هل اختار السبسي سياسة "الأرض المحروقة" لمواجهة خصومه؟

Tunisian President Beji Caid Essebsi holds a news conference at the Carthage Palace in Tunis, Tunisia, October 25, 2018. REUTERS/Zoubeir Souissi
الباجي قائد السبسي يتحدث في مؤتمر صحفي بقصر قرطاج بالعاصمة تونس (رويترز)
آمال الهلالي-تونس

لم يكن الرئيس السابق المنصف المرزوقي الوحيد في التعبير عن مخاوفه من انزلاق الوضع السياسي في البلاد لسيناريو الفوضى، في ظل تناحر رأسي السلطة التنفيذية الممثلة في الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد من جهة، وبين السبسي وحليف الأمس حركة النهضة من جهة أخرى.

وأشار المرزوقي أثناء استضافته في برنامج "بلا حدود" بقناة الجزيرة إلى أن السبسي بصدد ارتكاب أخطاء جسيمة من خلال فتحه حربا بلا هوادة على جبهتين ضد النهضة وضد رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

ووجه المرزوقي ما سماه نصيحة للسبسي داعيا إياه للكف عن "سياسة الأرض المحروقة" وأن يخفف من حدة الاحتقان ويستعد لرحيل بهدوء.

سيناريو الفوضى
وتجمع بعض النخب السياسية على أن السبسي بات مدفوعا برغبة جامحة في استعادة مكانته السياسة والاستعداد للانتخابات القادمة بكل الوسائل المتاحة، بعد أن خسر معركته ضد الشاهد والنهضة أثناء جلسة التصويت على منح الثقة للحكومة.

وتعالت أصوات من هنا وهناك تحذر من سيناريو الفوضى خلال الأشهر القادمة بهدف إسقاط حكومة الشاهد، تحت علة المطالب الاجتماعية وإحراج النهضة من خلال ملف "الاغتيالات السياسية والجهاز السري"والزج بالبلاد في أتون الحرب.

وعبر النائب عن كتلة "الائتلاف الوطني" الصحبي بن فرج في حديثه للجزيرة نت عن مخاوفه لما يطبخ في الغرف المظلمة ضد البلاد.

وحذر من ركوب البعض على موجة الاحتجاجات الاجتماعية التي تحشد لها أطراف سياسية لتنحرف عن مسارها وتتحول إلى أداة لإسقاط الحكومة.

وحول دور رئيس الجمهورية في إذكاء هذا التوتر رفض بن فرج الحديث عنه بالقول "أرفض تماما الحديث عن الرئيس وافهميها كما تشائين".

رغبات العائلة
ووجه المستشار الرئاسي السابق أبو لبابة قزبار عبر صفحته على فيسبوك، ما سماه "نصيحة لصديقه الرئيس الباجي قائد السبسي"،  داعيا إياه للتخلي عن سياسة "عليا وعلى أعدائي" التي تهدد بدفع البلاد نحو المجهول.

ورأى قزبار أن السبسي بات مندفعا لرغبات عائلته على حساب الشعب التونسي، داعيا إياه إلى العودة لسياسة التوافق مع جميع الأطراف وعدم الانحياز لمحور دولي أو إقليمي.

وكان استقبال الرئيس التونسي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ولقاؤه برجل الأعمال المصري نجيب ساويرس قد أثار تساؤلات حول رغبة السبسي في كسر الجليد مع المحور "السعودي الإماراتي المصري" بعد فتور العلاقات منذ إعلان التوافق بينه وبين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.

كما صعد طرح السبسي ملف "الجهاز السري"لحركة النهضة على طاولة مجلس الأمن القومي حدة التوتر مع الحركة التي حذرته عبر بيان من خطورة إقحام مؤسسة الرئاسة في التجاذبات والصراعات السياسية وضرب استقلالية الجهاز القضائي.

ولا يخفي القيادي وعضو مجلس شورى حركة النهضة زبير الشهودي للجزيرة نت مخاوفه مما سماه "البطانة المحيطة بالسبسي والمشحونة بالعداء الأيديولوجي للنهضة والتي قد تدفعه لنسف تاريخه ودوره في دعم مسار الانتقال الديمقراطي".

ويقر الشهودي بتصاعد مناخ التوتر السياسي مع اقتراب موعد الانتخابات، محذرا السبسي من السقوط في فخ التجاذبات ومعركة تصفية الحسابات السياسية مع خصومه.

ويوجه له رسالة بالقول "أتمنى أن ينحاز السبسي لمواقفه الإيجابية منذ توليه سدة الحكم من خلال حرصه على إنجاح المسار الديمقراطي في البلاد وأن يحكم العقل بعيدا عن منطق الحسابات السياسية وتسجيل النقاط ضد الخصوم".

قلب الطاولة
وحذر الناشط السياسي رئيس شبكة "دستورنا" جوهر بن مبارك من خطة للإجهاز على العملية السياسية الديمقراطية في البلاد وتعطيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة.

وكتب عبر صفحته على فيسبوك قائلا "قريبا ستعطى إشارة الانطلاق لسياسة الأرض المحروقة، سيحاولون قلب الطاولة بكلّ عنف وإشعال حرب الكلّ ضدّ الكلّ للإجهاز على العملية السياسية الديمقراطية نهائيا".

ونبه بن مبارك إلى تورط جهات خليجية في إدخال البلاد في سيناريو الفوضى والدم.

ووسط هذه المخاوف والتكهنات، يرفض القيادي في حزب نداء تونس رضا بلحاج ما سماها "حملات التشويه الممنهجة" ضد رئيس الجمهورية واتهامه بافتعال الأزمات رغبة منه في تصفية حساباته السياسية مع خصومه.

ويقول بلحاج للجزيرة نت "السبسي لا ينتهج سياسة الأرض المحروقة بل هو بصدد تعديل البوصلة السياسية داخليا وخارجيا ضمن صلاحياته الدستورية ودوره رئيسا ضامنا لاستقرار البلاد".

وشدد بلحاج على أن ملف الاغتيالات السياسية وما بات يعرف بالجهاز السري لحركة النهضة كان مطلبا ملحا توجهت به هيئة الدفاع في ملف اغتيال القياديين البراهمي وبلعيد للرئيس ضمن صلاحياته الدستورية بعيدا عن منطق الحسابات السياسية.

وتابع "حركة النهضة بنت تحاليلها السياسية على كون الرئيس فقد جميع أوراقه وانتهى سياسيا، وبأن الشاهد افتك نداء تونس، ولما اتضح لها العكس بدأت بتشويهه واتهامه بإرباك المشهد السياسي وانتهاج سياسة الأرض المحروقة".

وأوضح بلحاج، في ختام حديثه، إلى أن لقاء الرئيس بشخصيات عربية وخليجية منذ أسابيع يمثل امتدادا للدبلوماسية التونسية منذ عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة المبنية على مبدأ الدبلوماسية الإيجابية، ورفض منطق الاصطفاف الدولي وسياسة المحاور الإقليمية.

المصدر : الجزيرة