ميديا بارت: إيرباص دفعت رشى عبر رجل أعمال إماراتي للحصول على صفقة طائرات مع مصر

A logo of Airbus is seen on a wall at Airbus headquarters in Blagnac, near Toulouse, France, February 14, 2019. REUTERS/Regis Duvignau
العقد الذي توسط فيه اليوسف ورشى شخصيات مصرية حقّق لإيرباص ثروة كبيرة في 2003 (رويترز)

كشف موقع ميديا بارت الفرنسي أنه وصحيفة دير شبيغل الألمانية حصلا على وثائق سرية تثبت أن شركة إيرباص لصناعة الطائرات استخدمت رجل أعمال إماراتيا لرشوة شخصيات بمصر لتسهيل بيع طائراتها لمصر.

وأشار الموقع إلى أن هذه القضية أمام المدعي العام المالي البريطاني الذي يقود تحقيقا كبيرا في فساد ضد إيرباص، تعود لأحد العقود الذي جنت منه إيرباص ثروة كبيرة في أبريل/نيسان 2003، حين قامت الشركة الأوروبية لصناعة الطائرات ببيع سبع طائرات "أي 330" لشركة مصر للطيران، أحد زبائنها الأوفياء في الشرق الأوسط، مقابل 900 مليون يورو، رغم أنف شركة بوينغ الأميركية التي كانت تحاول الحصول على موطئ قدم في مصر.

وأوضح الموقع أن الوثائق التي حصل عليها تثبت لأول مرة أن إيرباص قد أصدرت أوامر مباشرة لوسيط لها بدولة الإمارات يُدعى عباس اليوسف بإعادة توزيع 9.5 ملايين يورو كعمولات لتسهيل البيع في مصر.

وسيط وراء المتاعب
وقال الموقع إن هذه "الوثائق المتفجرة" أظهرت للمرة الأولى أن الوسيط الإماراتي عباس اليوسف (64 عاما) قد أعاد توزيع ما يقرب من عشرة ملايين يورو بطلب مباشر من شركة إيرباص، تحت ستار "ضغط" لتسهيل عملية بيع طائرات إلى مصر للطيران.

وأوضح الموقع أن بداية هذه المتاعب التي وقعت فيها الشركة الأوروبية، جاءت من قبل اليوسف، وهو طيار عسكري سابق ومقدم في سلاح الجو الإماراتي يعيش في دبي، وذلك حين حكى لرجل أعمال أنه كسب ملايينه الأولى من عمله "مستشارا للغربيين".

ميديا بارت:
عباس اليوسف كسب 195 مليون دولار من وراء صفقة دبابات لوكليرك التي تزرع الموت اليوم في اليمن، بعد رشوته مسؤولي دولة الإمارات العربية المتحدة للفوز بعقد قيمته 3.2 مليارات دولار باعتراف مكتوب من شركة نيكستر

ونبّه ميديا بارت إلى أن الفساد حتى عام 2001 كان قانونيا، بل معفيا من الضرائب أيضا عندما أصبح اليوسف الوسيط المميز في الخليج لمجموعات الأسلحة الفرنسية مثل داسو وتاليس ونيكستر.

زرع الموت باليمن
وكشف الموقع أن عباس اليوسف كسب 195 مليون دولار من وراء صفقة دبابات لوكليرك التي تزرع الموت اليوم في اليمن، بعد رشوته مسؤولي دولة الإمارات العربية المتحدة للفوز بعقد قيمته 3.2 مليارات دولار، باعتراف مكتوب من شركة نيكستر.

وشارك اليوسف في معظم العقود الرئيسية بين إيرباص والإمارات، لكن أعماله انهارت في السنوات الأخيرة، مما سبب صراعا عائليا بينه وبين أولاده الذين استدعوا محققا للتدقيق في شركاته، فاكتشفوا علاقاته مع شركة إيرباص.

وبسبب هذا الصراع العائلي، يقول الموقع، تواجه الشركة المصنعة للطائرات اليوم صعوبات، خاصة وأن اليوسف ولحماية نفسه فضل الإدلاء بشهادته تلقائيا أمام المدعي العام ومكتب مكافحة الفساد.

ويشير جدول سري أعده ألكسندر بروير المدير السويسري لليوسف إلى "مدفوعات لإيرباص"، مرفق به تعليمات مقدمة من قبل جان كلود كادودال الرجل المسؤول عن المدفوعات والتجمعات الخارجية في قسم الإستراتيجية والتسويق الشهيرة. وقد تم تخصيص هذه الأموال على أنها متوفرة لإيرباص، وسيتم احتسابها كدين للشركة في حسابات مجموعة عباس اليوسف، وفق ميديا بارت.

