صبغة الله مجددي.. ذاكرة "الجهاد الأفغاني"

epa07365959 A photo of Subghatullah Mujadidi, former president of Afghanistan, in floral wreath, as Afghan government officials attend the funeral prayers ceremony in the presidential palace in Kabul, Afghanistan, 13 February 2019. Late Subghatullah Mujadidi was the first acting anti-communist president of Afghanistan who ruled only for two months after the fall of Mohammad Najibullah regime in 1992. Sibghatullah Mojaddedi died at the age of 93 in Kabul on 12 February.
صورة مجددي محاطة بالزهور خلال تشييع جنازته في كابل (الأوروبية)

 
سامر علاوي  

شيع في العاصمة كابل أول أمس الثلاثاء صبغة الله مجددي أحد أهم قادة المجاهدين الأفغان ضد الاحتلال السوفياتي، وأعلن الحداد العام أمس الأربعاء تعبيرا عن الوفاء للرجل الذي كان أول رئيس للبلاد بعد انسحاب الجيش الأحمر وانهيار النظام الشيوعي في كابل عام 1992.

ولعل مجددي كان محظوظا بسعي حكماء المجاهدين إلى تجنب مواجهة كبرى كانت وشيكة بين أكبر تنظيمين أفغانيين مسلحين، هما الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار والجمعية الإسلامية بقيادة برهان الدين رباني، اللذين كانا على فرسي رهان لقطف ثمار النصر على حكومة كانت أحزاب المجاهدين تجمع على وصفها بالعميلة.

من يعرفه عن قرب يصفه بالاعتدال، فقد عاش في الدانمارك بعد انقلاب سردار داود على ابن عمه الملك ظاهر شاه عام 1973، وتشرب من ثقافتها وأسس فيها مركزا إسلاميا.

عاد بعد الاجتياح السوفياتي نهاية عام 1979، وأسس تنظيم جبهة الإنقاذ الوطنية "جبهاي ملي نجات أفغانستان" للمشاركة في الجهاد لتحرير البلاد.
 
وعرف بعلاقاته الواسعة مع الغرب والشرق على حد سواء أثناء قيادته لجبهة الإنقاذ، وهي إحدى سبع منظمات جهادية ضمها تحالف "الاتحاد الإسلامي لمجاهدي أفغانستان" تلقت جميعها دعما سياسيا وعسكريا من الغرب والعالم الإسلامي.

ولد مجددي عام 1926 من أسرة معروفة بالتدين واتباعها طريقة صوفية أسسها المجدد أحمد سرهندي، وتلقى تعليمه المدرسي بالمدرسة الحبيبية في كابل التي تخرج منها معظم قادة أفغانستان الحديثة، وبعد تخرجه من جامعة الأزهر في مصر عاد للعمل بالتدريس في المدرسة الحبيبية ثم جامعة كابل.

اعتقل بين عامي 1959 و1964 بتهمة محاولة اغتيال رئيس الوزراء في الاتحاد السوفياتي نيكيتا خورشوف، وبداية السبعينيات شارك في الاحتجاجات ضد تغلغل الاشتراكيين بالحكومة والنفوذ السوفياتي في البلاد، وغادر بعد انقلاب عام 1973 تجنبا للاعتقال.

أعلن بعد تسلمه السلطة عفوا عاما عن جميع المسؤولين في النظام السابق، ووجه انتقادات شديدة لطريقة حكم برهان الدين رباني الذي تولى رئاسة البلاد بعد مجددي، حيث دارت معارك شرسه بين قواته وقوات الحزب الإسلامي.

وبعد وصول طالبان السلطة في كابل عام 1996 اتجه إلى باكستان للعيش فيها، وثم رجع إلى كابل مرة أخرى بعد الإطاحة بالحركة ليتولى رئاسة المجلس الموسع للأعيان وشيوخ القبائل (لويا جرغا) التي أقرت الدستور الجديد.

تولى مجددي عدة مناصب في حقبة ما بعد طالبان أبرزها: رئاسة كل من اللجنة المستقلة للمصالحة الوطنية ومجلس الشيوخ بالبرلمان ولجنة فض النزاعات، إلى جانب كونه عضوا بمجلس الشيوخ.

اختلف وصالَح جميع الساسة، وتقدم باستقالته من جميع المناصب للرئيس حامد كرزاي بسبب شعوره بعدم التقدير، لكن كرزاي رفض استقالته واسترضاه، وغيبه الموت الاثنين الماضي بأحد مستشفيات كابل عن عمر ناهز 93 عاما.

المصدر : الجزيرة