واشنطن بوست: تدخل ترامب بفنزويلا لعبة خطرة

CARACAS, VENEZUELA - JANUARY 26: Hundreds of people demand justice as part of a demostration in support of Juan Guaido self-proclaimed interim President of Venezuela on January 26, 2019 in Caracas, Venezuela. Opposition leader Juan Guido has self-proclaimed as interim President of Venezuela against Nicolas Maduro's government. Many world leaders have expressed their support for Guaido this week while others stand behind Maduro. (Photo by Marco Bello/Getty Images)
واشنطن بوست: إذا فشل تأييد ترامب لغوايدو فإن مادورو سيقمع الشوارع في فنزويلا (غيتي)

أورد تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست أن تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فنزويلا يمثل لعبة خطرة، وأن هناك أربعة سيناريوهات لنتائج وقوفه مع زعيم المعارضة خوان غوايدو، مضيفا أن ترامب غير قادر على قيادة تحول إلى الديمقراطية في فنزويلا.

وأوضح التقرير الذي كتبه المؤرخان الأرجنتيني فدريكو فينشلستاين والمكسيكي بابلو بيكاتو، أن ترامب اختار طرفا في الصراع الفنزويلي واعترف -إلى جانب زعماء دوليين آخرين- بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسا انتقاليا للبلاد، ودعا إلى تغيير النظام في فنزويلا.

وقال الكاتبان إنه على الرغم من أن الدعم الدولي سيعزز مزاعم غوايدو، فإن قرار ترامب بإدخال نفسه في صراع من أجل الديمقراطية التي يقودها حاليا المتظاهرون في شوارع المدن الفنزويلية لن يساعد فنزويلا ولا الولايات المتحدة.

تدخله سيجعل الوضع أسوأ
وأضافا أن ترامب وباعتباره شعبويا يستخدم القواعد الديمقراطية ويسيئ استخدامها لتقويض الديمقراطية، فإنه غير قادر على قيادة التحول إلى الديمقراطية في فنزويلا، ومن المحتمل أن يؤدي تدخله إلى جعل الأمور أسوأ.

وقالا إن الولايات المتحدة شاركت في الإطاحة بعشرات الحكومات بأميركا اللاتينية منذ أواخر القرن التاسع عشر، واتخذت هذه التدخلات شكل هجمات عسكرية مباشرة أو عمليات سرية أو تقديم مساعدات لجهات داخلية.

وأشارا إلى أن تعيين إدارة ترامب إليوت أبرامز لإدارة عملياتها في فنزويلا يمثل تبنيا وبعثا لتاريخ من التدخلات الأميركية. فقد كان أبرامز خلال إدارة ريغان محوريا في الإجراءات الأميركية التي أسفرت عن انتهاكات لحقوق الإنسان في أميركا الوسطى، وأدين بالكذب على الكونغرس في تحقيق إيران كونترا.

عقلية التدخل التاريخية
وذكر التقرير أن تهديدات ترامب بغزو فنزويلا وتعيين أبرامز لا يتسقان مع المعارضة المعروفة عنه لفكرة الترويج للديمقراطية والمغامرة العسكرية، وما يفسرها هو عدم تمكنه من مقاومة عقلية التدخل القائمة على فكرة أن نصف الكرة الأرضية الغربي لا يزال يمثل منطقة هيمنة أميركية، وأن القوات المسلحة الأميركية تستطيع "تعليم الديمقراطية" للدول الأضعف.

وقد هيمن ذلك على التاريخ الطويل للعلاقات بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية.

إذن ما الذي يقترحه هذا التاريخ بشأن النتائج المحتملة للتدخل الأميركي في فنزويلا اليوم؟

يقول التقرير إن إحدى النتائج هي فشل إستراتيجية ترامب المؤيدة لغوايدو وحينها ستقمع حكومة مادورو الشوارع بعنف، وتعود البلاد إلى مستنقع سوء الإدارة والبؤس الذي خلق في السنوات الأخيرة سيلا من اللاجئين من فنزويلا.

