لاريبوبليكا: المحققون الإيطاليون غاضبون من نظرائهم المصريين بسبب قضية ريجيني

الطالب الإيطالي الذي وجد مقتولا في مصر جوليو ريجيني.jpg
الطالب الإيطالي الذي وُجد مقتولا في مصر جوليو ريجيني (رويترز)

تحت عنوان "المحققون الإيطاليون غاضبون من نظرائهم المصريين بعد فشل لقائهم الجديد حول قضية ريجيني"؛ نشر الصحفيان كارلو بونينو وجوليانو فوسكيني في صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية مقالا حول اللقاء الأخير الذي جمع المحققين الإيطاليين ونظرائهم المصريين في القاهرة، والذي لم يُسفر عن أي شيء جديد يُذكر، الأمر الذي أثار غضب الجانب الإيطالي، معتبرا ذلك محاولة جديدة للمماطلة والتسويف بهدف تمييع القضية.

واستهل الصحفيان مقالهما بالقول: قبيل مغادرة المحققين الإيطاليين إلى مصر لم يكن من بين كافة أعضاء فريقنا الأمني الذي تابع قضية مقتل ريجيني منذ بداياتها عنصر أمني واحد متوهم بالحصول على شيء ملموس من تلك الزيارة، لدرجة أن المدعي العام في روما (سيرجو كولايوكو) قرر عدم السفر للمشاركة في ذلك اللقاء، وكان للأسف محقا.

وأوضحا أن القمة التي تمت في القاهرة حول ريجيني بين فريقنا الأمني والفريق المصري الجديد الذي تولى مهامه منذ سبتمبر/أيلول الماضي برئاسة النائب العام حمادة الصاوي؛ كانت غير مفيدة على الإطلاق.

يذكر أن هذين الصحفيين كانا أول من أعدّ خلال السنوات الماضية العديد من التقارير الاستقصائية "من عين المكان" حول ملابسات عملية اختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، فضلا عن تسليطهما الضوء في إيطاليا على عمليات الاختفاءات القسرية في مصر، والمعتقلات السرية التي يستخدمها عناصر جهاز الأمن الوطني للتحقيق وتعذيب الناشطين المصريين.

وعلّل بونينو وفوسكيني ذلك بأنه بعد مرور عامين على تسليم المدعي العام في روما للقاهرة مذكرة توثّق مسؤولية ما لا يقل عن خمسة من كبار الضباط في جهاز الأمن الوطني المصري (أمن الدولة سابقا)، ومرور أكثر بقليل من السنة على تسجيل النيابة في روما أسماء وألقاب هؤلاء الضباط المتورطين في سجل المشتبه بهم بارتكاب جريمة الاختطاف والقتل المتعمد، وسبعة أشهر (في نهاية أبريل/نيسان الماضي) على إرسال نيابة روما لنظيرتها في القاهرة آخر إنابة قضائية (بقيت للأسف حتى الآن حبرا على ورق)؛ يطلّ علينا نظام السيسي برأسه، بعد 13 شهرا من الصمت المطبق ليؤكد لنا من جديد أن القاهرة معنية جدا "بتطوير التعاون القضائي بين البلدين".

وشدد هذا النظام في مذكرة مكتوبة على أن ذلك قد تطلب تعيين فريق تحقيق جديد يعمل حاليا على دراسة وترتيب وثائق ومستندات القضية للمضي قدما بالتحقيقات اللازمة للكشف عن الحقيقة بحياد واستقلالية تامة.

ليس هذا فقط، بل وجد نظام السيسي الوقت "والوقاحة" لازدراء و"توبيخ" بعض وسائل الإعلام والصحافة بدعوى أنها "منحازة". وتساءل بونينو وفيسكيني عمن يقصد النظام؟ ليجيبا بأن المنطق يقول: الإيطالية والعالمية وقليل من الأصوات الحرة التي بقيت في مصر بعد انتهاج النظام حملة تكميم أفواه شرسة.

ولفت الكاتبان إلى القول المأثور "المكتوب يُقرأ من عنوانه" لدحض تأكيد نظام السيسي على اهتمامه بتطوير التعاون القضائي بين البلدين، حيث أوضحا أن المحققين في نيابة القاهرة لم يقدموا لزملائهم الإيطاليين خلال لقاءاتهم التي استمرت يومين قصاصة ورق واحدة بشأن التحقيقات، فضلا عن تجاهلهم تحديد موعد أخير منطقي للإجابة على 12 سؤالا التي وجهتها نيابة روما في إنابتها القضائية الأخيرة لنظيرتها المصرية.

وعلق الكاتبان على ذلك بالقول: باختصار إن ما صدر عن المحققين المصريين كان مجرد ثرثرة، لا بل ربما أسوأ من ذلك بكثير، لا سيما أن ما تملق به هؤلاء كان يعني واقعيا "عملية تصفير" لعمل المحققين خلال السنوات الأربع الماضية، كما لو أن خطوة تسلم النائب العام الجديد ملف قضية ريجيني ينبغي أو يمكن أن تعني ابتداء التحقيقات من الصفر.

هذا هو المشهد السريالي الذي واجهه محققونا في القاهرة، حيث اضطروا مرارا إلى تكرار ما يعرفه النظام المصري خير المعرفة منذ عامين لمحاوريهم الجدد.

وخلص الكاتبان إلى القول: حتى اليوم فإن العبارة التي نشرتها باولا (والدة ريجيني)، على موقع فيسبوك في 15 يناير/كانون الثاني بعد انتهاء لقاءات القاهرة، كانت شافية وشفافة حين قالت: "عزيزي جوليو، كان من المفترض اليوم أن تُكمل 32 ربيعا، لكن للأسف هناك أشخاص لا يحترمون حياة الآخرين ولا حتى حقوق الإنسان وأنت تعرف ذلك جيدا".

المصدر : الصحافة الإيطالية