خريس والقصراوي.. حرية منقوصة بعد 17 عاما في الأسر

الأسير خريس وصورة قائد السفينة الاسير عمر عكاوي 2
الأسير خريس وصورة قائد السفينة الأسير عمر عكاوي (الجزيرة)


أمجد أيمن-غزة/أيمن فضيلات-عمّان

منذ أسابيع ظلت عائلتا الأسيرين المحررين من السجون الإسرائيلية أحمد خريس ورياض القصراوي تتجهزان لاستقبالهما استقبال الأبطال في منزلهما بالأردن، إلا أن "تعسّف الاحتلال مع الأسرى" حرمهما من رؤية ابنيهما، بحسب حديثهما للجزيرة نت.

فرحة العائلتين لم تكتمل، بعدما قامت السلطات الإسرائيلية بنفي الأسيرين إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، ورغم ذلك احتفلت العائلتان بالإفراج عن أبنائهما من قبضة السجّان بالزغاريد والأغاني الوطنية وتوزيع الحلوى. 

وفي السياق، يقول صالح ابن الأسير المحرر رياض صالح القصراوي لمراسل الجزيرة نت أيمن فضيلات "فرحة إطلاق سراح أبي من بين يدي العدو الصهيوني لا توصف ولا تقدر بثمن، فمنذ 17 عاما ونحن ننتظر هذه الفرحة".

وفي إحدى ضواحي مدينة الرصيفة (شرق العاصمة عمان) ملأت الفرحة بيت عائلة المحرر القصراوي، بعدما تجمع الأهل والأقارب والأصدقاء لتهنئة والدة الأسير وزوجته وأبنائه بالإفراج عنه.

ولم تسعف الكلمات والدة الأسير القصراوي للحديث، مكتفية بالدعاء بأن "يلم الله شمل العائلة" قبل مغادرتها الحياة، وأن تجتمع بابنها الذي لم تره من أكثر من 17 عاما.       

تهنئة
وفي مخيم البقعة (شمال العاصمة عمان) تزيّن الشارع المؤدي لبيت الأسير المحرر أحمد خريس بلافتات التهاني والتبريكات لأهله بعد انتشار خبر الإفراج عنه.

‪الأسير المحرر أحمد خريس دخل غزة ليلة أمس‬  (الجزيرة)
‪الأسير المحرر أحمد خريس دخل غزة ليلة أمس‬  (الجزيرة)

الزغاريد الممزوجة بالدموع ملأت المكان، ابتهاجا بخروج الأسير المحرر خريس، وعلى سطح المنزل جهز أبناؤه مكانا لائقا لاستقبال المهنئين بفرحة الإفراج عن الأبطال.

وتجهّزت فرقة للغناء الوطني -بحسب ابنه محمد- لإحياء حفلة وطنية فلسطينية تمجّد الشهداء، وتحيي الأبطال الأسرى والمحررين، رغم برودة الطقس وهطول الأمطار.

"الفرحة لا توصف"، حسب موسى خريس شقيق الأسير المحرر. ويضيف "كنا نتألم كل يوم على حبسهم في سجون الاحتلال الصهيوني، وتعرضهم للتعذيب والتنكيل، وعندما كان يضرب الأسرى عن الطعام كنا نضرب معهم طوال فترة إضرابهم".

ويتابع "لكن للأسف رحل والدي ووالدتي عن الحياة وأمنيتهما أن يحتضنا أحمد قبل وفاتهما، حتى الزيارة التي نظمتها وزارة الخارجية الأردنية للأسرى الأردنيين في 2008 لم يسمح الاحتلال لوالديّ وزوجته بالمشاركة فيها".  

خريس في غزة
وفي غزة، قال مراسل الجزيرة نت أمجد أيمن إن خريس دخل غزة ليلة أمس عند الساعة السابعة مساء، ولا يوجد له أي أقرباء في غزة، فاستقبله منزل الأسير عمر عكاوي في منطقة المقوسي غرب مدينة غزة.

