قصف "عين الأسد".. هل أبعد شبح الحرب عن المنطقة؟

A picture of Iranian Major-General Qassem Soleimani, head of the elite Quds Force, who was killed in an air strike at Baghdad airport, is seen at a confectionery shop in Tehran, Iran January 7, 2020. Nazanin Tabatabaee/WANA (West Asia News Agency) via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY
صورة لقاسم سليماني في أحد المحلات التجارية بطهران (رويترز)
الجزيرة نت-طهران
 
بينما نزلت حشود إيرانية ابتهاجا بالقصف الصاروخي على قاعدة "عين الأسد" الأميركية في العراق، أكدت أوساط إيرانية أن الرد احتوى الغضب الشعبي وأبعد شبح الحرب من المنطقة. هذا وقد حثت طهران على متابعة الملف في أروقة مجلس الأمن ومحكمة لاهاي الدولية.

وبعد خمسة أيام من أجواء الحزن التي خيمت على الرأي العام الإيراني لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني بضربة أميركية على موكبه قرب مطار بغداد، بعث نبأ قصف قاعدة "عين الأسد" انتقاما له، الفرحة في قلوب الكثير من الإيرانيين الذين نزلوا إلى الشوارع للإشادة برد بلادهم، وفق وكالة "تسنيم" التي نشرت سلسلة تقارير عن مظاهر البهجة في الشارع الإيراني.

ويرى الباحث في الشؤون الدولية علي بيكدلي أن قصف إيران کان "ردا مناسبا وجيدا" على المشاعر الوطنية المطالبة بالثأر لسليماني، مؤكدا أن مطالبة الشعب الإيراني السلطات بالانتقام وضعت الدولة أمام مهمة دقيقة للتجاوب مع المشاعر المشحونة بالغضب المتزايد.

‪بيكدلي: السبل الدبلوماسية والقانونية‬ (مواقع التواصل)
‪بيكدلي: السبل الدبلوماسية والقانونية‬ (مواقع التواصل)

وأوضح بيكدلي أن تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في الظروف الدقيقة الراهنة أظهرت مدى قدرة الدبلوماسية الإيرانية أكثر من أي وقت مضى.

 
وعن خطوات إيران المقبلة للتعاطي مع ملف اغتيال سليماني بعدما أعلنت أنها لا تريد التصعيد، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "الشهيد بهشتي" الإيرانية إن السبل الدبلوماسية والقانونية لا تزال مفتوحة أمام طهران لرفع شكوى في محكمة لاهاي الدولية ضد الولايات المتحدة إلى جانب إثارتها القضية بمجلس الأمن الدولي.

وعبّر عن رأيه بضرورة وقف الرد العسكري الإيراني على مقتل سليماني عند الضربة الصاروخية، وأضاف أن الاغتيال كان نموذجا بارزا لإرهاب الدولة، لا سيما أن سليماني كان يقوم بزيارة رسمية للعراق، وحث الجهاز الدبلوماسي الإيراني على عدم التفريط في الخيارات القانونية والسياسية المتاحة أمامه للضغط على أميركا.

تضارب

وختم أستاذ العلاقات الدولية بأن القصف الصاروخي الإيراني على أهداف أميركية في العراق والحضور المليوني في جنازة سليماني، تمكنا من تعزيز قوة إيران ومكانتها في الشرق الأوسط بحيث ستحسب لها الدول الإقليمية ألف حساب خلال الفترة المقبلة.

ورغم تأكيد الجانب الأميركي أن الهجوم الصاروخي الإيراني لم يخلف خسائر في صفوف الجنود الأميركيين، إلا أن إيران تحاول طمأنة شعبها بأن حقيقة الأمر على عكس ما يروج له الأميركيون، إذ وصف قائد القوة الجوية في الحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زادة ما قاله ترامب بشأن عدم التعرض لخسائر بأنه "كذب"، على حد وصفه.

وفي هذا السياق، علق الناشط السياسي المقرب من الحرس الثوري مهدي محمدي بشأن خسائر القصف الإيراني بالقول إن الذي يريد معرفة حجم الخسائر عليه مراجعة أول تغريدة للرئيس ترامب عقب عملية الثأر لسليماني، التي قال فيها إن بلاده تجري تقييما للخسائر والأضرار التي نجمت عن القصف.

انتقام الحلفاء

من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران رضا حجت إن الضربة الصاروخية نجحت إلى حد بعيد في امتصاص الغضب الشعبي، وتوقع انتهاء الرد العسكري، موضحا أن الرد الإيراني فتح الباب على مصراعيه لحلفاء طهران للانتقام بدورهم من أميركا.

وأضاف في تصريحه للجزيرة نت أن الرد الإيراني بحد ذاته يحمل رسالة اقتدار وجرأة منقطعة النظير للطرف المقابل، مفادها أنه أعجز من أن يرد على الصواريخ التي انهالت على قواعده انطلاقا من إيران.

‪حجت استبعد نشوب حرب‬  (الجزيرة)
‪حجت استبعد نشوب حرب‬  (الجزيرة)

وأشار إلی أنه رغم التوتر الذي بلغ مستويات خطيرة جدا خلال الأيام الماضية، فإن خيار الحرب مستبعد لأن أميركا لا ترغب في خوض حرب في الظروف الراهنة من جهة، وأن إيران تمتلك أنظمة رادار ودفاعات جوية فاعلة بإمكانها عرقلة الهجمات الأميركية من جهة أخری، فضلا عن الأسلحة المتطورة التي تنتشر على ربوع جغرافيا محور المقاومة، على حد تعبيره.

وتوقع حجت أن تشهد المرحلة المقبلة وساطات لخفض التوتر بين الجانبين تزامنا مع تشديد العقوبات على إيران لكسرها الهيمنة الأميركية، وتشديد الهجمات السيبرانية من قبل الجانبين، مما سيرفع احتمالات وقوع هجمات ضد المصالح الأميركية وتغيير شكل المواجهة واستمرارها بشكل خفي تمهيدا لطرد القوات الأميركية من المنطقة.

احتفالات

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، احتفل الكثير من الإيرانيين تحت وسم "الانتقام القاسي" و"الوعد الصادق" بالرد على اغتيال سليماني، وغرد العديد منهم بنشر العلم الإيراني ردا على ترامب الذي غرد بالعلم الأميركي إثر مقتل قائد فيلق القدس، بينما كتب القائد السابق في الحرس الثوري حسين يكتا أن فترة "اضرب واهرب" قد ولت دون رجعة، وأرفق تغريدته بصورة عن الصواريخ الإيرانية التي قصفت قاعدة "عين الأسد".
 
من جهته، غرد الباحث في الشؤون العسكرية المقرب من الحرس الثوري حسين دليريان بأنه بعد الانتقام الإيراني، تستعد حركات المقاومة العراقية للثأر لقائدها العسكري أبو مهدي المهندس.
المصدر : الجزيرة