عبارة قالها هل تسبب له المشاكل؟.. معضلة ترامب بين أحفاده اليهود وخسارة أصوات الطائفة

Trump participates in the National Christmas Tree lighting ceremony in Washington
ترامب مع ابنته إيفانكا وزوجها كوشنر وأبنائهما (رويترز)

خلال مناظرة نائب الرئيس التي أجريت قبل أسبوع بين الجمهوري مايك بنس والديمقراطية كامالا هاريس، لفتت لحظة واحدة على وجه الخصوص انتباه ملايين اليهود الأميركيين.

وردا على سؤال وُجّه إلى نائب الرئيس حول سجل الرئيس ترامب الرافض لإدانة أنصار تفوق العرق الأبيض، استشهد بنس بأحفاد الرئيس اليهود دفاعا عنه.

وقال بنس إن "قلقكم من أنه لا يدين النازيين الجدد غير مبرر، الرئيس ترامب لديه أحفاد يهود، ابنة الرئيس وصهره يهوديان. هذا رئيس يحترم ويعتز بكل الشعب الأميركي".

Mike Pence And Kamala Harris Take Part In Vice Presidential Debate
مايك بنس استشهد بأحفاد ترامب دفاعا عنه (رويترز)

جدير بالذكر أن للرئيس ترامب 3 أحفاء يهود، حيث رفضت عائلة جاريد كوشنر زواج ابنها من إيفانكا ترامب بسبب ديانتها المسيحية. واضطرت إيفانكا قبل نهاية 2009 إلى تغيير ديانتها من أجل الزواج من "حب حياتها" كما تقول.

ورزقت العائلة بـ3 أولاد، هم أرابيلا (9 سنوات) وجوزيف (7 سنوات) وتيودور (4 سنوات). وتتم تربية أحفاد ترامب بحزم طبقا لتقاليد التعاليم اليهودية المتشددة دينيا واجتماعيا.

ودفعت كلمات بنس إلى فتح نقاش حاد بين اليهود الأميركيين، أبعدهم عن القضية التقليدية الأهم المتعلقة بإسرائيل.

وفي حين رأى البعض في إجابة نائب الرئيس دفاعا قويا عن ترامب بأنه قبول للتنوع، إلا أنه بالنسبة للكثيرين ضرب وترًا حساسا ويدعو للقلق.

وانقسم اليهود حول ما إذا كان الأحفاد اليهود يمكن اعتبارهم درعا ضد أي اتهامات بمعاداة السامية، أم أن الأحفاد قد يُستغلون لتبرير وتجاهل عنصرية ترامب وعدائه للسامية.

وذكرت الناشطة اليهودية أماندا ليتمان في تغريدة لها "من السخرية أن يرى البعض أن وجود حفيد يهودي لترامب مبرر لنزع صفة العداء للسامية عنه".

وكان ترامب قد رفض مرات عدة إدانة الجماعات المتطرفة البيضاء خاصة تلك التي كانت تهتف في مسيرتها بمدينة تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا منتصف عام 2017 "اليهود لن يحلوا محلنا".

حمل رجال دين يهود الرئيس ترامب مسؤولية جزئية مباشرة عن الكثير من الاعتداءت التي طالت اليهود خلال السنوات الأربع الأخيرة، أبرزها اعتداء استهدف معبدا يهوديا في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، وأسفر عن مقتل 11 يهوديا أميركيا، وذلك بسبب تشجيعه الجماعات البيضاء المتطرفة.

ترامب والعداء للسامية
أشار استطلاع أجراه معهد الانتخابات اليهودي في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي إلى أن 60% من اليهود الأميركيين يثقون في جو بايدن للتعامل مع مخاطر العداء للسامية والمتطرفين البيض على اليهود، في حين عّبر 26% منهم عن ثقتهم في ترامب.

ويتعرض الرئيس ترامب لانتقادات واسعة على خلفية تصريحات أدلى بها بشأن اليهود الأميركيين، واعتبرها البعض معادية للسامية، في حين رأى آخرون أنها تخفي وراءها مصالح انتخابية ضيقة. وكان ترامب قد ذكر أن "تصويت أي شخص يهودي لصالح الديمقراطيين يعني جهلا وعدم ولاء كبير".

