لوموند: رئاسيات تونس.. الإشكالات الثلاث في الدور الثاني
وقالت صحيفة لوموند الفرنسية في مقال كتبه فريديريك بوبين إن جدول الاقتراع على الجولة الثانية، واستمرار احتجاز المرشح نبيل القروي، وتأثير السلطة التشريعية، من ضمن أمور أخرى؛ لا تزال تزرع المزيد من الشكوك حول مرحلة ما بين جولتي الانتخابات التونسية.
متى تكون الجولة الثانية؟
رفضت المحكمة الإدارية في تونس الاثنين الماضي ستة طعون تقدم بها مرشحون خاسرون في الجولة الأولى، ذكروا فيها أن نتائج تلك الجولة مغلوطة بسبب ظروف الحملة التي يعتبرونها غير عادلة، أو بسبب انتهاك قواعد "الإعلانات السياسية"، كما أوردت الصحيفة.
وقال الكاتب إن المحكمة لو صدقت على هذه الطعون أو بعضها، لكان من الممكن إلغاء الجولة الأولى، وهو ما من شأنه أن يسمم المناخ السياسي، لأنه سيفسر على أنه مناورة من بعض المرشحين الخاسرين القادمين من "النظام" بهدف عرقلة طريق منافسيهما "من خارج النظام" سعيد والقروي.
ورجح الكاتب أن يكون السادس من أكتوبر/تشرين الأول القادم هو تاريخ الجولة الثانية، ما لم يكن هناك قرار بالاستئناف ضد رفض هذه الطعون، وعليه فسيكون تاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول هو الأكثر منطقية.
هل يبقى القروي في السجن؟
وتساءل الكاتب: ماذا ستكون قيمة الجولة الثانية إذا تم منع أحد المنافسين بحكم الواقع من المشاركة في الحملة؟ وقال إن هذا السؤال أصبح يُطرح بشكل أكثر حدة، في وقت لا يزال فيه نبيل القروي محتجزا في سجن المرناقية بالقرب من تونس بتهم "التهرب الضريبي" و"غسل الأموال"، بعد أن ألقي القبض عليه في 23 أغسطس/آب الماضي.
وأوضح أن القروي -رئيس قناة نسمة التلفزيونية، والذي يستخدم أساليب مثيرة للجدل- لم تقابل حتى الآن طلبات إطلاق سراحه التي قدمها محاميه إلا بالرفض، حيث أعلنت شعبة الاتهام التابعة لمحكمة الاستئناف في الثالث من سبتمبر/أيلول الحالي، ومحكمة النقض في 13 من الشهر نفسه، وقاضي التحقيق في 19 سبتمبر/أيلول، أنهم غير مؤهلين للحكم في طلبات إطلاق السراح التي تقدمت بها هيئة الدفاع عن القروي.
ومع ذلك، يرى الكاتب أن الأمور يمكن أن تتغير هذا الأسبوع الذي تقرر فيه عقد جلسة استماع جديدة لقسم الاتهام في محكمة الاستئناف بتونس اليوم الأربعاء، فهل تعيد النظر في الأحكام التي صدرت في هذه القضية؟
وبسبب تزايد القلق على مصداقية نتائج الجولة الثانية في حال غياب القروي عن الحملة، فإن هناك محاولة للبحث عن حلول تحترم الإجراءات القضائية الشكلية، كما يقول الكاتب، ووفقا لمصدر مقرب من أحد الأحزاب فإن "اتصالات سياسية تجري لرفع هذا العائق القانوني".
وحسب مصدر مقرب من حزب النهضة الإسلامي -الشريك في الائتلاف الحاكم المنتهية ولايته- فإن هذا الحزب "يؤيد" خروج القروي من السجن، دون "إعفائه من التهم التي تحوم حوله"، لأن العدالة -حسب رأيه- "يجب أن تأخذ في الاعتبار إرادة الشعب".
ومع ذلك، فإن الصعوبة الكبيرة تتمثل في التوفيق بين وجهات نظر حزب
"قلب تونس" الذي أنشأه القروي مؤخرا وحزب "تحيا تونس" الذي أسسه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي تعرض لخسارة قاسية في الجولة الأولى بحصوله على 7.38% فقط من الأصوات، خاصة أن القروي منذ سجنه ندد مرارا وتكرارا بمسؤولية الشاهد والنهضة عن إلقائه في السجن لوقف تقدمه في الانتخابات، وفق الكاتب.
ونظرا لما أظهرته صناديق الاقتراع، تساءل الكاتب: هل يمكن المصالحة بين الأخوين العدوين القادمين من نداء تونس، القروي والشاهد، وما الذي يجب على القروي أن يقدمه مقابل إطلاق سراحه؟ ليرد مصدر مقرب من حزبه بأنه "يمكن -على سبيل المثال- الالتزام بعدم الانتقام".
ما ميزان القوى؟
وقال الكاتب إن نتائج الجولة الأولى أفرزت تيار رأي جديدا حول شخص خبير القانون الدستوري قيس سعيد الذي يدعو للمحافظة الأخلاقية والدينية المزينة بالسيادية، والذي يرى السلطة المحلية كمصدر للشرعية السياسية.
وأوضح الكاتب أن هذا المرشح وحّد بين جمهور من الناخبين غير متجانس أيديولوجيا، ولكنه يشترك في إحدى خاصيتين: فهو إما من الشباب أو ممن يؤمنون بالعودة إلى مصدر الإلهام لثورة 2011، وفرصه في الفوز بالجولة الثانية كبيرة مبدئيا، لأن القروي -رغم أنه استفاد من التصويت للنشاط الإنساني لمؤسسته الخيرية- فإنه يعاني من صورته المشوهة بسبب الاتهامات التي وجهت لأساليبه وممارساته.
ومع ذلك، يرى الكاتب أن جدول الانتخابات يمكن أن يساعد القروي على تخطي بعض العوائق، خاصة أنه يستطيع الاستفادة من ديناميكيات الانتخابات للبرلمانية إذا جرت الجولة الثانية في 13 أكتوبر/تشرين الأول بعد أسبوع من الانتخابات البرلمانية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول.
وذلك –كما يقول الكاتب- لأن قوائم حزب القروي "قلب تونس" تتنبأ لها مراكز استطلاع الآراء بكثير من الأصوات في الاقتراع حسب نوايا التصويت، في حين أن قيس سعيد لا يقدم أي قوائم خاصة به للانتخابات البرلمانية.