الحكومة الجديدة في الجزائر.. هكذا رآها المواطنون

Algerian President Tebboune takes oath of office- - ALGIERS, ALGERIA - DECEMBER 19: Algerian President Abdelmadjid Tebboune is seen prior to his swearing-in ceremony in Algiers, Algeria on December 19, 2019.
الرئيس تبون خلال أدائه القسم الشهر الماضي (الأناضول)

عبد الحكيم حذاقة-الجزائر

أفرج الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن التشكيلة النهائية للحكومة التي ضمت 39 عضوا بقيادة عبد العزيز جراد، بين وزراء وكتّاب دولة (وكلاء وزارات) ووزراء منتدبين.

وعرفت هيكلة الطاقم الوزاري بعث دوائر وزارية قديمة وإنشاء أخرى جديدة في صورة وزارات منتدبة لتفعيل الأداء الحكومي بقطاعات مستهدفة، على غرار الفلاحة والبيئة الصحراويتين، التجارة الخارجية، الصناعة الصيدلانية، الصناعة السينمائية والإنتاج الثقافي.

وكان اللافت في تركيبة الحكومة حجب حقيبة نائب وزير الدفاع الوطني، والتي حملها خلال السنوات الأخيرة الراحل الفريق أحمد قايد صالح، وقبله شغل اللواء عبد المالك قنايزية منصب وزير منتدب لدى وزير الدفاع الوطني، وهي الحقائب التي استحدثها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة منذ مرضه الأول عام 2005.

وبذلك، يحتفظ تبون بكامل صلاحيات وزير الدفاع وفق ما يخوله الدستور، وكان من اللافت تسمية البطل الأولمبي نور الدين مرسلي وزيرا منتدبا لرياضة النخبة.

كما عرف فريق جرّاد بقاء سبعة وزراء من حكومة تصريف الأعمال بمواقعهم الوزارية، وأغلبهم يشغلون وزارات سيادية، مثل الخارجية والداخلية والعدل والطاقة، ناهيك عن عودة أربعة قدامى للمشهد الحكومي.

ولم تعبّر كافة الأحزاب الكبرى، من الموالاة السابقة أو المعارضة، عن مواقفها من التشكيل الوزاري، فهي تبدو متفاجئة بتجاوز الرئيس لها، حسب مراقبين.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وبين رواد الحراك الشعبي، تباينت ردود الفعل، وإن جاءت في معظمها ناقدة للطاقم الجديد وغير مطمئنة لنجاحه.

ترضيات ومكافآت
ودون الكاتب المعروف نجيب بلحيمر على صفحته بفيسبوك "عندما تكون قاعدة التعيين هي الولاء، يشكل النظام المنتهي الصلاحية حكومة مكافآت بدل حكومة كفاءات".

بدوره علق الصحفي محمد سيدمو بأنّ "ثلاثة وزراء عينهم السعيد بوتفليقة في حكومة ما قبل الاستقالة ما يزالون يحتفظون بحقائبهم".

وتساءل حكيم فراطسة "لماذا يُحتفظ بوزارة المجاهدين بعد ستين سنة من الاستقلال؟ أليس هذا هدرا للمال العام؟".

مظاهرات متعددة تطالب برحيل نظام بوتفليقة ومحاربة الفساد (الجزيرة)
مظاهرات متعددة تطالب برحيل نظام بوتفليقة ومحاربة الفساد (الجزيرة)

وغرّد المؤرخ حسين بوبيدي بالقول "في الجزائر فقط عندما تعارض الانتخابات وتندد بمسار الرسكلة وتعلن رفضك لمسار السلطة السياسي فقد تكون خاتمتك وزيرا" في إشارة إلى أن الحكومة حوت أسماء محسوبة على قطاع الحراك المعارض لانتخاب الرئيس تبّون من الأساس.

ولذلك اعتبر البرلماني السابق لخضر رابحي أنها "حكومة ترضيات، لا لون ولا طعم ولا رائحة، تدلّ على ضيق الأفق واضطراب في الرؤية، وأوّل مؤشّر لأزمتها كثرة عدد وزرائها، ومحاولات التغطية الجهوية لعناصرها، والتمسك الشكلي بحضور الشباب".

