وول ستريت جورنال: لولي عهد السعودية.. الصين قبل الدين

Saudi Crown Prince Mohammad Bin Salman meets with Chinese President Xi Jinping at the Great Hall of the People in Beijing, China February 22, 2019. How Hwee Young/Pool via REUTERS
ولي العهد السعودي وحاشيته أثناء زيارته للصين (رويترز)

وصفت وول ستريت جورنال تودد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ -خلال زيارته للصين الأسبوع الماضي- بأنه أكثر مشهد مروع بالسياسة العالمية منذ اتفاق مولوتوف ريبنتروب بين ألمانيا النازية والاتحاد السوفياتي (معاهدة نصت على بقاء كل من الطرفين على الحياد في حالة تعرض أحدهما لهجوم من طرف ثالث) حتى في الوقت الذي تصعد فيه بكين اضطهادها للإيغور المسلمين.

وأشار كاتب هذا المقال والتر راسل ميد إلى أن أكثر من مليون مسلم من الإيغور محتجزون بمعسكرات الاعتقال وإعادة التأهيل الصينية، حيث يتعرضون للضرب والاغتصاب الجماعي، كما تشير بعض التقارير الموثوق بها.

ومع ذلك، وقع ولي العهد المسلم (بن سلمان) صفقات تجارية مع الصين تقدر بثلاثين مليار دولار، وأشاد بالعلاقة الطويلة الخالية من المشاكل بين البلدين وتعهد بدعم مبادرة الحزام والطريق، وأعلن أن السعودية تحترم حاجة الصين إلى حماية أمنها الداخلي بطريقتها الخاصة.

وقال الكاتب إن السعودية ليست القوة الإسلامية الوحيدة التي "تتملق" الصين. فقد التزمت باكستان الصمت بشكل غريب حيال معسكرات الاعتقال التي تنتشر الآن في شنغيانغ. ولا تزال هادئة بشكل لافت إزاء القمع الديني الهائل الذي تمارسه جارتها القوية الهند ضد المسلمين في كشمير.

السعودية ليست القوة الإسلامية الوحيدة التي تتملق الصين. فقد التزمت باكستان الصمت بشكل غريب حيال معسكرات الاعتقال التي تنتشر الآن في شنغيانغ

وهناك علامة أخرى على الأخوة الجديدة الغريبة بين الإسلام ومضطهديه -يشير الكاتب- حيث تعهدت السعودية بعشرة مليارات دولار للمساعدة في بناء مصفاة بميناء جوادر الباكستاني لتسريع نقل نفط الخليج عبر أوراسيا. ومن بين أمور أخرى ستسهل المصفاة على الصين تزويد المركبات التي تنقل المحتجزين المسلمين إلى معسكرات الاعتقال بالوقود.

رياء واضح
وبالنسبة للأميركيين فإن الأمر ليس بهذا الرياء الواضح حيث يمكن للإنسان أن يكون مرنا بشكل مذهل حول مبادئه عندما تتغير اهتماماته. لكن ما يهم أكثر قيام واشنطن بتشكيل سياسة ممزوجة بالحسابات في الشرق الأوسط.

فقد كان البيت الأبيض يأمل أنه مقابل مساعدة الرياض ضد إيران ودعمها لأجندة الإصلاح الاقتصادي لولي العهد ستنحاز السعودية بقوة إلى جانب الولايات المتحدة. لكن رد فعل الكونغرس القوي على قتل الصحفي جمال خاشقجي -بالإضافة لتشككه بإستراتيجية الرياض في اليمن– يهددان بإفشال سياسة ترامب الشرق أوسطية.

ويقول الكاتب: ومع سعي الكونغرس لفرض عقوبات على السعوديين المقربين من ولي العهد بسبب أدوارهم المزعومة في مقتل خاشقجي، فقد البعض في النخبة السعودية إيمانهم بإمكانية شراكة إستراتيجية مستقرة مع الولايات المتحدة، وهم قلقون من ألا يتمكن الرئيس ترامب من الوفاء بوعده.

ولهذا -يقول الكاتب- يسعى ولي العهد السعودي لتعزيز العلاقات مع باكستان والصين وكذلك روسيا، في وقت يبحث فيه عن بدائل للتحالف الأميركي. وإذا كان هذا يعني غض الطرف عن معاناة ملايين المسلمين في الصين فليكن ذلك.

وختم المقال بأن عدم وجود إجماع إستراتيجي قد لا يكون نهاية العالم، ولكن يبدو في الوقت الحالي أن الاستنتاج الذي لا مفر منه هو أن محمد بن سلمان لم يشطب الإيغور فقط من رحلته عبر آسيا الأسبوع الماضي، بل كان يشطب الولايات المتحدة إذا لم يستطع الأميركيون اتباع سياسة متماسكة وموحدة بالشرق الأوسط، ولهذا فإن على السعودية أن تحتاط لرهاناتها.

المصدر : وول ستريت جورنال