قايد صالح.. هل يصنع الاستثناء في الجزائر أم يؤكد القاعدة؟

epa07465125 Algerian Deputy Minister for National Defense and Chief of Staff of the People’s National Army (ANP), Ahmed Gaid Salah attends an event in Algiers, Algeria, 27 June 2012 (issued 26 March 2019). Official Algerian media reports state Salah on 26 March called for the implementation of Article 102 of the Constitution to end the current political crisis in the county, which allows the Constitutional Council to declare the position of president vacant if the leader is unfit to rule. Protests continue in Algeria despite Algeria's president announcement on 11 March that he will not run for a fifth Presidential term and postponement of presidential elections previously scheduled for 18 April 2019 until further notice. EPA-EFE/STRINGER
مصطفى بوضريسة

من "المغرر بهم" إلى "الاصطفاف مع الشعب" تراوحت مواقف قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح من الحراك، وبعد رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تتوالى التساؤلات بشأن القرارت المستقبلية لقائد الجيش، وسط مخاوف تستند إلى تجارب الماضي وسيرة الجيوش في المنطقة.

مشوار الفريق قايد صالح (79 عاما) في قيادة الأركان امتد لسنوات طويلة كان خلالها الرفيق الوفي للرئيس بوتفليقة، وخاض معه معارك أسفرت عن إزاحة عدد كبير من قادة الجيش وإقالة الجنرال محمد مدين -المعروف باسم توفيق- من قيادة المخابرات.

تلك المعارك جعلت سقف التوقعات من رد فعل قايد صالح على الحراك الشعبي منخفضا، وأثارت مخاوف من إعاقة تطلعات الجزائريين نحو استعادة الحق في اختيار ممثليهم وكتابة مستقبلهم. وتعززت تلك المخاوف بأول رد فعل أصدره رئيس الأركان حين اعتبر المتظاهرين "مغررا بهم"، قبل أن يتراجع وتختفي كلمته من وسائل الإعلام بقرار من الجيش.

وبدا أن قائد الجيش يقترب تدريجيا من مطالب المتظاهرين بمرور أيام الحراك الشعبي المستمر منذ 22 فبراير/شباط الماضي، مستغلا خرجاته الميدانية المتكررة لتوجيه رسائل واضحة أحيانا وشبه مشفرة أحيانا أخرى.

وبلغت تصريحات القايد ذروتها حين طالب يوم 26 مارس/آذار الماضي باللجوء إلى المادة 102 من الدستور لإعلان شغور منصب الرئيس، وهي الخطوة التي أثارت الذعر في صفوف الرئاسة ودفعت سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس للمسارعة إلى عقد اجتماعات من أجل التفكير في مخرج آمن.

وأثار أحد تلك الاجتماعات غضب قائد الجيش الذي عاد بخطاب أكثر حدة يوم 30 مارس/آذار الماضي، مطالبا بتطبيق المادة 102 مرفقة بالمادتين 7 و8 اللتين تكرسان سيادة الشعب.

هنا بات الفريق قايد صالح أكثر قربا من مطالب المحتجين الذين رفعوا لافتات خلال مختلف المسيرات تطالب بإعادة القرار إلى الشعب وتمكينه من تأسيس الجمهورية الثانية.

وتجلى ذلك القرب في خطابه أمس الثلاثاء حين ندد بما أسماها العصابة التي تتحكم في الرئاسة، وعبّر علنا عن اصطفافه مع الشعب وتأييده لمطالبه. ووجدت تلك الرسالة صدى سريعا ترجم بقرار الرئيس بوتفليقة تقديم استقالته والانسحاب قبل نهاية ولايته يوم 28 أبريل/نيسان الجاري.

ومع مطلع أول يوم من دون حكم بوتفليقة، كان اسم قايد صالح حاضرا بقوة في نقاش الجزائريين الذين تباينت رؤاهم لمستقبل بدأت تتشكل معالمه تحت أعين قائد الجيش الذي بات رجل المرحلة.

واختار الإعلامي والناشط فضيل بومالة القطيعة الكاملة مع النظام الحالي، وقال إن استقالة بوتفليقة تعلن بداية المرحلة الأعقد والأصعب في مواجهة النظام بواجهاته السياسية والعسكرية، وتحدث عن معركة من أجل منع النظام الحالي من تجديد نفسه.

أما المعارض محمد العربي زيتوت فاختار توجيه رسالة مباشرة إلى قايد صالح تحمل تحذيرا من المضي قدما في تطبيق المادة 102 من الدستور باختيار رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا مؤقتا والاحتفاظ بنور الدين بدوي رئيسا للحكومة.

وقال زيتوت "من غير المنطقي أن نقول إن البلاد كانت تحكمها عصابة وفي نفس الوقت نطبق المادة 102 التي وضعتها هذه العصابة".

في المقابل، لا يخفي الناشط رياض حاوي تأييده للجيش، ولكنه يحذر من رفع سقف التوقعات، ويطالب "بترشيد المطالب وفقا للأولويات" بالنظر إلى الوضعية الصعبة للبلاد، وخاصة من الجانب الاقتصادي.

نفس التحذير جاء على لسان المحلل السياسي عابد شارف الذي حذر من الإفراط في التفاؤل، وقال إن "الجزائر بحاجة إلى أحلام وطموح، ولكنها بحاجة أيضا إلى العقل والوضوح".

الإعلامي نجيب بلحيمر عبّر عن مخاوفه من دور الجيش استنادا إلى صياغة البيان الذي صدر أمس بعد اجتماع لقيادة الأركان، ودعا إلى التعامل بكثير من الجدية والحذر مع البيان الذي كان مثقلا بـ"الأنا" واستخدام ضمير المتكلم في ظرف بالغ الحساسية قد لا يتحمل تلك اللغة.

أما الناشط سامي خليل فاختار تبليغ رسالته إلى قايد صالح بنشر صورة تجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بلباسه العسكري وقائد الأركان التونسي السابق رشيد عمار، في إشارة إلى مطالبة قائد الجيش الجزائري بالاقتداء بالجنرال التونسي الذي رافق المرحلة الانتقالية وتجنب الوقوع في خطأ السيسي الذي أدخل البلاد في متاهة عقب الانقلاب العسكري صيف العام 2013.

المصدر : الجزيرة