بعد سقوط معرة النعمان.. أي خيارات للمعارضة المسلحة؟

بفعل القصف السوري الروسي.. معرة النعمان تتحول إلى مدينة أشباح
مشهد من الجو لإحدى المناطق بمدينة معرة النعمان (الجزيرة)

شكل سقوط مدينة معرة النعمان، كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي شمالي سوريا، في يد النظام السوري وروسيا نكسة جديدة للمعارضة السورية على الصعيدين العسكري والسياسي.

وتعتبر المدينة أحد أبرز معاقل الثورة السورية منذ بدايتها، إذ تمثل عمقا إستراتيجيا في مناطق سيطرة المعارضة، كما تعتبر بوابة وعقدة ربط بين محافظات إدلب شمالا وحلب شرقا واللاذقية غربا.

وتكمن أهمية المدينة، وفقا الكاتب والصحفي فراس فحام، في أنها تقع على الطريق الدولي بين العاصمة دمشق والعاصمة الاقتصادية حلب، معتبرا أن السيطرة عليها قد تفتح المجال لنظام بشار الأسد للسيطرة على مدن كبرى أخرى كسراقب وأريحا وجسر الشغور.

ويقول فحام للجزيرة نت إن خسارة معرة النعمان تعني أزمة إنسانية كبيرة، لأنها تحوي خزانا بشريا مناهضا للنظام السوري، كما أنها من أكبر المدن المعارضة وحاضنة شعبية أساسية للثوار السوريين وتحوي أكثر من 200 ألف إنسان.

خيارات المعارضة
وحسب مراقبين، فقد باتت خيارات فصائل المعارضة المسلحة، بعد سقوط معرّة النعمان، تقتصر على تعزيز قدراتها الدفاعية أكثر من البحث عن خيارات هجومية، خصوصا إذا ما استمرّ موقف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قائما فقط على الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على روسيا، دون إجراءات عسكرية تعزز من صمود المعارضة المسلحة.

وفي السياق، يؤكد الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير النقيب ناجي مصطفى من غربي حلب للجزيرة نت أن خسارة معرة النعمان هي صدمة كبيرة ونكسة للمعارضة، إلا أن الأخيرة ستستمر في مواجهة الترسانة العسكرية الروسية والإيرانية وقوات الأسد على أكثر من جبهة.

من جهته، يقول الكاتب والباحث السياسي في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي إن فصائل المعارضة تتجه إلى تكثيف الاعتماد على آليات استنزاف النظام السوري عبر أساليب القتال والتحصينات والمواجهات وغير ذلك، في ظل عجزها عن إيقاف التوغل البري ومواجهة الكثافة النارية الهائلة والعنيفة التي توفرها روسيا.

ويضيف عاصي في حديثه للجزيرة أن احتمال تخلي تركيا عن مسار أستانا الذي لوّح به الرئيس رجب طيب أردوغان قد يفتح مجالا محدودا أمام فصائل المعارضة للمناورة هجوميا، لكن ذلك أيضا يحتاج إلى جرأة في اتخاذ القرار لا سيما من الجيش الوطني العامل في منطقة عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات.

خيبة كبيرة
ويشعر النازحون والسوريين في محافظة إدلب وأريافها وريف حلب بخيبة أمل تجاه الموقف التركي الفعلي خاصة والدولي عامة مع تعرض النقاط التركية للقصف والاستهداف المباشر من النظام السوري، في وقت تكتفي فيه أنقرة بمجرد الرد الإعلامي.

‪آلاف المدنيين نرحوا من إدلب هربا من المواجهات‬ (الجزيرة)
‪آلاف المدنيين نرحوا من إدلب هربا من المواجهات‬ (الجزيرة)

وتصاعدت هذه الخيبة مع نزوح عشرات الآلاف باتجاه الحدود التركية وسط حالة نفسية من الخوف والقلق، وفق ما صرح به للجزيرة نت مدير فريق منسقي "استجابة سوريا" محمد حلاج.

ويشير حلاج إلى أن توجه النازحين يكون نحو محاور عدة باتجاه القرى الآمنة نسبيا نحو الحدود السورية التركية، وصوب الحدود والمخيمات الحدودية ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون، لكن تبقى المشكلة الكبرى في تأمين احتياجات أكثر من 77 ألف مدني.

ولا تكمن آثار خسارة معرة النعمان فقط في النزوح الهائل للسكان فقط، بل فتحت بابا من التساؤلات أمام المدنيين في محافظة إدلب وريف حلب.

وتساءل البعض هل ما يحصل حاليا من المعارك والتقدم الواسع المدعوم روسيا من البر والجو له حدود متفق عليها مع تركيا؟ أم إن روسيا تسعى لاستكمال السيطرة على كافة الأراضي السورية لتضعها تحت سيطرة نظام الأسد وحلفائه؟

المصدر : الجزيرة