الحرّاش.. من سجن للثوار إلى مأوى لأغنياء الجزائر

مدخل سجن الحراش.
مدخل سجن الحراش في العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

إسلام عبد الحي-الجزائر

بتسارع خطوات مكافحة الفساد بين رموز نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، أوقفت المصالح الأمنية الجزائرية أغنى رجل في الجزائر يسعد ربراب ووصيفه علي حداد والإخوة كونيناف، وأودعتهم داخل سجن واحد، في انتظار محاكمتهم، مما حول سجن الحراش إلى مأوى لأغنى رجال الجزائر.
 
وشكل سجن الحراش مادة دسمة لتعليقات الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما تحول إلى "سجن الأثرياء".
 
وخلال الجمعة العاشرة من الحراك الشعبي ارتفعت الأصوات المنادية بمحاسبة الفاسدين من رجال أعمال وسياسيين وحبسهم في سجن الحراش، فماذا تعرف عن هذا السجن؟
 
أشهر السجون
يعود تشييد سجن الحراش إلى حقبة الاستعمار الفرنسي، وبالضبط في سنة 1915، حيث جعلته السلطات الفرنسية مركزا لاعتقال الجزائريين من سجناء الحق العام ومن زعماء ومناضلي الحركة الوطنية قبل اندلاع ثورة التحرير سنة 1954.
 
ويوجد سجن الحراش ضمن قائمة أكبر وأشهر السجون الجزائرية (لامبيز وسركاجي والبرواقية ووهران)، ويقع على بُعد عشرة كيلومترات جنوب العاصمة، وتبلغ طاقة استيعابه ألفي سجين وقد تتجاوزها إلى أكثر من ذلك، مثلما حصل في سنوات العشرية السوداء خلال تسعينيات القرن الماضي.
محاربة الفساد أحد أبرز مطالب المشاركين في الحراك الجزائري (الجزيرة)
محاربة الفساد أحد أبرز مطالب المشاركين في الحراك الجزائري (الجزيرة)

وكان من بين أشهر من دخلوا إلى سجن الحراش، زعيم الحركة الوطنية مصالي الحاج في عام 1937، وشاعر الثورة ومؤلف النشيد الوطني الجزائري مفدي زكريا في 1937 والقيادي في الثورة محمد خيضر بين 1938 و1941.

وبعد اندلاع ثورة التحرير صعّدت السلطات الاستعمارية من عمليات القمع والسجن، وكان سجن الحراش شاهدا على جرائم فرنسا ضد الإنسانية، حيث دخله قادة الثورة منهم العربي بن مهيدي وعبان رمضان سنة 1957، وكذلك أيقونة الثورة جميلة بوحيرد بين 1957 و1962.

المعارضون
بعد استقلال الجزائر في 1962 تحول سجن الحراش إلى مأوى لمعارضي السلطة، ومن أبرزهم حسين آيت أحمد، مؤسس حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض، الذي اعتقل سنة 1964 وحكم عليه بالإعدام، عقب تمرد قاده بمنطقة القبائل، لكن الرئيس الراحل أحمد بن بلة حوّل عقوبة الإعدام إلى السجن.

وفي 19 يونيو/حزيران 1965، قاد هواري بومدين انقلابا على الرئيس بن بلة، وأمر باقتياده من مسكنه إلى سجن الحراش.

وخلال التسعينيات سُجن الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ علي بلحاج في الحراش، كما قضى الصحفي محمد بن شيكو مدير يومية "لوماتان" المستقلة سنتين (2004 و2006) في سجن الحراش، وكتب خلالهما يومياته التي صدرت في كتاب تحت عنوان "زنزانات الجزائر".

لافتة رفعت في العاصمة تدعو إلى تحرك القضاء من أجل محاربة الفساد (الجزيرة)
لافتة رفعت في العاصمة تدعو إلى تحرك القضاء من أجل محاربة الفساد (الجزيرة)

ومنذ استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل/نيسان الجاري تحت ضغط الحراك الشعبي، فتحت العدالة عدة ملفات فساد بحق رجال أعمال أغلبهم كان مقربا من محيط الرئيس المستقيل.

وإضافة إلى ربراب وحداد والإخوة كونيناف، يقبع في سجن الحراش رجل الأعمال السابق عبد المؤمن خليفة الذي يقضي عقوبة 18 عاما سجنا لتورطه في ما يعرف بـ"فضيحة القرن" المتعلقة باختلاس وتبديد مليارات الدولارات من أموال الجزائريين عبر بنوك وشركة طيران وفروع أخرى.

ويقضي رجل الأعمال عبد الرحمن عاشور أيضا عقوبة 18 عاما في سجن الحراش بتهمة اختلاس مليارات الدينارات (الدولار يعادل نحو 120 دينارا جزائريا)، رفقة شركاء، من بينهم عدد من المسؤولين في مؤسسات الدولة والأمن والبنوك.

ويجاور هؤلاء في زنزانات السجن كمال شيخي المعروف بـ"البوشي" المتهم في قضية تهريب 701 كلغ من الكوكايين التي تفجرت في الصيف الماضي ولا تزال ارتداداتها مستمرة حتى الآن.

ومع استمرار موجة الملاحقات القضائية يتوقع المشاركون في الحراك الشعبي المستمر منذ 22 فبراير/شباط الماضي، أن يستقبل سجن الحراش مزيدا من "الضيوف المميزين" الذين سيزاحمون مساجين أنهكهم الفقر.

المصدر : الجزيرة