الاتحاد الأوروبي.. شرط تمويلي جديد يغضب الفلسطينيين

European Union delegates meet with Palestinians during a visit to Jordan Valley in the Israeli-occupied West Bank October 2, 2019. REUTERS/Raneen Sawafta
ممثلون من الاتحاد الأوروبي مع فلسطينيين خلال زيارة للضفة الغربية قبل أشهر (رويترز)

فادي العصا-بيت لحم

جمد المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين (بديل) مشروعا مع الاتحاد الأوروبي بقيمة 1.2 مليون يورو مع بداية العام 2020، بعد رفض المركز شرطا للاتحاد يتعلق بمكافحة الإرهاب.

ويعتبر مركز "بديل" واحدا من بين 132 مؤسسة فلسطينية رفضت شرطا أوروبيا للتمويل يتعلق بمحاربة الإرهاب، يراه الاتحاد متضمّنا في بنوده للتمويل منذ العام 2001، ويقضي بوجوب عدم استفادة المنظمات الإرهابية من الأموال الأوروبية.

ويرى الاتحاد أن الحركات الفلسطينية: حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام، والجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس، والجبهة الشعبية، والجبهة الشعبية-القيادة العامة، وكتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، هي منظمات إرهابية يُمنع التعامل معها.

في المقابل، يرى الفلسطينيون أن الجديد جعل هذه القائمة شرطا يفترض على المؤسسات أن تعترف به بموجب العقد التمويلي الجديد، وهو ما يعني تقييد خدماتها لفلسطينيين لا ينتمون إلى هذه الفصائل.

كما يفترض الشرط أن تقوم هذه المؤسسات بعمليات فحص وتدقيق لعدم تقديم الخدمات للمنتمين إلى هذه الفصائل، وهذا يقيد عملها ويحدد خدماتها بموجب هذه القائمة.

الشرط الجديد
وفي هذا السياق، يقول مدير مركز "بديل" نضال العزة للجزيرة نت إن الشرط الجديد يعني أنه يسمح -مثلا- بدعوة إسماعيل هنية بصفته الشخصية لا كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس، وهذا الأمر لا يمكن تطبيقه لأن الحالة الفلسطينية مختلفة في قضية الإرهاب، حسب قوله.

وبرأيه، فإن الأمر الخطير هو منع التعاون مع هذه القوى في الأعمال، وهو ما يفتح المجال في المستقبل لوضع أسماء على قائمة الإرهاب لعدم التعامل معها.

وهنا يمكن للاتحاد الأوروبي بمنطق الدول أن يصنف المنظمات الإرهابية، ولكن لا يمكن قبول هذه القائمة فلسطينيا بعدم التعاون والتعامل مع هذه الفصائل، حسب قوله.

ويعتبر العزة أن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وهناك فصائل يعتبرها الفلسطينيون مقاومة للمحتل، بينما تراها دول أخرى منظمات إرهابية.

والخطير هنا حسب المتحدث، أن هذا الشرط الذي يصر عليه الاتحاد الأوروبي تزامن مع ما تسمى صفقة القرن، ومع محاولة إسكات المؤسسات الفلسطينية التي تطالب بمحاسبة الاحتلال على جرائمه وتحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته.

تهديد بالإغلاق
وهناك 3400 مؤسسة مجتمع مدني مسجلة فلسطينيًّا لدى وزارة الداخلية، وكثير منها تم تأسيسه منذ اتفاق "أوسلو" بتشجيع من الممولين الذين قدموا قرابة 34 مليار دولار لمؤسسات فلسطينية خلال الفترة بين عامي 1994 و2017.

وأصدرت 132 مؤسسة الشهر الماضي بيانا خاطبت فيه الاتحاد الأوروبي، وعبرت عن رفضها لهذا الشرط وطالبت بحذفه من العقود.

ويرى العزة أن هذا الموقف أوجد نقصا تمويليا في مؤسسته يصل إلى 73%، إضافة إلى تقليص أعداد الموظفين، عدا عن وجود مؤسسات يتهددها خطر حقيقي بالإغلاق التام إذا ما أصر الاتحاد الأوروبي على هذا الشرط.

والخطير في الأمر -حسب العزة- أن هناك دولا كالسويد والنرويج وإيرلندا وبلجيكا تتبع شروط الاتحاد الأوروبي في تمويلها المباشر، وبذلك يعني أن المؤسسات ستخسر ممولين تاريخيين لها.

أكبر ممول
من جهته، يقول سفير فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي عادل عطية إن السلطة الفلسطينية عبرت عن رفضها للشروط والقيود التي وضعها الاتحاد، وتم الاتصال مع ممثليه لأن هناك طلبا من المؤسسات الفلسطينية بالتحقق من سجل المواطنين المستفيدين من النشاطات، والتأكد من عدم تورطهم في نشاطات إرهابية، وفق تعبيرها.

وأضاف عطية للجزيرة نت أن هناك مشكلة تكمن أصلا في تعريف الإرهاب الذي قد يشمل بعض نشاطات مقاومة المحتل وشرائح من الأسرى وأهالي الشهداء.

وبحسبه، فإن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر ممول لمنظات المجتمع المدني التي تقدم خدماتها المختلفة للفلسطينيين في مجالات الصحة والتربية والتعليم ومحاربة الفقر والتنمية المحلية والزراعة والصناعة وغيرها.

واعتبر عطية الشروط الأوروبية سيفا على رقاب الفلسطينيين، فهذا يدفع -على سبيل المثال لا الحصر- المؤسسات الطبية لرفض علاج مريض يصاب في المواجهات مع الاحتلال أو أهالي المعتقلين أو المعتقلين المحررين الذين يستفيدون من الخدمات الطبية، ويصل الأمر إلى المستشفيات الممولة أوروبيا.

كما أن المؤسسات -إذا ما وافقت على هذه الشروط- سيصبح التعامل معها مثيرا للقلق وفق عطية "لأنها ستجمع معلومات عن الفلسطينيين، وتفاقم الأزمة الإنسانية وأزمة التمويل، وهو ما يجعل السؤال يُطرح: لماذا يصر الاتحاد الأوروبي على هذه الشروط الآن في ظل نشر خطة السلام الأميركية؟".

المصدر : الجزيرة