وليد الشوا.. الغزي الذي "قتل" مرتين

"الاحتلال قتل فرح وليد قبل عرسه ودمر منزله" مع صور لوليد وبداخل منطقتهم المدمرة
الاحتلال قتل فرحة وليد قبل عرسه ودمر منزله (الجزيرة نت)

علا موسى-غزة

كانت الساعة السابعة مساء من يوم الاثنين 25 مارس/آذار، وكان وليد الشوا يجلس مع خطيبته نائلة الجليس في منزلها بحي الشجاعية، وكان ينوي تناول العشاء مع عائلتها، لكن والدته اتصلت به متلهفة تطلب منه العودة إلى شقته في غرب حي الرمال، لأن السكان يخلون الحي بعد تلقيهم تحذيرا من الجيش الإسرائيلي بأنه يعتزم قصف مقر أمني ملاصق لمنزلهم.

قطع وليد المسافة بسيارة الأجرة التي يقودها في زمن قياسي لم يتجاوز أربع دقائق، كان كل تفكيره منصبا على شقته الصغيرة التي يعيش فيها هو وشقيقته هبة وأطفالها، والتي من المقرر أن يسكن فيها عقب زواجه بعد أسبوعين.

وبعد عشر دقائق من وصوله، بدأت الصواريخ التحذيرية تسقط، ثم قصف المكان بالكامل وتطايرت الشظايا في كل مكان، وفي لحظات، "قتل" الاحتلال وليد مرتين: تدمر بيت أحلامه وقُبر مشروع زواجه ولو إلى حين.

شن الاحتلال الإسرائيلي منذ 25 مارس/آذار الحالي أكثر من خمسين غارة، وفقا لبيان للمكتب الإعلامي الحكومي أمس، أسفرت عن قصف خمسة مبان سكنية ومقرات ومواقع عسكرية، ودمر أكثر من خمسين شقة سكنية لمدنيين هم الآن مشردون دون مأوى.

‪وليد بين أنقاض بيته المدمر‬ (الجزيرة نت)
‪وليد بين أنقاض بيته المدمر‬ (الجزيرة نت)

مستقبلي ضاع
يقول وليد (26 عاما) "تحطمت نفسيتي ولا أدري ماذا أفعل، مستقبلي كله تدمر تحت الحطام الذي أقف عليه، كانت أشبه بطعنات في القلب وأنا أنظر لبيت أحلامي يتدمر".

يتذكر كيف أنه في صباح يوم القصف قرر أن يزور خطيبته ليفاجئها بهدية لها ولوالدتها بمناسبة عيد الأم، لكن في ساعات انقلبت حياته رأسا على عقب، ليعود أدراجه ويشاهد سكان الحي خائفين في الشارع خارج منازلهم  ينتظرون القصف الإسرائيلي، إلى أن رأى المبنى الذي يسكن فيه وقد سوي بالأرض.

وها هي كل الصور الحزينة تتجمع أمامه، فقد والده وهو في الثانية عشرة، وكافح  منذ سن المراهقة ليعيل أسرته، وترك الدراسة منذ الصف الأول في المرحلة الثانوية، وعمل في طلاء الأثاث المنزلي ليساعد أسرته المكونة من ثلاث شقيقات وأخ يكبره في تأمين لقمة العيش.

يعيش وليد في شقة هو وشقيقته هبة التي تكبره بخمس سنوات مع أطفالها الأربعة، وكان ينوي أن يسكن فيها بعد زواجه، أحضر أثاث المنزل بالكامل وعلق بدلة الفرح في الخزانة، وأحضرت خطيبته نائلة (18 عاما) جميع أغراضها إلى الشقة، لم يتبق إلا إكمال مراسم الزواج، لكن الاحتلال الإسرائيلي كان بالمرصاد للحلم.

يقول وليد "عملت في مهن عدة، عاملا في مطعم وفي محل لبيع الفواكه وعامل طلاء أثاث منزلي وفي محلات ملابس، وحاليا أعمل سائق أجرة، كل هذا وأنا أقوم بتأسيس حياتي، ومنذ أعوام وأنا أخطط للزواج والاستقرار وتحقيق حياة زوجية سعيدة وتأسيس أسرة بعيدة عن حياة اليتم التي عشتها".

‪وليد: في ساعات ضاع مستقبلي وانقلبت حياتي رأسا على عقب‬  (الجزيرة نت)
‪وليد: في ساعات ضاع مستقبلي وانقلبت حياتي رأسا على عقب‬ (الجزيرة نت)

الخطوبة المفاجأة
ورث وليد الشقة من والده، وهو يعتبرها الشيء الوحيد الذي بقي له من رائحة أبيه، وإثر وفاته أصبحت والدته حنان الشوا (55 عاما) معيلة الأسرة، وهي تتقاضى راتبا شهريا بمقدار 520 شيكلا (150 دولارا أميركيا) لا يكفي مصاريفهم.

تقول والدته "لا أحد لنا بعد وفاة زوجي، نحن عائلة بسيطة ليس لها اختلاطات كثيرة، حريصون كثيرا في علاقاتنا. عندما خطب وليد لم يشأ إخبارنا بالخطوبة، قبل أيام فقط أعلمنا ليكون الخبر مفاجأة، لكن الآن تدمرت كل طموحاته، الاحتلال لم يرحمه كيتيم".

أما وليد فما يريده الآن هو الحصول على منزل يسكن يؤويه في أي مكان كما يقول "لا أريد أن أشرد في الشارع".

وأعاد التصعيد الإسرائيلي في غزة ذكريات الغزيين للعدوان الإسرائيلي عام 2014 الذي دمر فيه الاحتلال 2358 منزلا بشكل كلي، و13,644 بشكل جزئي، وبلغ عدد الذين شردوا من منازلهم 466 ألف مواطن في كافة أنحاء القطاع، بحسب بيانات مركز الإعلام الفلسطيني.

المصدر : الجزيرة