رئاسة الحكومة تشعل الخلاف بين الفائزين بتشريعيات تونس

Tunisia's parliamentary elections- - TUNIS, TUNISIA - OCTOBER 06: Leader of Nahda Movement Rachid al-Ghannouchi holds a press conference at his party's headquarters after the first announcement of early election results following the parliamentary elections in Tunis, Tunisia on October 06, 2019. Around 7.1 million Tunisians were eligible to cast ballot in polls to elect the 217-member assembly.
حركة النهضة اختارت الغنوشي لرئاسة الحكومة الجديدة (الأناضول)

آمال الهلالي-تونس

تواصل الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية التونسية مشاورات لتشكيل الحكومة القادمة، في وقت أعلنت حركة النهضة أحقيتها بتعيين رئيس حكومة من داخلها باعتبارها الحزب الفائز بغالبية المقاعد.
 
وقال القيادي بالنهضة فتحي العيادي للجزيرة نت إن المكتب التنفيذي "حسم أمره بخصوص ترشيح رئيسها راشد الغنوشي لمنصب رئيس الحكومة القادمة، بحسب ما يمليه قانونها الداخلي، لافتا إلى أن الغنوشي أبدى استعداده لتولي المنصب.
 
ومن المنتظر أن يجتمع مجلس شورى النهضة اليوم السبت للنظر في قرار المكتب التنفيذي حول تعيين شخصية من داخل الحركة لمنصب رئيس الحكومة، في وقت أبدت فيه أحزاب أخرى تحفظها على هذا القرار.
 
ودعا العيادي الأحزاب المحسوبة على التيار الثوري إلى "تحمل مسؤولياتها التاريخية أمام الشعب، بحال رفضت الدخول في مشاورات مع النهضة أو فرضت شروطا تعجيزية تحول دون تشكيل الحكومة في آجالها القانونية" لافتا إلى أن "النهضة لن تخرج خاسرة بكل الأحوال على عكس ما يتوهم البعض".
 
وشدد على أن الحركة "لن تسمح بتهديد مسار الانتقال الديمقراطي تحت أي ظرف" وستمضي في تشكيل الحكومة مع جميع الأطراف السياسية باستثناء "قلب تونس" صاحب المرتبة الثانية في البرلمان والحزب الدستوري الحر المحسوب على المنظومة السابقة.

وأشار إلى أن نتائج الانتخابات التشريعية أفرزت واقعا برلمانيا جديدا مغايرا لانتخابات 2014، بتصدر كتلة النهضة المرتبة الأولى بـ 52 مقعدا داخل البرلمان، مما يمنحها دستوريا مسؤولية تشكيل الحكومة "وهو ما لا تريد بعض الأطراف السياسية استيعابه".

وكان عضو مجلس شورى النهضة ناجي الجمل قد نشر تدوينة عبر صفحته على فيسبوك قال فيها إن "إعادة الانتخابات أقل كلفة على تونس من خمس سنوات". 

ويخشى كثيرون من سيناريو إعادة الانتخابات التشريعية في ظل رفض الأحزاب المحسوبة على الخط الديمقراطي والثوري الانخراط في حكومة ترأسها النهضة، وفرض بعضها شروطا وصفت بالمجحفة.

‪الخلافات تثير المخاوف من الذهاب إلى انتخابات جديدة‬ (رويترزـ أرشيف)
‪الخلافات تثير المخاوف من الذهاب إلى انتخابات جديدة‬ (رويترزـ أرشيف)

تجاذبات
وأكد أمين عام "حركة الشعب" زهير المغزاوي للجزيرة نت أن حزبه الفائز في التشريعية بـ 15 مقعدا بالبرلمان "لن يدخل في أي مشاورات لتشكيل حكومة تترأسها النهضة" داعيا رئيس الجمهورية إلى تكوين "حكومة الرئيس" ويختار هو الشخصية الأقدر لرئاستها.

وبرر المغزاوي طرحه بالقول "إن قيس سعيد الفائز بنسبة 72% من أصوات الناخبين بات يحمل شرعية شعبية وإجماعا داخل الأوساط السياسية والمنظمات الوطنية تؤهله لتعيين أعضاء الحكومة واقتراح شخصية وطنية تقود الحكومة القادمة".

من جهته قال محمد الحامدي القيادي بحزب التيار الديمقراطي الحاصل على المرتبة الثالثة بالانتخابات التشريعية أن مكتب الحزب سينظر نهاية الأسبوع الحالي من أجل التشاور حول تشكيل الحكومة المقبلة، وتبادل وجهات النظر بخصوص موقف الحزب من المصادقة عليها.

وقال الحامدي في تصريح لوكالة الأنباء الحكومية "في غياب الشروط التي وضعها التيار للمشاركة في الحكومة المقبلة لن يكون معنيا بها" حيث أعلن الحزب سابقا رغبته في تولي حقيبتي الداخلية والعدل كشرط أساسي للدخول في الحكومة التي ستشكلها النهضة.

ويمنح الفصل 89 من دستور ما بعد الثورة الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحاصل على أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان مسؤولية تكوين الحكومة، خلال شهرين على أقصى تقدير.

وعند تجاوز الأجل المحدد أو في حالة عدم الحصول على ثقة البرلمان، يقوم رئيس الجمهورية خلال عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين الحكومة.

ويذهب الإعلامي كمال الشارني إلى القول إن ما يصدر عن حركة النهضة وباقي الأحزاب المعنية بتشكيل الحكومة من مواقف وتصريحات "لا يخرج عن كونه ضربا من المناورات السياسية، لتحسين شروط التفاوض فيما بينها".

وذكر الشارني في تصريح للجزيرة نت بتصريحات مشابهة أطلقها سابقا رئيس "نداء تونس" الراحل الباجي قائد السبسي إبان فوز حزبه بالانتخابات التشريعية عام 2014 حين أعلن أن "النهضة والنداء خطان متوازيان لا يلتقيان" ليتم التوافق بعدها على تشكيل ائتلاف حكومي بين الحزبين.

وشدد على أن إكراهات الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد وصعود أحزاب داخل البرلمان يجعلها تقدم تنازلات خوفا من الذهاب نحو سيناريو إعادة الانتخابات التشريعية، وهو ما لم تستبعده قيادات من النهضة.

ولم يستبعد الشارني أن يكون تمسك المكتب التنفيذي لحركة النهضة بترشيح الغنوشي لمنصب رئاسة الحكومة -رغم موجة الرفض الذي أظهرته باقي الأحزاب- مدخلا لتقديم تنازلات في مرحلة ثانية من التفاوض، وتوجيه هدفها نحو رئاسة البرلمان لتحرج بذلك خصومها.

وخلص إلى أن النواة الشعبية الصلبة التي تتمتع بها النهضة مقارنة بأحزاب أخرى تجعلها في وضعية مريحة نوعا لفرض شروطها، أو التلويح بإعادة الانتخابات التشريعية وهو السيناريو الأسوأ الذي تخشاه باقي الأحزاب الفائزة.

يُشار إلى أن مكتب البرلمان أعلن في بيان رسمي عقد جلسة عامة الأربعاء القادم، تخصص لأداء رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد اليمين الدستورية، ليتولى بعدها تكليف الحزب الفائز بأغلبية المقاعد البرلمانية بتشكيل الحكومة.

المصدر : الجزيرة