وكان عكاوي قبطانا لسفينة "كارين إيه" التي كانت ستهرب سلاحا للمقاومة الفلسطينية في الأول من يناير/كانون الثاني 2002، لكن جيش الاحتلال أحبط العملية، وحكم عليه بالحبس 25 عاما، في حين قضى خريس سنوات الحكم.

 
يجلس خريس في منزل رفيقه عكاوي وهو يتوق لرؤية أسرته التي حرمها الاحتلال الإسرائيلي من لحظة استقباله، يقول "سألني ضابط إسرائيلي من سيستقبلك في غزة وليس لك أقارب، فأجبته إنني ابن فلسطين وابن حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وسيستقبلني أبناء غزة، وبالفعل جاء استقبالي سريعا رغم عدم التحضير المسبق له، واستقبلوني استقبال الأبطال".

حادثة السفينة
بعد 17 عاما على حادثة سفينة "كارين إيه"، يختصر الحدث بأنهم كانوا مجموعة من ضباط البحرية الفلسطينية، وبقرار شخصي منهم لدعم الشعب الفلسطيني في حقه بالتسلح لحماية الممتلكات وحماية أرضه، وبناء عليه تم عن طريق جهات عربية تزويدهم بالسلاح، لكن العملية لم تكتمل بعد أن استولى الجيش الإسرائيلي على السفينة، وتمت محاكمة أربعة منهم.

يقول خريس "الاعتقال صعب جدا، المحققون يعاملون الأسير بإذلال ويخضعونه لصدمات عصبية وتعذيب جسدي ونفسي، عن طريق التهديد بمستقبل الأسرة والاغتيال. كنت أفكر في حال أسرتي وزوجتي التي كانت حاملا في الشهر الرابع بابني الذي يبلغ اليوم 16 عاما".

يضيف "بعض الأسرى إذا استحق تحليل دم يعذب بسحب عينة الدم منه عشر مرات حتى تصبح يده زرقاء، وحتى عند طبيب الأسنان، الطريقة الوحيدة للعلاج هي الخلع". 

ويشير خريس إلى أن القضايا العسكرية أو الفلسطينية لها معادلة خاصة عند الجيش الإسرائيلي، بحيث يستطيع أي إسرائيلي رفع قضايا لتعويضه بأي حجة واهية ضد الفلسطينيين.

‪لافتة للأسير أحمد خريس في غزة‬  (الجزيرة)
‪لافتة للأسير أحمد خريس في غزة‬  (الجزيرة)

ويضيف أنهم أصبحوا يتابعون الإعلام الفلسطيني لأجل أي تصريح لإدانة السلطة الفلسطينية بحجة الإرهاب والعنف ضد إسرائيل والمطالبة بالتعويض المالي، والكثير من الأسرى واجهوا في المحاكم إسرائيلية مطالبات ضدهم بمبالغ بالملايين.

لمّ الشمل
لم يوافق الاحتلال الإسرائيلي على زيارة أسرة خريس له في السجون الإسرائيلية رغم محاولاته العديدة من خلال الإضراب عن الطعام وتقديم طلبات عديدة، بحجة عدم امتلاكهم أي وثائق فلسطينية وحملهم الأوراق الأردنية فقط.

وينوه خريس إلى أنه عمليا ودستوريا الأردن ليس مسؤولا عنه بالمطلق، لأنه لحظة اعتقاله تم تسجيله كحامل للهوية الفلسطينية ضمن صفوف الأجهزة الأمنية التي عادت لفلسطين مع السلطة الفلسطينية عام 1994 إثر اتفاقية أوسلو قبل عام من العودة، ولكنه تقدم بطلب الحصول على أوراق أردنية ليرى أبناءه.

وناشد خريس ملك الأردن عبد الله الثاني للنظر في موضوعه من جانب إنساني، والسماح له بالحصول على أوراق أردنية تتيح له دخول الأردن عن طريق السفر لمصر عبر معبر رفح، ثم إلى عمان، وصولا لمخيم البقعة.

المصدر : الجزيرة