"أبناء الأرض".. تحديات بالجملة أمام حزب مهاتير

مؤتمر حزب أبناء الأرض / ماليزيا / الجزيرة نت
مهاتير (يمين) خلال أعمال المؤتمر (الجزيرة)

سامر علاوي-بوترا جايا

مشاعر مختلطة خرج بها المشاركون في المؤتمر العام الثاني لحزب مهاتير محمد "أبناء الأرض" الموحد، الذي اختتم أعماله الأحد الماضي.

وبينما حاول قادة الحزب جاهدين النأي به عن استنساخ "المنظمة الملاوية القومية المتحدة" (أمنو)، فإن الشكل والمظهر العام بدا استمرارا للحزب الذي حكم ماليزيا 61 عاما، وحمل الراية نفسها، وهي الدفاع عن حقوق الغالبية الملاوية.

وبرأي مراقبين، فإن نقطة ضعف الحزب الجديد ظهرت جلية في محاولاته توسيع دائرة تمثيله البرلماني من خلال جلب أعضاء "أمنو" إليه، ليوازن قوته مع شركائه في تحالف الأمل الحاكم، ولا سيما حزبي أنور إبراهيم "عدالة الشعب" و"العمل الديمقراطي" الذي تغلب عليه الصبغة الصينية، ويشكلان أكبر كتلتين في البرلمان.

وترى قيادات في حزب "أبناء الأرض" أن ما يميز جمعيته العمومية الثانية هو انعقادها أثناء وجوده في السلطة، ويؤكدون أن الاصطفاف خلف مهاتير وتبنيه رعاية مصالح الغالبية الملاوية يعززان موقعه في صدارة التحالف.

وطرح حزب مهاتير نفسه بديلا عن "أمنو"، وقدم نفسه للملاويين على أنه الوحيد القادر على رعاية مصالحهم وعدم التفريط في حقوقهم، وهو ما أكده مخرز بن مهاتير نائب رئيس الحزب للجزيرة نت بقوله إن "الفرق بيننا وبين أمنو هو تحملنا للمسؤولية الملاوية، ونتطلع لأن نكون بديلا عنه بعد أن خان جماهيره".

‪جانب من الحضور في مؤتمر أبناء الأرض‬  (الجزيرة)
‪جانب من الحضور في مؤتمر أبناء الأرض‬  (الجزيرة)

وفي السياق ذاته، يذهب محمد شكري بن شعيب -المسؤول في الحزب في ولاية قدح التي تنحدر منها أسرة مهاتير محمد- إلى أن الأولوية الآن هي لإعادة ترميم الغالبية الملاوية تحت قيادة واحدة، هي مهاتير محمد الذي يرى فيه مركز اجتذاب لجميع الملاويين.

ثقافة "أمنو"
ويعلق الكاتبان يسواري بالانساوي ونادرة إبراهيم في تحليل لهما في صحيفة "مالاي ميل"، فيقولان "يمكنك انتزاع شخص من أمنو، ولا يمكنك انتزاع أمنو من شخص"، 
وهما بذلك يشيران إلى أن "أبناء الأرض" يحمل "أمنو".

وانتقد الكاتبان تصريحات نائب رئيس حزب أبناء الأرض عبد الرشيد عبد الرحمن، التي طالب فيها الحزب بالعمل بكل السبل للنجاح في الانتخابات المقبلة بما فيها الاستفادة من مقدرات الدولة، وهو ما كان يفعله "أمنو" من قبل.

وأثارت تصريحات عبد الرحمن -وهو رئيس سابق للجنة الانتخابات المستقلة- حفيظة حركة التنظيف (برسه) التي تدعو إلى انتخابات نزيهة.

أما وزير الرياضة والشباب سيد عبد الرحمن -وهو الأصغر سنا بين أعضاء الحكومة- فقد رفض استمرار سياسة رسو عطاءات المشاريع الحكومية على الموالين للحكومة، وطالب أن يكون الإصلاح شاملا.

الحكم بالتوافق
ويعتبر مخرز مهاتير محمد -وهو أيضا رئيس الحكومة المحلية في ولاية قدح- أن ضعف حزب "أبناء الأرض" لا يسبب مشكلة في السلطة، مشيرا إلى أن سياسة المساواة بين أحزاب تحالف الحكم تحول دون التنافس بينها، وتتجنب وجود حزب مهيمن في السلطة كما كان الحال مع "أمنو" والحكومة السابقة.

ويرى مخرز أن جميع القضايا تطرح في المجلس القيادي لتحالف الأمل الذي يتشكل من رؤساء أحزابه، بينما يتساوى تمثيل الأحزاب في الحكومة بغض النظر عن ثقلها البرلماني، وهذا برأيه يحقق توازنا في الحكم دون هيمنة حزب بعينه أو تعسفه.

ويبقى انتقال ممثلي المعارضة في البرلمان إلى أحزاب السلطة من المشاكل العالقة بين أعضاء التحالف الحاكم، فبينما ترى ثلاثة أحزاب أن المستفيد الوحيد من تغيير الولاءات هو حزب مهاتير محمد، فإن محمد شكري بن شعيب يرى فيه سياسة إيجابية تعزز من قوة الحكومة واستقرارها.

‪محمد شكري بن شعيب: الأولوية لبناء البلاد واستقرارها‬  (الجزيرة)
‪محمد شكري بن شعيب: الأولوية لبناء البلاد واستقرارها‬  (الجزيرة)

ولا يرى بن شعيب -القيادي في حزب أبناء الأرض- سلبية في استقبال حزب مهاتير أعضاء أمنو في البرلمان، "نظرا لأن الحكومة بحاجة إلى مزيد من الحشد البرلماني بما يمكننا من الحصول على غالبية الثلثين وإجراء التعديلات الدستورية التي تتوافق عليها أحزاب حكومة تحالف الأمل".

نقل السلطة
وشهد المؤتمر الثاني للحزب الذي يقود تحالف الحكم حملة تطالب مهاتير محمد باستكمال ولايته لمدة خمس سنوات، وذلك بهدف استكمال الإصلاحات التي بدأها. وفهم من تصريحات سابقة لمهاتير أنه يتحاشى تسمية أنور إبراهيم خليفة له، لأنه (مهاتير) يسيء اختيار القيادات.

لكن مخرز نجل مهاتير لا يرى مشكلة في نقل السلطة إلى أنور، وقال في حديثه للجزيرة نت "من المهم أن يتم نقل السلطة بصورة لا تهز الثقة بين الحكومة والشعب، أو بين أعضاء التحالف الحاكم"، ويكون ذلك برأيه من خلال تبني خطة بعيدة المدى لنقل السلطة.

ويرفض بن شعيب قطعيا فكرة نقل السلطة من مهاتير إلى أنور، ويقول "لا يوجد رئيس وزراء انتقالي في ماليزيا، ولا يوجد في الدستور ما يلزم رئيس الحكومة بالتنازل عن صلاحياته، والأهم من نقل السلطة هو بناء البلاد واستقرارها".

لكن مراقبين للتطورات السياسية في ماليزيا يرون أن مهاتير يدرس خياراته، وهو يأخذ بالاعتبار مواقف أحزاب التحالف ومستقبل حزبه في حال وصل أنور إبراهيم إلى السلطة، ولا سيما أن الشريكين في التحالف "الأمانة الوطنية" و"عدالة الشعب" يتنافسان على كسب تمثيل الغالبية الملاوية.

المصدر : الجزيرة