"وعدم الولاء" التي استخدمها ترامب تعد من المحرمات عند يهود أميركا الذين يتهمون من يستخدمها ضدهم بالعداء للسامية. وفي هذا الإطار ذكرت الراهبة أليسا وايز من مؤسسة صوت السلام اليهودي في حديث لها مع الراديو القومي الأميركي، أن "هذه العبارة يستخدمها كل المعادين للسامية منذ العصور الوسطى بالملكيات الأوروبية للتشكيك في ولاء الرعايا اليهود للدولة التي يعيشون فيها".

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يشير فيها ترامب إلى عبارة "عدم الولاء"، وتتذكر وايز ما قاله ترامب في مايو/أيار 2018 أثناء لقائه بأعضاء مؤسسة الائتلاف الجمهوري اليهودي، وهي مؤسسة أميركية يهودية تدعو لدعم العلاقات بين أميركا وإسرائيل، حيث قال "لقد تحدثت مع رئيس وزرائكم نتنياهو"، وعكست هذه الكلمات عدم اعترافه الكامل بأميركية يهود الولايات المتحدة وعدائه للسامية، مع إشارته إلى أنه ليس رئيسا لهم بل رئيس الوزراء الإسرائيلي.

ثم جاء إقدام الرئيس ترامب على إعادة نشر تغريدة لوين آلن رووت، صاحب البرنامج الإذاعي الذي يركز على نظرية المؤامرة، وأغدق فيها على ترامب بالثناء لدعمه اليهود وإسرائيل، لتثير تساؤلات بشأن علاقة ترامب باليهود.

وتضمنت التغريدة القول بأن ترامب أعظم الرؤساء على مر التاريخ وأكثرهم دعما لإسرائيل، ولذا يحبه شعب إسرائيل اليهودي، "فترامب ملك إسرائيل". وعبر الكثير من الديمقراطيين والجمهوريين عن غضبهم من نشر ترامب تغريدة الإذاعي "غريب الأطوار".

واستغل منتقدو ترامب اللغة التي استخدمها، وأعادوا التذكير بالادعاء النازي بأن لدى اليهود ولاءً مزدوجا، وأن ولاءهم لإسرائيل أكبر من ولائهم لدولهم. لكن لم يهز كل ما سبق دعم الإنجيليين لترامب، على الرغم من العلاقة الحميمية التي تربطهم باليهود عامة، ويهود أميركا خاصة.

أصوات الإنجيليين أهم من أصوات اليهود لترامب
يرى الكثير من المعلقين أن تأييد ترامب الكبير لإسرائيل لا يستهدف منه أصوات الجالية اليهودية، بل أصوات الإنجيليين الأميركيين.

ويمثل العامل الديني حجر الأساس الأھم في مصادر الدعم لإسرائيل، وتدفع الجماعات الإنجيلية بالتعجيل لضمان سیطرة إسرائيل الكاملة على كل أرض فلسطین المقدسة، إيمانا منھا بأن ھذا يُسرّع من عودة المسیح الثانیة.

وكشفت دراسة لمركز بيو للأبحاث أجريت في مايو/أيار الماضي أن البروتستانت والإنجيليين أكثر تأييدا لسياسات ترامب مقارنة باليهود الأميركيين. ورأى 42% من يهود أميركا أن واشنطن تدعم إسرائيل أكثر من اللازم، في حين يرى 22% فقط من البروتستانت ذلك، وتخفض النسبة مع الإنجيليين إلى 15%.

وحصل ترامب على أصوات 58% من الناخبين البروتستانت مقابل 39% لمنافسته كلينتون في انتخابات 2016، وارتفعت نسبة تأييد ترامب إلى 81% وسط الإنجيليين، مقابل 16% لكلينتون.

وطبقا لمركز بيو، فقد صوّت 71% من يهود أميركا لهيلاري كلينتون في انتخابات 2016، وارتفعت نسبة تصويتهم للمرشحين الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس عام 2018 -أي بعد عامين من حكم ترامب- إلى 79%.

ويشير استطلاع معهد الانتخابات اليهودي إلى نية 67% من الناخبين اليهود الذين شملهم الاستطلاع التصويت لبايدن، في حين قال 30% إنهم يعتزمون التصويت لترامب، و3% لم يقرروا بعد.

المصدر : الجزيرة