متى يتخلى الجمهوريون عن دونالد ترامب؟

بعد مرور أكثر من أسبوعين على الانتخابات الأميركية، والتي أكدت كبريات وسائل الإعلام فوز المرشح الديمقراطي جون بايدن بها، وحصوله على 306 من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 232 صوتا للرئيس دونالد ترامب، لم يعترف ترامب بعد بهذه النتائج وما زال يدّعي أن الانتخابات "سُرقت" منه.

ومع رفض عدد من محاكم الولايات المتأرجحة أكثر من 20 دعوى قانونية رفعتها حملة الرئيس ترامب، لم يفقد ترامب الدعم العلني من أركان الحزب الجمهوري لجهوده المستمرة لتغيير نتيجة الانتخابات، ولم تدفع سياساته ومواقفه خلال الأيام القليلة الماضية إلى تخلي قادة الجمهوريين عن دعمه.

وكان ترامب قد أقال -من دون سابق إنذار- وزير الدافع مارك إسبر وعددا من كبار مساعديه، كما أقال كريس كريسبي مسؤول الأمن السيبراني في وزارة الأمن الداخلي، وهو ما ردّ عليه الجمهوريون بالانتقاد المتحفظ فقط.

الجمهوريون يحتاجون ترامب

ورغم خسارة ترامب، فقد صوّت له أكثر من 73 مليون ناخب، وهو رقم قياسي لم يقترب منه أي مرشح رئاسي جمهوري من قبل.

ويدرك قادة الجمهوريين أن الحزب يحتاج ترامب في معركة انتخاب عضوي مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا، المقررة في 5 يناير/كانون الثاني القادم.

وضمن الجمهوريون 50 مقعدا من مقاعد المجلس الـ100، في حين يسيطر الديمقراطيون على 48 مقعدا، ومن شأن فوز الجمهوريين بأحد أو كلا مقعدي ولاية جورجيا أن يضمن سيطرتهم على الأغلبية في المجلس، وفي حال خسارتهم المقعدين فإن الأغلبية تنتقل للديمقراطيين، حيث يصبح من حق نائب الرئيس ترجيح كفة تعادل الأصوات.

ولعبت شعبية الرئيس ترامب الطاغية وسط القواعد الانتخابية للحزب الجمهوري، دورا كبيرا في تضييق الفارق مع الديمقراطيين في مجلس النواب، مع فوز الجمهوريين بـ8 مقاعد إضافية.

ولم يبارك فوز بايدن بالرئاسة إلا عضوين جمهوريين من مجلس الشيوخ، هما: السيناتورة سوزان كولينز والسيناتور ميت رومني، في حين تحفظت بقية القيادات الجمهورية عن التعبير عن رأيها أو التأكيد على دعم ترامب.

ولم يكن من الغريب تأكيد ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، على حق الرئيس ترامب في السير في طريق رفع الدعاوى القضائية ضد نتائج الانتخابات.

وهاجم ماكونيل قرار ترامب سحب قوات من أفغانستان والعراق، واعتبره "خطأ كبيرا"، إلا أنه رفض التطرق لتفاصيل موقفه من الانتخابات، وقال إن "هناك طريقة للتعامل مع النزاعات الانتخابية، وهي المحاكم. والمحاكم في مختلف الولايات تتعامل مع أي اتهام حال توافر أدلة، نحن ذاهبون إلى نقل منظم للسلطة من هذه الإدارة إلى الإدارة التالية".

في حين تجاهل جون ثون السيناتور الجمهوري من ولاية داكوتا الجنوبية، الرد على سؤال عما إذا كانت الخلافات ستتسبب في انفصال نواب الحزب الجمهوري عن ترامب بشأن الانتخابات.

وأضاف ثون في حوار مع الراديو القومي أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ينظرون إلى قرار ترامب سحب القوات من أفغانستان أو طرده لأحد كبار مسؤولي الأمن السيبراني، على أنه "خطأ كبير".

وفي الوقت الذي جاهر فيه جون كورنين السيناتور الجمهوري من ولاية تكساس، بمعارضته لتصرفات الرئيس تجاه سحب القوات من أفغانستان والعراق، فإنه أكد أن هذه الخلافات لن تؤثر على دعم إستراتيجية ترامب الانتخابية. وقال كورنين "إذا كانت لي خلافات مع ترامب، فسأناقشها معه على انفراد".

ولم تسفر معارك ترامب أمام المحاكم عن نجاح يذكر، لكن الجمهوريين يحرصون على عدم الإعلان الكامل عن موقفهم، ويفضلون التعبير بصورة غير مباشرة عن طريق حث ترامب على السماح لبايدن بتلقي الإحاطات الاستخباراتية، إلا أن أيا منهم لم يدعُ ترامب إلى التنازل.

توقيت الانفصال مع الرئيس

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بعض الجمهوريين سيبدؤون الابتعاد عن ترامب قبل انتخابات ولاية جورجيا حين توثق الولايات نتائج انتخاباتها، وهو ما سيبدأ خلال أيام وينتهي قبل نهاية الشهر الجاري، أم سينتظرون إلى 8 ديسمبر/كانون الأول حين تنتهي فترة تقديم الطعون القضائية، باعتبارها معلما رئيسيا للاعتراف رسميا بفوز بايدن، في حين توقع آخرون أنهم ينتظرون اجتماع الهيئة الانتخابية في 14 ديسمبر/كانون الأول لتسمية الرئيس القادم للولايات المتحدة.

واعتبر كريس كون السيناتور الديمقراطي من ولاية ديلاوير أن "معظم أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ممن تحدثت معهم، يدركون بوضوح أنه لا يوجد مسار يسمح للرئيس ترامب بالفوز، إلا أنهم لا يستطيعون الإفصاح عن ذلك علنا في الوقت الراهن".

ويرى بعض المعلقين أن هناك أسبابا سياسية تجعل الجمهوريين يستمرون في دعم ترامب وهو في طريقه للخروج من البيت الأبيض، حيث تزيد التكهنات بأنه يفكر في محاولة رئاسية جديدة عام 2024، وهو ما سيضمن له الكثير من النفوذ في الحزب الجمهوري بعد تولي بايدن الرئاسة.

المصدر : الجزيرة