"خيانة لإسطنبول" و"اهتم بشؤون البلدية".. تلاسن بين أردوغان وأكرم أوغلو

كومبو يجمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو
طول القناة العملاقة يبلغ نحو 45 كيلومترا بعرض 150-400 متر وبعمق 20-25 مترا (مواقع التواصل)

خليل مبروك-إسطنبول

تحوّل مشروع قناة إسطنبول المائية المطروح منذ 9 سنوات إلى مادة خلاف حاد وصل حد التلاسن وتبادل الاتهامات المتجدد بين الحكومة والمعارضة في تركيا.

ففي حين جدد رئيس بلدية إسطنبول الكبرى هجومه على المشروع واصفا إياه بـ"التبذير غير المبرر"، رد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعوة أكرم إمام أوغلو إلى "الاهتمام بشؤونه بعيدا عن المشروع".

وبينما وصف أوغلو المشروع بأنه "خيانة لإسطنبول" وسيقلب المدينة رأسا على عقب، رد عليه أردوغان بالقول إن الدولة التركية هي الجهة المعنية بالمشروع، وإن مسؤولية المؤسسات هي دعم الحكومة في قرارتها، مهددا بمحاسبة "من يتوانى في أداء مهامه".

وترفض المعارضة التركية بشدة مشروع القناة الموازية، ويقدم إمام أوغلو 15 سببا يراها وجيهةً لإلغاء المشروع.

فما هي؟
يقول رئيس البلدية إن من بين أبرز التأثيرات السلبية المتوقعة للمشروع هي مخزون المياه الجوفي، وخلط مياه البحر المالحة بمياه بحيرة "تيركوس" التي توفر ماء الشرب لجزء كبير من سكان الشطر الأوروبي من المدينة.

وذهب إمام أوغلو إلى أن شق القناة يمكن أن يعرض إسطنبول للجفاف المائي وللانهيارات والزلازل، فضلا عن اعتباره سببا جديداً لفرض المزيد من الضرائب ورفع تكلفة الخدمات التي تقدمها البلدية.

كما أشار في تصريح له إلى أن شق القناة ينتهك 7 اتفاقات دولية أهمها اتفاقية مونتيرو الموقعة عام 1936 في سويسرا.

استدعاء للسياسة
هيمنت قضية القناة الموازية على اجتماع بلدية إسطنبول الكبرى لشهر ديسمبر/كانون الأول الماضي والذي أظهر عمق الخلاف حول المشروع بين إمام أوغلو وأعضاء مجلس البلدية الكبرى الذي يتكون من 315 عضوا، بينهم 180 من حزب العدالة والتنمية و135 من حزب الشعب الجمهوري.

ويرفض حزب العدالة والتنمية مبررات رئيس البلدية المعارضة للمشروع، ويشير إلى أن أكرم إمام أوغلو يستدعي خلفيته الحزبية في مواقفه التي يفترض أنها تمثل مؤسسة خدمية لا سياسية هي البلدية.

من جانبه، قال الناشط في حزب العدالة والتنمية بمنطقة سليفري غربي إسطنبول فؤاد يتكين إن حزب الشعب الجمهوري سبق أن عارض مشاريع أردوغان الكبرى كقطار مرماراي الذي يمر من قاع مضيق البوسفور، ونفق أوراسيا العملاق، اللذين يربطان الجزء الآسيوي بالأوروبي لإسطنبول، كما عارض بطريقة شرسة المطار الجديد الذي افتتح في إسطنبول قبل أكثر من عام.

وقال يتكين للجزيرة نت "سمع الشعب التركي حول كل واحد من تلك المشاريع إشاعات تصل حد الخرافة مثلما تتم محاولة ترويجه اليوم من ادعاءات عن أضرار لقناة إسطنبول".

ووفقا ليتكين، فإن الآلة الدعائية لإمام أوغلو وظفت مخاوف المجتمع التركي من قضايا مخيفة كالزلازل، واستخدمت عصا الترهيب بالضرائب في "حرب السمعة" التي تحاول عبرها إيقاف مشروع القناة الموازية.

وخلال السنوات السابقة، اتهمت الحكومة التركية حزب الشعب الجمهوري بالتواطؤ مع دول خارجية عبر تأجيج مظاهرات حديقة "غيري بارك" في إسطنبول عام 2013 لإسقاط حكومة أردوغان قبل تنفيذها مشروع مطار إسطنبول الثالث.

المشروع العملاق
وليلة رأس العام 2020، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزم بلاده على شق القناة الواصلة بين البحر الأسود وبحر مرمرة بموازاة مضيق البوسفور.

ويبلغ طول القناة العملاقة نحو 45 كيلومترا بعرض 150-400 متر وبعمق 20-25 مترا، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة تنفيذها قرابة 16 مليار دولار، تشمل إقامة 6 جسور وطرق وأقنية جانبية وحدائق ومشاريع أخرى مرتبطة بها.

وقد أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فكرة القناة حين كان رئيسا للوزراء في العام 2011، لكن إنجاز أعمال التنقيب في مسار المشروع تأخر إلى العام 2018.

وتقول الحكومة التركية إن القناة ستعوض خلال بضعة أعوام كافة النفقات التي تم دفعها في إنشائها، وستخفف الضغط على مضيق البوسفور، وتقلل من الأضرار التي تنبعث من السفن الناقلة للمواد الخطيرة عبره، فضلا عن أنها ستجلب مساحات خضراء جديدة إلى المدينة.

ووفقا لبيانات رسمية تركية، فإن نحو 40 إلى 42 ألف سفينة تعبر مضيق البوسفور سنويا، رغم أن طاقاته الاستيعابية تبلغ 25 ألف سفينة سنويا فقط، الأمر الذي يتطلب من بعض السفن الانتظار لمدة أسبوع تقريبًا.

المصدر : الجزيرة