انتخابات ثالثة بإسرائيل.. تحالفات محورها حصانة وفساد نتنياهو

تحالف ر اليسار الصهيوني بقائمة واحدة برئاسة عمير بيرتس رئيس حزب العمل (تصوير الطاقم الإعلامي
تحالف اليسار الصهيوني بقائمة واحدة برئاسة عمير بيرتس رئيس حزب العمل (الجزيرة)

محمد محسن وتد-لقدس المحتلة

تعكس توجهات وتحالفات الأحزاب الإسرائيلية قبل انتخابات الكنيست الـ23، حالة الانقسام في إسرائيل، التي كرسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ويخوض نتنياهو صراعا على مستقبله السياسي، إذ يسعى لتعزيز فرصه لتشكيل الحكومة المقبلة وضمان الحصانة لمواجهة ملفات الفساد أمام المحاكم الإسرائيلية.

وقدمت ثلاثون قائمة إلى لجنة الانتخابات المركزية أوراقها للتنافس في انتخابات الكنيست التي ستجري في الثاني من مارس/آذار المقبل، وهي الانتخابات البرلمانية الثالثة التي تجرى بإسرائيل في أقل من عام، حيث حالت ملفات فساد نتنياهو دون تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد انتخابات أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول 2019.

وأظهرت استطلاعات للرأي العام الإسرائيلي أعدتها مراكز أبحاث لوسائل إعلام إسرائيلية، أن التحالفات التي أجريت بين الأحزاب والحركات، عدا عن كونها قد تضمن للأحزاب الصغيرة تجاوز نسبة الحسم، إلا أنها لن تحدث تغييرا جوهريا في توزيع المقاعد بين الأحزاب.

وبدت النتائج وقوة المعسكرات -وفقا للاستطلاعات- متقاربة لنتائج انتخابات سبتمبر/أيلول 2019، إذ سيحصل معسكر نتنياهو المتمثل بـ"كتلة اليمين" على 55 مقعدا، ومعسكر زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس 44 مقعدا، بينما القائمة المشتركة 13 مقعدا، وحزب إسرائيل بيتنا ثمانية مقاعد، ما يعني استمرار أزمة تشكيل الحكومة واحتمالات انتخابات رابعة.

‪حزب إسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان صاحب القول الفصل بتشكيل الحكومة المستقبلية‬ (الجزيرة)
‪حزب إسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان صاحب القول الفصل بتشكيل الحكومة المستقبلية‬ (الجزيرة)

ووفقا للاستطلاع الذي أجراه معهد "ميدغام"، فإن التحالفات سواء باليسار أو اليمين، لن تسهم في إحداث تأثير جدي على قوة المعسكرات السياسية، فيما يجد نتنياهو صعوبة في إمكانية تشكيل حكومة تعتمد على "كتلة اليمين" والتحالف الديني المتطرف، بحيث لن يتمكن من الحصول على دعم 61 من أعضاء الكنيست.

تحالفات ومعسكرات
ورغم أن الحديث يدور حول انتخابات ثالثة، فإن مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس"، حايم ليفنسون، يقول إن الأحزاب الإسرائيلية شهدت تغييرات كثيرة في تركيبتها القيادية والتنظيمية وتحالفاتها لأغراض انتخابية خوفا من عدم عبور نسبة الحسم أو من أجل تدعيم معسكر اليمين الشعبوي برئاسة نتنياهو أو معسكر اليمين التقليدي بزعامة غانتس، ببعض المقاعد التي من شأنها أن تحدد هوية الشخص الذي سيشكل الحكومة.

وكما اللحظات الأخيرة المثيرة والمفاجئة التي رافقت عملية تقديم القوائم، على ما يبدو، يرجح ليفنسون أن الانتخابات المقبلة، سترافقها مشاهد وتغييرات قد تكون دراماتيكية خصوصا بعد التحالف بين أحزاب "اليسار الصهيوني" (عشرة مقاعد)، ممثلة بحزب العمل -مؤسس الدولة العبرية المهددة بالاختفاء عن الخارطة السياسية-، وحزب ميرتس اليساري وكتلة "جيشر" التي انشقت عن معسكر اليمين التقليدي بحثا عن تمثيل بالكنيست.

‪وزير الدفاع نفتالي بينت وسط الصورة يراهن على تعزيز قوة
‪وزير الدفاع نفتالي بينت وسط الصورة يراهن على تعزيز قوة "الصهيونية الدينية"‬  (الجزيرة)

ويعتقد أن "اليسار الصهيوني" يعول على تحالفه لتحفيز الإسرائيليين للخروج إلى صناديق الاقتراع والتصويت له، ليتسنى تعزيز فرص تحالف "أزرق أبيض"(33 مقعدا)، لتشكيل حكومة وطنية ليبرالية، مع حزب "إسرائيل بيتنا" (ثمانية مقاعد)، برئاسة أفيغدور ليبرمان، الذي سيبقى صاحب القول الفصل حول هوية وملامح الحكومة المستقبلية، علما أنه أعلن عن تطلعه لتشكيل ائتلاف إسرائيلي، يستثني القائمة العربية المشتركة (13 مقعدا).