‪لن يتغير شيء‬ واشنطن بوست: هناك احتمال أن يكرر الجيش الفنزويلي تجربة زيمبابوي ويبعد مادورو، وحينها  (رويترز)
‪لن يتغير شيء‬ واشنطن بوست: هناك احتمال أن يكرر الجيش الفنزويلي تجربة زيمبابوي ويبعد مادورو، وحينها (رويترز)

والاحتمال الثاني الذي من شأنه أيضا أن يمثل فشلا لترامب هو إبعاد القوات المسلحة مادورو وتأمين استمرارية امتيازاتها وسوء إدارة الاقتصاد الوطني مثلما جرى في زيمبابوي، حيث لا انتخابات حرة واستمرار القمع والبؤس الاقتصادي كما كانا من قبل.

هدية ثمينة
والخيار الثالث هو أن تؤدي التصريحات العدوانية والتهديدات بالتدخل القادمة من حكومة ترامب إلى نشوب نزاع مسلح. وبالنسبة لحكومة مادورو تمثل هذه التهديدات والاعتراف بغوايدو هدية ثمينة ​​تسمح لها بالمطالبة بتجديد الشرعية وتعزيز دعم القوات المسلحة لها في مواجهة تهديد خارجي.

وفي هذا السياق، سوف يساهم حايير بولسونارو في البرازيل وغيره من أتباع ترامب في أميركا اللاتينية بشكل كبير في تشكيل صورة أميركا اللاتينية الجديدة التي ستبدو مشابهة لسنوات الحرب الباردة عندما قوضت الأنظمة الاستبدادية سيادة القانون وانتهكت حقوق الإنسان بتأييد ودعم من واشنطن، وفي حالة كوبا بتأييد مقدم من الاتحاد السوفياتي.

مفاوضات مع كل الأطراف
وهناك خيار رابع أيضا، وهو الخيار الذي ترحب به معظم الأطراف. فرغم أن العديد من دول أميركا اللاتينية والدول الأوروبية قد سحبت اعترافها بحكومة مادورو، فإن المكسيك وأورغواي لم تفعلا ذلك، الأمر الذي يمكنهما من إقامة مفاوضات علنية مع مختلف الأطراف، مما يمنع الحرب الأهلية والتدخل الأجنبي. وتبين تجربة أميركا الوسطى أن المفاوضات الإقليمية والمتعددة الأطراف يمكن أن تنهي الصراعات.

ويقول الكاتبان إن الوساطة لا يمكنها التوصل لنتيجة سلمية إلا عن طريق وسطاء يعترفون بحكومة مادورو كطرف ويمتنعون عن انتقاد الطرق التي تمكن بها من الاحتفاظ بالسلطة.

ويضيفان أن الطبيعة الاستبدادية للقيادة الحالية في فنزويلا والولايات المتحدة تعمل ضد هذا الحل. ففي خطاب مادورو كانت جميع المشاكل في البلاد سببها الإمبريالية الأميركية.

وهناك قطاع كبير من اليسار في أميركا اللاتينية والولايات المتحدة يتفق مع هذا التقييم، وكذلك مع فكرة أن القمع السياسي والمعاناة التي يسببها هي أدوات مبررة لقائد يتمتع بالقوة الكاملة -شافيز سابقا، والآن وبدرجة أقل، مادورو- الذي يمكنه التعبير عن مشاعر الناس وتعبئتها بشكل فريد. هذا الموقف يتم الآن اعتماده من قبل الحكومة الروسية التي نشرت مؤخرا قاذفتين في فنزويلا وحذرت واشنطن بعدم التدخل.

ترجيح التدخل المادي
وبالنسبة لترامب الذي يقوده إحساسه وليس فكره، فالنظام الاستبدادي سيئ، وعلى الرغم من أنه معجب بمستبدين من أمثال بوتين وكيم جونغ أون ورودريغو دوتيريز، فهو غير معجب بالمستبد الفنزويلي بسبب شيطنة مستشاره للأمن القومي جون بولتون وماركو روبيو العضو بمجلس الشيوخ لمادورو.

ولأن أميركا اللاتينية ليست ذات أولوية عالية في واشنطن، فقد يصبح التدخل المادي حقيقة ملموسة. ومن شأن ذلك أن يحسن الصورة غير الجميلة لترامب كزعيم قوي، ويدعم شعبيته المتراجعة في استطلاعات الرأي عندما يتوجه نحو الانتخابات الرئاسية عام 2020.

المصدر : واشنطن بوست