نخبة كفاءات
من جهة أخرى، وصف الشاب محفوظ آل نحناح تشكيلة الحكومة بأنها "متوازنة نوعا ما، بوجوه قديمة بائسة، وأخرى ضمن صفقات سياسية، مع كفاءات وطاقات شبانية".

وذهب المدوّن حسين لوني إلى اعتبارها "حكومة كفاءات" فالوزراء كلهم "نخب وذوو شهادات" على مختلف مشاربهم وتياراتهم، بوزارات جديدة حديثة "مواكبة للعصر". وقال في تغريدة "أراها انطلاقة نحو الدولة المدنية الأقرب إلى النموذج التركي".

من جهته، قال فيصل عثمان عضو الأمانة الوطنية لحركة عزم إنّ هيئته لا تعلّق على تشكيلة الحكومة ولا أسماء الوزراء، موضّحا أنّ "الأحكام والمواقف تبنى على رؤية عزم لبرنامج عمل الحكومة وللسياسات التي ستنتهجها فقط".

وأضاف أنّ للرئيس المنتخب الحقّ في اختيار طاقمه التنفيذي بما يضمنه دستور البلاد "ولحركته كلّ الحق في نقد مخرجات الحكومة وتقويم انحرافاتها لمّا تباشر مهامّها، فلا طائل من وراء التعليق على أسماء الطاقم الوزاري، لأنّ العبرة بالسياسات والممارسات".

ظرف استعجالي
وبخصوص قراءة التشكيلة وخلفيات انتقائها في السياق الراهن، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر عبد الرزاق صاغور أنّ "تعيين الحكومة تمّ في ظرف استعجالي أدى إلى الإبقاء على الوزراء الذين يشغلون وزارات سيادية وعودة آخرين قدامى".

وعن مدى قدرة الحكومة على الاستجابة للتحديات القائمة، أوضح للجزيرة نت أنّ "التحدي الاقتصادي متضمن في برنامج رئيس الجمهورية، وهو محاربة الفساد وتضخيم الفواتير، مما يمّكن الميزانية من الاستفادة من مبلغ لا بأس به".

وتوقع أن تكون حكومة مرحلة مؤقتة حتى تعديل الدستور وانتخاب برلمان جديد.

‪قصر المرادية مقر رئيس الجمهورية‬ (الجزيرة)
‪قصر المرادية مقر رئيس الجمهورية‬ (الجزيرة)

من جهته، فسّر بوبكر جيملي أستاذ علم الإعلام بجامعة قسنطينة تغييب الشخصيات الحزبية بمحاولة متعمدة لتقديم حكومة لا سياسية، وقد يكون المقصود احتفاظ الرئيس بالدور السياسي، وقيامها بالمهام التقنية المدعمة، إضافة إلى فتح حوارات جزئية قطاعية، وهي مهام تتطلب نوعا من الحياد الحزبي والسياسي، وفق تعبيره.

وأضاف "الحراك قد أثر كثيرا في الخريطة الحزبية، وفي الوزن الشعبي لبعض الأحزاب، ولا بدّ من انتخابات جديدة للكشف عن الأوزان الجديدة في الساحة السياسية".

التطبيع السياسي
وقال جيملي إنّ أولوية الرئيس الجديد يغلب عليها الطابع السياسي، لذلك ستشتغل الحكومة وتنشغل بكيفية تحقيق التطبيع السياسي والاجتماعي، عن طريق العمل على إنجاح الحوار الذي يمكن أن تباشره الرئاسة مع الفعاليات السياسية وقوى الحراك الشعبي.

وأكد أنّ الحكومة ستجد نفسها وجها لوجه مع الملفات القديمة، وستعكف على ترقيع بعضها للتقليل من الخسائر، وكذا تهدئة الشركاء الاجتماعيين في كافة القطاعات.

وتوقّع أستاذ الإعلام أن تحظى عملية الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد في مفاصل الدولة باهتمام بالغ من طرف الفريق الوزاري.

ومن بين العوامل المساعدة للحكومة على إنجاح مهمتها أنها تتشكل في غالبيتها من عناصر جديدة ومحايدة ما يجعلها -وفق جيملي- على مسافة واحدة من جميع الأطراف والتيارات.

واختتم الأستاذ في جامعة قسنطينة بالملف الاقتصادي، فهو رهين رؤية اقتصادية جديدة تصعب بلورتها في هذه الظروف، حسب تقديره.

المصدر : الجزيرة