فساد وحصانة
في المقابل، يراهن نتنياهو رئيس حزب الليكود (32 مقعدا) على الحفاظ على تماسك كتلة اليمين (55 مقعدا) وضمان استمرار دعم أحزاب الحريديين (شاس بثمانية  مقاعد) و(يهدوت هتوراة بثمانية مقاعد) له، ساعيا لتعزيز عدد مقاعد الكتلة من خلال تثبيت التحالفات، ليتمكن من تشكيل حكومة يمين متطرف ضيقة، وتحصين ذاته من تهم الفساد والمسار القضائي، بحسب الحاخام "إلياهو كوفمان" المحسوب على تيار "الحريديم".

وأوضح الحاخام كوفمان للجزيرة نت أن انتخابات مارس/آذار المقبل، تتمحور فقط حول شخص وفساد نتنياهو، وذلك على الرغم من الصراعات الداخلية حول التعددية السياسية والعرقية والثقافية والدينية والعلمانية، مع تكريس العنصرية ضد فلسطينيي 48 باستثنائهم من أي حكومة مستقبلية سواء من قبل نتنياهو وغانتس أو حتى ليبرمان الذي يريد حكومة إسرائيلية تستثني حتى أحزاب الحريديين.

ولا يختلف الوضع كثيرا في معسكر "الصهيونية الدينية" (سبعة مقاعد)، الداعم للمشروع الاستيطاني بكل فلسطين التاريخية ويقول كوفمان، "إذا اضطر قادة هذا المعسكر وبضغط من نتنياهو الدخول بتحالف انتخابي بقائمة واحدة بدلا من قائمتين، وذلك لضمان تجاوز نسبة الحسم وخسارة أصوات اليمين والرهان على زيادة المقاعد لتمكين نتنياهو من تشكيل حكومة ضيقة".

ولفت إلى أن نتنياهو دأب على إحداث اصطفاف بمعسكر اليمين من أجل البقاء بالسلطة والتهرب من المحاكمة، فيما تسبب بنهجه في تعزيز الشرخ بالمجتمع اليهودي، وزرع بذور الصراعات المؤجلة بكل ما يتعلق بالدين والدولة والإكراه الديني والعلمانية، وهي الملامح التي ستنعكس على نتائج الانتخابات المقبلة.

‪النواب العرب عن المشتركة خلال تقديم القائمة للجنة الانتخابات المركزية بالكنيست‬ (الجزيرة)
‪النواب العرب عن المشتركة خلال تقديم القائمة للجنة الانتخابات المركزية بالكنيست‬ (الجزيرة)

ويضم معسكر "الصهيونية الدينية"، أحزاب "اليمين الجديد" برئاسة وزير الدفاع نفتالي بينت، و"الاتحاد القومي" برئاسة وزير المواصلات، بتسلئيل سموتريتش، وحزب "البيت اليهودي"، بقيادة وزير المعارف، رافي بيرتس، الذي فك التحالف حركة "عوتسماه يهوديت"، بقيادة المحامي أيتمار بن غفير، حيث تعد حركته امتدادا لطرح الحاخام المتطرف مئير كهانا الذي يدعو لتهجير الفلسطينيين وقتلهم.

خلافات وأزمات
في الجانب العربي، يقول النائب عن حزب التجمع الوطني في القائمة المشتركة إمطانس شحادة، إن "الصراعات هي بين معسكر يمين شعبوي يبيح ويجيز كل شيء للبقاء بالحكم وبين معسكر يمين تقليدي يروج لأسس الديمقراطية والتحذير من الفساد على مفاصل الحكم، فيما لا تباين أو خلافات بين المعسكرين من فلسطينيي 48 والقضية الفلسطينية والملفات الإقليمية".

وأوضح شحادة في حديثه للجزيرة نت، أن إسرائيل وخلال عام من الانتخابات تعيش حالة من الشلل في جميع المجالات والشؤون والقضايا الداخلية على وجه الخصوص، وقد تتفاقم هذه الأزمات على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، في حال بقيت قوة المعسكرات متقاربة وبقي نتنياهو متمسكا بالكرسي، ما يعني احتمال استمرار أزمة تشكيل الحكومة بعد حسم الانتخابات الثالثة.

ووسط هذه الظروف والصراعات في المجتمع الإسرائيلي على هوية شخص رئيس الحكومة، يرى شحادة ضرورة وحدة الصف بأوساط فلسطينيي 48 من خلال تعزيز التمثيل العربي بالكنيست باعتبار ذلك ساحة للنضال الحقوقي والسياسي، ولكنه يشدد على ضرورة إعادة بناء الفعاليات والأحزاب والحركات وبناء مشروع وطني وقومي تحت مظلة قيادية موحدة للجنة المتابعة العربية تضم أيضا الفعاليات التي تقاطع انتخابات الكنيست.

المصدر : الجزيرة