قضية "بسيّس".. هل شرع السبسي لثقافة الإفلات من العقاب؟

امال الهلالي - إصدار السبسي عفوا رئاسيا خاصا عن القيادي بنداء تونس برهان بسيس خلف موجة جدل/ فيسبوك - قضية في تجاوز السلطة تلاحق الرئيس التونسي
قائد السبسي خلال لقائه برهان بسيس بعد الإفراج عنه (مواقع تواصل)

آمال الهلالي-تونس

لم ينته الجدل بين الأوساط الحقوقية والقضائية في تونس إثر إصدار الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عفوا رئاسيا خاصا منذ 10 ديسمبر/كانون الأول 2018 عن القيادي في نداء تونس برهان بسيس، المحكوم بسنتين سجنا نافذا في قضية فساد مالي وإداري لم يقض منها سوى شهرين.
وبينما اعتبر البعض أن العفو الرئاسي الخاص الذي منحه قايد السبسي يدخل ضمن صلاحياته الدستورية، وتحديدا "الفصل 77″، ذهب آخرون للقول إن الرئيس تجاوز صلاحياته وشرع لثقافة الإفلات من العقاب ومكافأة حلفائه من الفاسدين.
وتقدّم نشطاء من المجتمع المدني ممثلين عن منظمتي "بوصلة" و"أنا يقظ" ورئيس تحرير موقع "نواة" الإخباري، يوم 11 يناير/كانون الثاني الحالي بدعوى قضائية ضد الرئيس التونسي بتهمة تجاوز السلطة، مطالبين بإلغاء قرار العفو.
وأوضح البيان -الذي نشرته الأطراف المتقدمة بالشكاية- أن القيادي المتمتع بالعفو "أدين من قبل المحكمة الابتدائيّة ومحكمة الاستئناف بسنتين سجنا مع النفاذ العاجل وبغرامة مالية في قضيّة فساد وتحقيق فائدة دون وجه حقّ لنفسه وخدمة لنظام (الرئيس المخلوع زين العابدين) بن علي".
وعبر الناشط بمنظمة "أنا يقظ" موفق الزواري عن قلقه البالغ من استغلال الرئيس صلاحية منحها له الدستور لينحرف بها عن السلطة لخدمة أشخاص بعينهم ويكرس بها ثقافة الإفلات من العقاب.
ورأى الزواري في حديثه للجزيرة نت أن قايد السبسي بصدد إعطاء صورة سلبية عن دور الرئيس باعتباره الضامن لحماية الدستور عبر إصدار عفو خاص تحت الطلب لأحد القياديين بحزبه السياسي في ضرب لاستقلالية القضاء وتضارب للمصالح.
وأضاف أن "اختيار الرئيس تاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول 2018 الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لإصدار عفو رئاسي خاص على أحد رموز المنظومة القديمة، يعد استفزازا للثورة ولشهدائها وللمبادئ التي قامت من أجلها".
وأكد الزواري أن القضية في تجاوز السلطة التي تقدمت بها المنظمة ضد قايد السبسي، تم إيداعها لدى الجهات القضائية المتخصصة يوم 14 يناير/كانون الثاني الجاري عن قصد، لأنه التاريخ الذي يتزامن مع احتفالات الشعب التونسي بالذكرى الثامنة للثورة تأكيدا على مبادئها.

جمعية القضاة تدين
وسبق للجمعية التونسية للقضاة أن عبرت على لسان رئيسها أنس الحمادي عن استيائها الشديد من قرار العفو الخاص الذي أصدره قايد السبسي بسبب مساسه بالقرارات القضائية ومخالفته رأي لجنة العفو.
وكشف رئيس الجمعية خلال تصريحات إعلامية أن اللجنة بوزارة العدل رفضت تمتيع القيادي بنداء تونس بعفو خاص، ولفت إلى أن "رئيس الدولة اختار تقديم العلاقات الشخصية والصفة الحزبية لبسيس على حساب المصلحة الوطنية العليا للبلاد".
ورد برهان بسيس في وقت سابق عبر تدوينة بحسابه الشخصي في فيسبوك على الانتقادات التي وجتها له جمعية القضاة على خلفية تمتيعه بعفو رئاسي، واصفا ما صدر عن رئيسها بالموقف السياسي.
وعبّر عن استغرابه من تشكيك رئيس جمعية القضاة في قانونية العفو الرئاسي الخاص، مشددا على أنه استوفى جميع الشروط للتمتع به وفق ما ينص عليه دستور البلاد، وأن محاكمته كانت بمنطق "انتقائي وانتقامي".
وختم قائلا في التدوينة ذاتها "أنا دخلت إلى السجن بقرار سياسي مبرر قانونيا وخرجت من السجن بقرار سياسي مبرر قانونيا".

صلاحية دستورية
وقال منير بن صالحة محامي برهان بسيس إن القضية التي رفعت ضد رئيس الجمهورية بتهمة تجاوز السلطة ليس لها أي مستند قانوني ،لافتا إلى أن "فعل العفو الخاص عمل من أعمال السيادة لا يقبل الطعن بتجاوز السلطة".
وشدد في تصريح للجزيرة نت على أن السبسي متع موكله بعفو رئاسي خاص بحسب الصلاحيات التي يجيزها له الدستور التونسي والتي لا ينازعه فيها أحد، وبعد استيفاء جميع إجراءات التقاضي وإصدار القضاء حكما باتا في القضية.
وأضاف أن "العفو الرئاسي يأتي بعد انتهاء الخصومة، والطعن في تجاوز السلطة ضد الرئيس من شأنه أن يخلق خصومة جديدة، وهذا أمر لا يقبله المنطق".
وختم بن صالحة "إذا أصبحنا ننازع رئيس الجمهورية في صلاحية منحها له الدستور فيا خيبة المسعى".
المصدر : الجزيرة