فايننشال تايمز: مستقبل ممالك الإنترنت الأربع

A lock icon, signifying an encrypted Internet connection, is seen on an Internet Explorer browser in a photo illustration in Paris April 15, 2014. About two thirds of all websites use code known as OpenSSL to help secure those encrypted sessions. Researchers last week warned they have uncovered a security bug in OpenSLL dubbed Heartbleed, which could allow hackers to steal massive troves of information without leaving a trace. REUTERS/Mal Langsdon (FRANCE - Tags: SCIE
في حين أن الإنترنت المفتوح شدد على حقوق الجماهير فإن الإنترنت التجاري يناصر مصالح المشغلين الخاصين (رويترز)

إن مفهوم "الممالك الأربع" الذي كان موضوعا متكررا في علم الإيمان بالآخرة في اليونانية والرومانية واليهودية والبروتستانتية غالبا ما ينظر إليه على أنه التنبؤ بنهاية الأزمنة والقدوم الوشيك لملكوت الرب.

وقد لا تكون المقارنات مع حالة الإنترنت المعاصرة واضحة على الفور، ولكن أحد التفسيرات لبحث أكاديمي حديث يشير إلى أن الإنترنت قد تجزأ إلى أربع ممالك وقد تقترب هي نفسها من نهاية دراماتيكية.

وفي البحث الذي جاء بعنوان "أربعة الإنترنت: الجغرافيا السياسية للإدارة الرقمية"، يجادل كيرون أوهارا وويندي هول، بأن تجزئة الإنترنت "splinternet"، أو ما يطلق عليه أيضا "بلقنة الإنترنت" قد أصبحت حقيقة مع تطور المفاهيم المتنافسة حول كيفية إدارة عالمنا عبر الإنترنت.

ورأت افتتاحية الفايننشال تايمز أن أستاذي علوم الحاسوب في جامعة ساوثهامبتون محقان في قولهما بأنه ينبغي لنا أن نولى اهتماما أكبر بالشبكة العنكبوتية من أنظمة البروتوكولات والمعايير والأجهزة والمنظمات التي تشكل الإنترنت، ويجب ألا يقع الوعد الأصلي لهذه التكنولوجيا الرائعة الآن ضحية للأولويات الجيوسياسية المتضاربة. إذ يؤمن المخططون الأصليون للإنترنت إيمانا قويا بالانفتاح لأسباب عملية وفلسفية.

ويصف المؤلفان أربع وجهات نظر ناشئة عن أفضل طريقة لإدارة الإنترنت، كل منها يلعب دورا جيوسياسيا ومدعوما على المستوى الوطني. الأول الإنترنت المفتوح لوادي السيليكون، يعكس المثالية لمبدعي الإنترنت الذين قاموا بتصميمه ليكون منفتحا وبمعايير شفافة وبيانات وبرامج قابلة للحمل والتوسع والتشغيل البيني.

والنموذج الثاني هو الدول الأوروبية والمفوضية الأوروبية، "النموذج البرجوازي". والنموذج الثالث هو الصين والعديد من الدول الأخرى أو ما يطلق عليه "الإنترنت الاستبدادي"، ووجهة النظر الرابعة والأكثر تجارية، المميزة لجمهوريي أميركا في واشنطن، تعتبر مصادر الإنترنت كملكية خاصة يستطيع أصحابها صك عملتها والبحث عن أسعار سوق لاستخدامها.

إذا ساد الإنترنت الاستبدادي فستكون مأساة للعالم لأن هذا الانفتاح الكبير للتكنولوجيا هو الذي مكنه من الازدهار. ولا تزال العيوب الظاهرة على الإنترنت المفتوح بحاجة إلى المعالجة المناسبة ولكن ليس على حساب قتل مبادئه الأصلية

وتشير الصحيفة إلى أنه رغم أن "الإنترنت المفتوح" ربما كان جذابا لملايين ثم مليارات المستخدمين لكن مخاطره سرعان ما أصبحت بادية للحكومات.

فقد تكون حرية التعبير أمرا رائعا حتى تنزلق في مجالات مثل المواد الإباحية للأطفال أو سرقة حقوق الملكية الفكرية أو التلاعب الجماعي بالديمقراطية.

فالأوروبيون الذين يؤكدون مفهوم الكرامة الفردية أكثر من الحرية كانوا أكثر حرصا على فرض اللوائح وابتداع ما يسميه المؤلفان "الإنترنت البرجوازي".

الإنترنت الاستبدادي
وهناك دول أخرى مثل الصين قد اتخذت موقفا أكثر تشددا بإنشاء البرامج الوقائية firewalls للحماية من غزوها من قبل الغرب.

وهذا "الإنترنت الاستبدادي" قد منع العديد من الانتهاكات المتفشية في الإنترنت المفتوح، ولكنه مكن الحكومات أيضا من تعزيز حالة المراقبة بطرق مثيرة للقلق في كثير من الأحيان.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه النماذج الأربعة في حالة تغير مستمر وقد لا ينجو بعضها. ويبدو أن بعض الجهات الدولية الفاعلة، بما في ذلك روسيا، عازمة على تعطيل هذا التوازن.

لكن في الوقت الحالي يبدو أن الزخم يأتي من النموذج الاستبدادي، خاصة أن الصين ترأس حاليا الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية الأممي.

ويعيش حوالي ثلاثة مليارات شخص من الذين لا يزالون غير متصلين في العالم في المناطق الريفية في الصين والهند وأفريقيا. وتحرص الحكومات في تلك الأجزاء من العالم بشكل خاص على فرض رقابة صارمة على الإنترنت.

وختمت بأنه إذا ساد الإنترنت الاستبدادي فستكون مأساة للعالم، لأن هذا الانفتاح الكبير للتكنولوجيا هو الذي مكنه من الازدهار.

ولا تزال العيوب الظاهرة على الإنترنت المفتوح بحاجة إلى المعالجة المناسبة ولكن ليس على حساب قتل مبادئه الأصلية، والأهم من ذلك هو محاكاة المبادئ.

المصدر : فايننشال تايمز