شركات غامضة
وذهب الموقع في تفصيل الشركات التي استفادت من عقود إيرباص وأموالها، ليتبين أن بعضها كان باسم اليوسف، وبعضها الآخر ببساطة صندوق بريد مسجل في كوراساو ومملوكة بنسبة 100% من قبل إيرباص.

ميديا بارت: قضية الرشاوى تقوّض خط دفاع إيرباص الذي يدفع رسميا أموالا لوسطاء للاستفادة حصريا من نفوذهم في البلدان التي توصف بأنها
ميديا بارت: قضية الرشاوى تقوّض خط دفاع إيرباص الذي يدفع رسميا أموالا لوسطاء للاستفادة حصريا من نفوذهم في البلدان التي توصف بأنها "صعبة" (رويترز)

أما وراء كواليس العقد -كما يقول الموقع- فلم تكن الأمور ناصعة، إلى حد أنها اليوم معروضة ويحاول المدعي العام المالي البريطاني ومكتب الاحتيال الخطير البريطاني المسؤول عن التحقيق عن الفساد ضد إيرباص منذ نحو ثلاث سنوات إثبات أن الشركة استخدمت وسطاء لدفع رشاوى لتسهيل بيع الطائرات المدنية.

ووفقا لمعلومات الموقع، حصل المحققون الفرنسيون في صيف 2017 على مستندات سرية حول العقد المصري زادت من الشكوك حول وجود فساد في العملية، غير أن المدعي العام يرفض أي تعليق على هذا الموضوع.

تقص تدعمه وثائق مؤكدة
ومع ذلك فإن تصرفات إيرباص المالية تم تأكيدها من خلال العشرات من رسائل البريد الإلكتروني والعقود والبيانات المصرفية السرية التي حصل عليها ميديا بارت ودير شبيغل، والتي حللها الموقع مع شركائه في شبكة التعاون الأوروبي للتحقيق.

وأكد الموقع أن التعليمات المتعلقة بالمبالغ ومتلقي الأموال، جاءت من قسم العمليات الدولية بقسم الإستراتيجية والتسويق، وهي "العميل السري" لشركة إيرباص الذي يدير ويدفع عمولات الوسطاء.

وأوضح الموقع أن هذه القضية تقوّض خط دفاع إيرباص الذي يدفع رسميا أموالا لوسطاء للاستفادة حصريا من نفوذهم في البلدان التي توصف بأنها "صعبة"، ولكن إذا دفع هؤلاء "الوكلاء التجاريون" رشاوى فإن إيرباص ستبدو وكأنها لا تعرف شيئا وليست مسؤولة.

سور الصين
وقال الموقع إن إيرباص أقامت هذا النظام أو "سور الصين" في عام 2002 عند بيع مقاتلات يوروفايتر إلى النمسا، وكانت النتيجة أن المحققين الألمان لم يتمكنوا -على الرغم من توزيع 100 مليون يورو من العمولات على عشرات الشركات الخارجية- من إثبات الفساد، فتم تغريم الشركة 81 مليون دولار فقط بسبب "الإهمال".

وقال الموقع إن وثائقه قد أحدثت ثغرة في "سور الصين" هذا، وإنها تحرج للغاية قيادة إيرباص التي كانت مشتركة في ذلك الوقت بين الفرنسي لويس غالوا ورئيس الشركة الحالي توماس إيندرز اللذين رفضا الإجابة -متذرعين بأن التحقيق جار في الموضوع- عندما سألهم ميديا بارت ماذا يعرفون عن العمولات السرية لعقد مصر للطيران؟

وأشار الموقع إلى أن إيندرز استعار في عام 2015 ثوب "نظافة اليد" بمصادقته على تفكيك قسم الإستراتيجية والتسويق واعتراف الشركة الطوعي للسلطات، وذلك ما قاد إلى التحقيق القضائي الفرنسي البريطاني، ثم التحقيق الثاني الذي أطلقته الولايات المتحدة في نهاية عام 2017، مما قد تنتج عنه عواقب مدمرة للمجموعة بتكليفها غرامة تزيد عن مليار يورو، أو حتى الاستبعاد من الأسواق العامة الأميركية في حالة الإدانة هناك.

ومع أن الموقع حاول الاتصال باليوسف وأخفق في ذلك، فقد تمكن أحد صحفييه من التحدث مع أحد محاميه فقال "عندما اتصلت بالسيد اليوسف لإخباره بأسئلتك، قال لا تعطيه رقم هاتفي". وأضاف المحامي أن اليوسف لا ينكر وجود قضية، لكنه نصح الموقع بالاتصال بشركة إيرباص لأي أسئلة حول هذا الموضوع.

المصدر : ميديابارت