خطر متصاعد يستنفر فرنسا وحلفاءها.. تنظيم الدولة يتمدد بالساحل الأفريقي

Flag-draped soldiers, killed during an attack on the army camp on the Niger- Mali border, are displayed during their burial ceremony at military airport in Niamey, Niger, December 13, 2019. REUTERS/ Tagaza Djibo
نعوش تضم جثامين جنود من جيش النيجر قتلوا الشهر الماضي بهجوم على موقع عسكري قرب حدود مالي (رويترز)
أثارت هجمات تنظيم الدولة الإسلامية الأخيرة الدامية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو مخاوف من أن التنظيم تمدد في الساحل الأفريقي واتسع نفوذه بشكل خطير، وهو ما استدعى تحرك فرنسا التي اتخذت إجراءات تشمل تعزيز قواتها بالمنطقة المضطربة.
 
وبلغت الهجمات الأخيرة مستوى من العنف غير مسبوق مقارنة بالهجمات التي كانت تشنها مجموعات مرتبطة بتنظيم القاعدة.
 
وقد قتل نحو تسعين جنديا في الهجوم الأخير الذي استهدف الشهر الماضي معسكر "شينيغودار" في النيجر قرب الحدود مع مالي.
 
وقبل ذلك، لقي نفس المصير 71 جنديا من جيش النيجر، كما لقي مصرعه في هجمات سابقة عشرات العسكريين والمدنيين في مالي وبوركينا فاسو.

وتأسس تنظيم الدولة بمنطقة الصحراء عام 2015 على يد "عدنان أبو وليد الصحراوي" قبل أن يتم دمجه منتصف 2019 مع تنظيم الدولة غرب أفريقيا، الذي يضم أيضا فصيلا منشقا عن جماعة بوكو حرام في نيجيريا.

ورغم أن النواة الصلبة لهذا التنظيم بمنطقة الساحل الأفريقي لا تضم سوى بضع مئات -وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مطلعين- فإن الهجمات الدامية الأخيرة تشير وفق خبراء بالمنطقة إلى أن التنظيم بلغ مرحلة متقدمة من التنسيق، وبات يعتمد تكتيكات جديدة.

وتشكل هذا الوضع الجديد رغم كل العمليات التي تنفذها منذ عام 2013 قوة "برخان" الفرنسية المؤلفة من 4500 جندي، والتي تشكلت أساسا لمواجهة جماعات توصف بالجهادية سيطرت على شمال مالي عام 2012.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الباحث البوركيني محمود سافادوغو أنه منذ 2016 تصاعد نفوذ تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى.

وأشار سافادوغو إلى أن تنظيم الدولة سعى حتى عام 2018 للانتشار بالمنطقة الحدودية المشتركة بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، من خلال التجنيد والتمويل قبل أن تصبح قواته جاهزة عام 2019.

ووفق خبراء، يتحرك مقاتلو التنظيم بمنطقة تبلغ مساحتها مئتي كيلومتر، وتشير الهجمات الأخيرة إلى أنه بات يشكل تحديا أكبر ليس فقط لدول مجموعة الساحل الخمس (النيجر ومالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا) بل للمجموعة الدولية برمتها.

وبعد هزيمته في سوريا والعراق، كانت هناك تكهنات بأن تنظيم الدولة سيسعى لنقل مركز عملياته إلى شرق آسيا.

‪ماكرون والأفارقة في قمة
‪ماكرون والأفارقة في قمة "بو" أكدوا أولوية مكافحة تنظيم الدولة بمنطقة الساحل‬ (رويترز)

مواجهة التهديد
وفي مواجهة التهديد المتصاعد للتنظيم بمنطقة الساحل، استدعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة الدول الخمس المعنية إلى قمة عقدت الاثنين الماضي بمدينة بو جنوب غرب.

وفي وقت أعلن القادة الأفارقة الخمسة عن أملهم أن تواصل باريس انخراطها عسكريا بمنطقتهم، أعلن ماكرون إرسال 220 جنديا إضافيا لتعزيز قوة برخان، واتفق مع القادة الآخرين على تعزيز التعاون العسكري فيما بين الدول الست.

وقال الرئيس الفرنسي إن تنظيم الدولة بات العدو الأول، وإن مكافحته بمنطقة الساحل أولوية، وهو ما أكد عليه أيضا روش مارك كريستيان كابوري رئيس بوركينا فاسو.

وبالتوازي، أعرب ماكرون عن أمله في إقناع واشنطن بإبقاء قواتها في أفريقيا لمكافحة من يوصفون بالجهاديين، قائلا إن خروج الأميركيين من القارة سيكون نبأ سيئا.

وتأتي إشارته تلك بعد تصريح مسؤول عسكري أميركي بأن بلاده ربما تقلص عدد جنودها في أفريقيا.

ولأن هذا الاحتمال بات يقلق باريس، أعلنت وزيرة الدفاع فلورنس بارلي الأربعاء أنها ستسافر الأيام القادمة إلى واشنطن لمناقشة الدور العسكري للولايات المتحدة بمنطقة الساحل.

وبالإضافة إلى تعزيز قوة برخان الفرنسية، ينتظر أن يتم تشكيل قوة جديدة تحت مسمى "تاكوبا" تضم قوات خاصة من نحو عشر دول أوروبية لتعقب عناصر التنظيم بالمناطق الحدودية بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

‪فرنسون من قوة برخان خلال عملية تفتيش بلدة نداكي في مالي‬  (رويترز)
‪فرنسون من قوة برخان خلال عملية تفتيش بلدة نداكي في مالي‬ (رويترز)

هجمات نوعية
ووفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، فإن تنظيم الدولة بمنطقة الساحل اعتمد بالهجمات الدامية الأخيرة نفس أسلوب العمليات، حيث يهاجم العشرات من سائقي الدراجات النارية ثكنة عسكرية معزولة ويدمرون وسائل الاتصال فيها ويقصفونها بقذائف الهاون ويقتلون الجنود ثم يهربون إلى الأدغال قبل أن يتسنى للقوات المستهدفة الرد.

وقال مصدر عسكري فرنسي للوكالة إن تلك الهجمات تظهر أن تنظيم الدولة اكتسب مهارات في القيادة والتنسيق، وإن لديه قادة مجموعات قادرين على الإعداد لهجمات نوعية.

والشهر الماضي، نشر التنظيم مقطع فيديو مطولا مدته 31 دقيقة للهجمات التي تبناها في منطقة الساحل.

ونقلت الوكالة الفرنسية عن المحلل ماتيو باكستون أن الدعاية والتقنية الواردة بالمقطع توضح أن تنظيم الدولة غرب أفريقيا بات يدير عملياته بمنطقة الساحل.

المصدر : الجزيرة + وكالات