالميل البحري، حيث تحسب ساعة الطيران بنحو 350 دولارا مقابل الخدمات الملاحية. كما أنه في حال تطور العلاقات، سيكون متاحا للطائرات الإسرائيلية إذن الهبوط بشقيه الفني للتزود بالوقود، والتجاري لخدمة نقل الركاب والبضائع.

شارع منقسم
وبشأن رأي الشارع السوداني بهذا الخصوص، يقول أستاذ العلوم السياسية حسن الساعوري إن الشارع في السابق كان موحدا ضد التطبيع مع إسرائيل، لكن ثمة انقساما الآن.

ويضيف الساعوري في حديثه للجزيرة نت "منذ لقاء عنتيبي بين البرهان ونتنياهو، اتضح أن هناك نسبة مقدرة في الشارع تبحث عن المصالح، وترى أن العرب أنفسهم طبّعوا مع تل أبيب، فما الذي يمنع السودان؟".

ويشير إلى أن هناك أيضا نسبة مقدرة ترفض التطبيع وصوتها أعلى، تتمثل في الأحزاب الإسلامية بمختلف توجهاتها، ما عدا حزب الوسط الإسلامي بزعامة يوسف الكودة.

وعن عبور الطائرات الإسرائيلية للمجال الجوي السوداني، يرى الساعوري أن الحكومة عمليا مضت في اتفاقات مع إسرائيل دون النظر إلى المعارضين حتى داخل ائتلاف قوى الحرية والتغيير الحاكم.

الخطوة القادمة
ويذكر الساعوري أن أحزابا مثل حزب الأمة القومي والحزب الشيوعي والأحزاب العروبية، رفضت أي مساع للتطبيع مع إسرائيل، لكنه يرى أن موقفها يبدو مجرد رفض إعلامي، لأنه لو كان حقيقيا لطلبت مراجعة الأمر عبر مجلسي السيادة والوزراء.

ويؤكد أن التطبيع أصبح سياسة مطبقة، وأن الخطوة القادمة ربما تكون ما عرضته إسرائيل من مساعدة السودان في الزراعة والطاقة.

وقال الكاتب الصحفي عبد الله رزق في مقال نشره اليوم الاثنين "بعد عبور الطائرة الإسرائيلية للأجواء السودانية بإشارة من البرهان وحده، لم يعد للمجلسين، مجلس السيادة ومجلس الوزراء، ما يفعلانه".

وأضاف "ليس ثمة حاجة لقيام مجلس تشريعي، طالما أن هناك من ينفرد بالتقرير في شؤون البلاد، ثم يستحصل لاحقا على دعم قادة القوات المسلحة، كتحصيل حاصل".

قوى ممانعة
في المقابل، ما تزال قوى سياسية سودانية عند مواقفها الرافضة لأي تقارب مع إسرائيل، وقد دعا القيادي في حزب المؤتمر الشعبي بشير آدم رحمة رئيسَ مجلس السيادة للتراجع عن مساعي التطبيع مع تل أبيب.

وقال آدم رحمة في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين إنه "بعد أن تردّ إسرائيل مظالم الفلسطينيين، يمكن أن ننظر في أن يكون للسودان علاقات معها".

وفنّد زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي -في مقال- فرضية أن التطبيع يساعد السودان في ملفات مالية، قائلا إنه "وهم كبير".

وأضاف المهدي أن ملف الدين الخارجي البالغ 60 مليار دولار بيد دول نادي باريس ودول أخرى، وأن شرط دول الاتحاد الأوروبي للتعامل هو الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأكد أن شطب اسم السودان من قائمة الإرهاب الأميركية بيد المشرعين الأميركيين لا الإدارة، وقد وعد أربعة منهم بالاستجابة لهذا الاستحقاق، مشيرا إلى أن "ملف الغرامات المفروضة علينا ظلمًا للتفجيرات الإرهابية بيد القضاء الأميركي".

وشدد المهدي على أنه لا فائدة للسودان من التطبيع مع إسرائيل إلا "تلطيخ اسمه ومساعدة مجرم للإفلات من العقوبة".

المصدر : الجزيرة