البايس: الثورة بالجزائر موضوع محرم على القادة العرب

People carry national flags during a protest calling on President Abdelaziz Bouteflika to quit, in Algiers, Algeria March 26, 2019. REUTERS/Ramzi Boudina
البايس: في الوقت الذي تتصدر فيه احتجاجات الجزائر العناوين الرئيسية تتصرف الدول العربية كما لو كان الأمر لا يعنيها (رويترز)

تقول "البايس" الإسبانية إنه في الوقت الذي تتصدر فيه الثورة الجزائرية عناوين الأخبار في الأسابيع الأخيرة، يُخيّم الصمت على معظم الحكومات العربية التي تتصرف كما لو كانت هذه الاحتجاجات غير موجودة.

وأوضحت الصحيفة في تقرير أن الدول العربية اختارت التزام الحذر والتراخي، إزاء الاحتجاجات الشعبية بالجزائر. 

 وأسباب هذا الصمت المطبق تختلف من بلد لآخر -كما تشير البايس- مثلما هو الحال بالنسبة لوجهات نظر كل بلد حول النتيجة المحتملة لهذه الأزمة.

دروس الربيع
ونقلت الصحيفة عن الباحث بمركز برشلونة للعلاقات الدولية إدوارد سولير قوله إن الحذر يشير للنهج الذي تتخذه جميع البلدان بالمنطقة مرجحا أنه يعود إلى الدروس المستفادة من ثورات الربيع العربي. فخلافا لما حدث في تلك الثورات لم يدعم أي بلد علنا مطالب الشارع الجزائري.

وأشار الباحث إلى أن الزعيمين العربيين الوحيدين اللذين علّقا على أوضاع الجزائر هما الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي الباجي قايد السبسي. ففي أواخر الشهر الماضي صرح الأخير بأن لكل بلد قواعده الخاصة و"لا يمكننا أن نعطي دروسا للآخرين. فالشعب الجزائري يتمتع بحرية التعبير وينطبق الأمر ذاته على نظام الحكم في البلاد".

أما السيسي فقال في تجمع عسكري مؤخرا إن كل هذه الاحتجاجات تأتي بثمن يتعين على الشعب دفعه، متسائلا "هل يجب أن نتناول الطعام أم ننشغل بالاحتجاج؟".

يخشون نجاح الثورة
وحسب الباحث بمركز تشاتام هاوس البريطاني جورج فهمي فإن حلفاء السيسي الإقليميين -خاصة السعودية والإمارات- يخشون نجاح الثورة الجزائرية نظرا لاحتمال أن يؤدي ذلك إلى وصول الإسلاميين إلى السلطة مثلما حدث بمصر.

الباحث جورج فهمي:
أحداث الجزائر والسودان أثارت من جديد مسألة التحول الديمقراطي بعد اتضاح أن الميل الاستبدادي قد استقر بالمنطقة.

ونظرا لصغر حجمها ومكانتها المجاورة، فإن تونس البلد الذي سيتأثر بشكل مباشر بهذه الاحتجاجات. وعلى ضوء ذلك، قال المحلل التونسي يوسف الشريف إنه يتعين على الحكومة أن تُبقي علاقاتها جيدة مع الجزائر، وأن تحافظ على توازن دقيق حتى لا تزيد من نفور النظام الجزائري أو المعارضة.

وأوضح الشريف أنه وبالنسبة لتونس فإن أسوأ سيناريو هو أن تكون نهاية الأزمة دموية وأن يعزز النظام من قوته وسيطرته، وهو ما يمكن أن يغير حساباتها.

تأثير على تونس
يُذكر أن السواحل التونسية تستقبل سنويا حوالي مليون سائح جزائري، وبالتالي قد يتسبب ذلك في حدوث ركود اقتصادي. ويكمن السيناريو الأمثل -حسب الشريف- في تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي قائلا إن ذلك يمكن البلدين من تشكيل جبهة إقليمية تعارض الاستبداد الذي يمثله محور السيسي.

وقد أثارت أحداث الجزائر والسودان من جديد مسألة التحول الديمقراطي بعد اتضاح أن الميل الاستبدادي قد استقر بالمنطقة -يقول فهمي- مضيفا أن الجزائر لها تأثير كبير في جميع أنحاء العالم العربي بسبب ثقلها الديموغرافي ومواردها الطبيعية التي تفوق تونس بكثير.

ومن بين الأسباب الأخرى التي تجعل البلدان المجاورة بما فيها المغرب تتوخى الحذر فيما يتعلق بالثورة الجزائرية -حسب فهمي- القدرة المحدودة على التأثير على اللاعبين الرئيسيين بالجزائر.

استقلالية
وأشارت الصحيفة إلى أن السياسة الخارجية التقليدية للجزائر أو احتياطاتها الهائلة من موارد الطاقة -التي تبيعها خاصة للغرب- قد جعلت منها بلدا يتمتع بقدر من الاستقلالية.

وتعد الجزائر واحدة من الجهات الفاعلة القليلة التي لها ثقل كبير في الولايات المتحدة بفضل العلاقات بين جيشي البلدين -حسب ما أشار الباحث سولير- لكن الأزمة ستُحل على أساس ديناميات داخلية بحتة.

المصدر : إلباييس الإسبانيّة