احتجاجات السودانيين بالخارج.. هل تشكل فارقا بمسار الأزمة؟

شاركت حشود كبيرة تضم آلاف السودانيين بالولايات المتحدة، في موكب ضخم سيرا على الأقدام بدءا من مبنى الكونغرس وباتجاه البيت الأبيض في واشنطن، رافعة لافتات "تسقط بس" ومرددة شعارات تطالب برحيل الرئيس السوداني عمر البشير، وذلك امتدادا لمظاهرات مماثلة شهدتها عواصم غربية، ربما تمثل ضغطا إضافيا على النظام السوداني.

ويشهد السودان منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، احتجاجات منددة بالغلاء، ومطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير، صاحبتها أعمال عنف أسفرت عن سقوط 32 قتيلا، وفق آخر إحصاء حكومي، في حين تقول منظمة العفو الدولية إن عدد قتلى الاحتجاجات بلغ 51 قتيلا.

مظاهرات الخارج التي شهدتها كل من لندن وباريس وأمستردام وتورنتو وأخيرا واشنطن، طرحت تساؤلات عن دور احتجاجات الخارج وتأثيرها في النظام السوداني الذي يواجه احتجاجات متصاعدة دخلت شهرها الثالث.

فهل هناك ما يجعل مظاهرات الخارج أكثر إزعاجا للنظام السوداني من تلك التي تواجهها قوات الأمن في الداخل بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، والتي سقط فيها حتى الآن ما يزيد على خمسين شخصا بحسب تقارير حقوقية؟

من يتابع مظاهرات الخارج يلاحظ أن السودانيين يركزون فيها على نقاط محددة وشبه مشتركة، أبرزها مطالب بالتدخل للضغط على النظام ليوقف آلته التي يواجه بها المتظاهرين، كما أن غالبية هذه المظاهرات كانت تحاول إيصال صوتها بشكل رسمي للجهات المعنية في الدول التي خرجت فيها.

ففي مظاهرات لندن، طالب المحتجون حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي باتخاذ موقف مما يحدث في السودان، مرددين هتافات تطالب بتحويل البشير إلى محكمة الجنايات الدولية.

وفي أمستردام، التقى وفد من المتظاهرين بوكيل وزارة الخارجية الهولندية، وسلموا له مذكرة لوزارة الخارجية الهولندية تطالبها والاتحاد الأوروبي بالتدخل لإجبار النظام السوداني على عدم مواجهة المحتجين السلميين بالرصاص الحي.

أما في باريس، فقد تظاهر أبناء الجالية السودانية نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، مرددين شعارات "ثورة حتى النصر.. ثورة تهد القصر"، و"الثورة خيار الشعب"، كما سلموا وزارة الخارجية الفرنسية مذكرة ترفض زيارة وزير الخارجية السوداني.

موقف دولي
مظاهرات الداخل والخارج أسفرت في 8 يناير/كانون الثاني الماضي عن بيان مشترك أصدرته كل من المملكة المتحدة والنرويج والولايات المتحدة وكندا، وأعربت فيه تلك الدول عن قلقها العميق إزاء رد حكومة السودان على الاحتجاجات الأخيرة في السودان، واحتجاز عدد من السياسيين والناشطين والمتظاهرين دون تهمة أو محاكمة.

وأكد البيان حق الشعب السوداني في الاحتجاج السلمي وفقا لما يكفله القانون السوداني والدولي لحقوق الإنسان في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتعبير، ودعا الحكومة السودانية إلى إطلاق سراح جميع الصحفيين وزعماء المعارضة وناشطي حقوق الإنسان.

واعتبر البيان أن الإجراءات والقرارات التي ستتخذها حكومة السودان خلال الأسابيع القادمة "سيكون لها تأثيرها على تعامل حكوماتنا وغيرها من الدول مع السودان في الأشهر والسنوات القادمة".

كما حثت الحكومة على تنفيذ الإصلاحات السياسية الضرورية، للسماح للشعب السوداني بممارسة حقوقه الدستورية والتعبير السلمي عن مطالبه.

وفي فرنسا، دعت المتحدثة باسم الخارجية السلطات السودانية إلى اتخاذ كل التدابير الضرورية لوضع حد للعنف ضد المتظاهرين المسالمين وملاحقة مرتكبي أعمال العنف.

تأثير ضعيف
لكن الباحث السوداني عباس صالح لا يرى هذا التأثير الكبير لمظاهرات الخارج في مسار الاحتجاجات بالداخل، مرجعا ذلك إلى حجم المشاركة فيها، وغياب مشاركة رموز من هذه الدول فيها.

ويضيف عباس للجزيرة نت أن المظاهرات بالخارج جاءت متأخرة بعد أن تراجع زخم الاحتجاجات قليلا، كما أنها لم تجد تغطية إعلامية ذات تأثير، حيث لم يتجاوز الاهتمام الإعلامي سقف ما بثه الناشطون الذين شاركوا فيها.

ويرى عباس أن النظام السوداني لا يلقي بالا لمظاهرات الخارج، لأنها لا تكلفه أي رد فعل، مقارنة مع احتجاجات الداخل، أما المتظاهرون بالداخل فإنهم يراهنون على مظاهرات الخارج في حال حظيت بتغطية إعلامية أو تعاطف داعمين لها من دول وناشطين ومؤسسات، وبالتالي يرون أن تحركاتهم تثمر.

المصدر : الجزيرة