باحث ألماني: دون قوة تضبط حفتر.. مستقبل ليبيا على كف عفريت

Libyan military commander Khalifa Haftar walks with Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi at the Presidential Palace in Cairo, Egypt April 14, 2019 in this handout picture courtesy of the Egyptian Presidency. The Egyptian Presidency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY.
مصر إحدى الدول التي لا تخفي دعمها لحفتر ومشروعه
أي شخص ينضم إلى اللواء المتقاعد حفتر اليوم يواجه التهميش أو السجن، إن لم يقتل بمجرد وقوع السلطة في يد هذا اللواء الذي لا يخفي ميوله الجارفة لتوطيد ديكتاتورية في ليبيا، نعم فذلك ما تؤكده طرائقه في التخلص من حلفائه منذ عام 2014، بقتلهم أو سجنهم أو إجبارهم على المنفى.
 
إلى هذه الخلاصة توصل الباحث ولفرام لاخر، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، في حوار مع رشيدة عزوزي، قال فيه إن الروس جربوا أن دعمهم العسكري لحفتر لا يمنحهم سوى تأثير نسبي، لما لديه من مصادر الدعم الخارجي الأخرى، وخاصة من الإمارات ومصر اللتين تريان بعيون سلبية الصفقة -التي تقودها روسيا وتركيا- بسبب عدائهما للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال "ميديا بارت" الفرنسي -الذي ينشر هذا الحوار- إن حفتر غادر موسكو يوم الاثنين دون توقيع اتفاق وقف النار الذي كان وافق عليه من قبل، رغم توقيع رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج عليه دون شروط.

وتساءل الموقع عن أسباب مغادرة حفتر، هل لأنه بهذا الاتفاق يكون قد تعهد بالتخلي عن غزوه لطرابلس، وبالتالي عن مركز السلطة، أم إنه غادر تحت ضغط مؤيديه الأجانب الكثيرين المباشرين وغير المباشرين، أم إن هناك أسبابا أخرى تتعلق بهذا الملف المعقد الذي تشارك فيه أكثر من عشرين دولة أجنبية "لغرض وحيد هو خدمة مصالحها الخاصة" كما يقول الباحث حسني عبيدي.

نهاية مؤتمر برلين

ورأى الباحث الألماني أن خروج حفتر من اتفاق موسكو -بالطريقة التي تم بها- يخلف سؤالين هامين: هل وقف إطلاق النار قد انهار؟ وهل ستحسب روسيا دعمها لحفتر للضغط عليه؟
 
وأوضح أن المؤتمر الدولي حول ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة في برلين المقرر في 19 يناير/كانون الثاني مهدد بالفشل، خاصة بعد قول تركيا إن مؤتمر برلين لا معنى له إذا لم يكن حفتر مستعدا لوقف النار، لأنه لن يوفر فرصة واقعية لإيجاد مخرج من الأزمة.
 
فحفتر -الذي يخوض حربا أهلية من أجل الاستيلاء على السلطة في طرابلس بالقوة- يتمتع بدعم عسكري وسياسي دولي مهم للغاية، من الإمارات وروسيا ومصر وفرنسا والسعودية، وأن الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأخرى ليست مستعدة لمعارضة هذا المعسكر.
 
وفي المقابل، لا يدعم حكومة الوفاق (المعترف بها من قبل الأمم المتحدة) عسكريا سوى تركيا، كما تدعمها قطر سياسيا، حسب الخبير الألماني الذي أشار إلى نفاق ظاهر في مواقف كثير من الدول التي تعترف بحكومة ليبيا وفي نفس الوقت تدعم حفتر.
 
وأوضح الباحث أن هناك دعما من وراء الستار لحفتر منذ سنوات من قبل مصر والإمارات وفرنسا، وأن الجميع يعرف ذلك، ولكن لا أحد يتحدث عنه، في حين تعرضت المشاركة التركية لانتقادات شديدة، لا سيما من جانب الدول الأوروبية.
 
وخلص إلى أن إلقاء اللوم على تدخل الأتراك نفاق كبير، خاصة عندما يكون من المعروف أن هذه الحرب برمتها أصبحت ممكنة بفضل الدعم الذي قدمته لحفتر القوى الأخرى المعنية، وهو دعم لا يشك فيه أحد على الإطلاق.
 
احتمال الحرب
وأشار الباحث إلى أن التدخل التركي يمكن أن يزيد من خطر التصعيد إذا ردت الدول التي تدعم حفتر بزيادة دعمها له، إلا أنه أيضا قد يكون حافزا لتحسن فرص التفاوض، إذا منع الأتراك حفتر من الاستيلاء على طرابلس.
 
ولأن الموقف لا يزال معقدا للغاية -حسب وصف الباحث- فإن احتمال استمرار الحرب قائم بمشاركة الجهات الخارجية، وتحت نظر أوروبا التي لا حول لها ولا قوة، خاصة أن روسيا قد لا تكون مستعدة لتهميش مصر والإمارات من أجل العمل مع تركيا.
 
وإدراكا من الباحث الألماني أن ميزان القوى في النهاية هو الحاسم، استعرض مكونات الجبهتين، موضحا أن قوة حفتر تأتي قبل كل شيء من دعمه الخارجي الكبير بمواد الحرب والأسلحة والتمويل والمرتزقة.
 
ومع أنه لا يمكن إنكار قاعدة اجتماعية معينة لدى حفتر، فإن معسكره يعتمد على العديد من شخصيات نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، ومجموعة من السلفيين المداخلة يبدو أن فرنسا ليست مرتاحة لوجودهم، كما أشار الموقع.
 
وفي المقابل، تعتمد الجبهة الأخرى على جماعات مسلحة محلية تنتمي إلى مدن مثل مصراتة والزاوية وطرابلس، أيد معظمها الثورة عام 2011 وقاتلت ضد القذافي، ولديها دعم تركي محدود حتى الآن.
 
وبين الفريقين هناك عدد غير قليل من المليشيات التي تغير ولاءها من حين إلى آخر، حيث انضمت مليشيات من المدخليين إلى حفتر في سرت مؤخرا، وهو ما كان متوقعا بسبب هويتها السلفية والقبلية. علما بأن الانضمام لحفتر ليس خيارا جذابا كما يقول الخبير.
 
تحالف انتهازي
وقبل أن يختم الحوار، نبه الباحث إلى أن الدعاية -التي تطورت حول النزاع الليبي والتي تصور أن هناك صراعا بين القوى العلمانية والإسلامية- ليست لها علاقة بالواقع على الأرض، حيث إن الجبهة التي تقاتل حفتر لديها عدد قليل جدا من الإسلاميين، في حين يعد المدخليون قوة مهمة في صفوف حفتر.
 
كما أن معسكر حفتر يضم مليشيات ترهونة (جنوب شرق طرابلس) التي قتلت أكثر من مئة شخص للسيطرة على ترهونة عام 2015، وهم أهم حليف لحفتر بالمنطقة الغربية.
 
وختم بأن حفتر ليس مثل القذافي الذي خدم معه قبل أن يقع بالأسر في تشاد وينضم لاحقا للمعارضة بالمنفى، مشيرا إلى أن التحالف بينه وبين أنصار القذافي انتهازي، حيث يرى العديد من القذافيين أنه خائن.
المصدر : ميديابارت