إقبال كبير وأجواء فرح.. رمضان يعيد الروح لمساجد لندن بعد سنوات الوباء
لندن – بعد عامين من الإغلاق فرضهما وباء كورونا، عادت الروح لمساجد العاصمة البريطانية لندن، باستقبال المصلين وبأعداد كبيرة خلال شهر رضمان.
وفي أجواء تمزج بين الاحتفال والروحانية، عادت الجالية المسلمة البريطانية للمساجد لإحياء أجواء رمضان، من دروس دينية وحلقات الذكر وصلاة التراويح.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsرغم مرور مئات السنين .. براعة بناء مسجد الرحيب بعُمان تقاوم التغيرات المناخيةرغم مرور مئات السنين .. براعة ...
مسجد عمر في تورينو.. كيف أصبح محطة لكل عابر سبيل مهاجر؟مسجد عمر في تورينو.. كيف أصبح ...
مسجد عتيق.. الجامع الذي وحّد القرى وأسس مدينة أصفهان الإيرانيةمسجد عتيق.. الجامع الذي وحّد ...
الجزيرة نت انتقلت بين أكثر من مسجد من المساجد المشهورة في لندن، لتقف على حجم الاشتياق الذي عبر عنه القائمون على هذه المساجد وكذلك حالة الفرح الظاهرة على مرتاديها، بعد رفع كل القيود وعودة المساجد لسابق عهدها.
عودة الروح
بعد أكثر من 6 سنوات من الأشغال وبميزانية بلغت 10 ملايين دولار، نجحت الجالية المسلمة في تشييد صرح إسلامي غرب العاصمة، وهو مركز غرب لندن الإسلامي، المكون من 4 طوابق على مساحة 5 آلاف متر مربع تقريبا.
"وكأنني في مسجد في بلدي، كل شيء فيه" يقول أبو محمد ذو الأصول المصرية، وهو يشير بيديه إلى الثريات المعلقة في سقف المسجد، بإضاءتها الهادئة "إنها مثل الثريات المعلقة في مساجدنا القديمة في مصر والحمد لله هذه السنة ربنا أكرمنا بالعودة لصلاة القيام في المسجد بعد عامين من الوباء والإغلاق".
توصيف أبو محمد لثريات المسجد كان دقيقا، فهي مستلهمة من طريقة الإضاءة في المساجد الشرقية والعثمانية، حيث تبدو وكأنها شموع متوهجة قريبة من المصلين تمنح قاعة الصلاة هيبة وسكينة.
ولأن تشييد المسجد شارك فيه مسلمون من جاليات عربية وغير عربية، فعمارته كذلك كانت مزيجا من أنماط مختلفة، فالداخل سيجد في استقباله الزخرفة الأندلسية، والأقواس المصرية والإضاءة العثمانية، أما السجاد فهو يذكرك بمساجد بخارى وسمرقند.
"لقد مرت علينا الأعوام الماضية صعبة جدا منذ بداية الوباء وإغلاق المساجد ثم فتحها بشكل تدريجي، وهذه السنة وكأنني أولد من جديد وأنا أرى مئات المصلين وقاعات الصلاة وقد امتلأت عن آخرها" بتأثر شديد يحكي موسى محمد فرحته بعودة المساجد لسابق عهدها خلال شهر رمضان.
ولا يتعلق الأمر فقط بصلاة التراويح فقد "عادت حلقات الذكر وجلسات العلم والأعمال الخيرية التي نكثر منها في هذا الشهر خصوصا وأن هذه السنة يعاني الكثير من إخواننا من ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق" يضيف محمد.
شعور لا يوصف
"شعور لا يوصف" بهذه العبارة حاول محمد كزبر، مدير مسجد فينزبري بارك في لندن، أن يصف إحساسه وهو يشاهد عودة المئات من المصلين يدخلون للمسجد لأداء صلاة التراويح، وقبل ذلك للمشاركة في الإفطار الجماعي الذي ينظمه المسجد.
ولمسجد "فينسبري بارك" رمزية خاصة ليس في لندن فقط ولكن في كل بريطانيا، فهو شاهد على أحداث تاريخية، ويعتبر قبلة للنخبة السياسية البريطانية ومنارة للتسامح الديني.
"هذه السنة يبلغ عدد المصلين حوالي 1800 فرد وكل قاعات المسجد تكون ممتلئة عن آخرها، وهذا مشهد افتقدناه لسنتين بسبب الوباء" يقول كزبر في حديثه للجزيرة نت، مضيفا أن توقيت صلاة التراويح هذه السنة ليس متأخرا في الليل كما أن رمضان يتزامن مع العطل المدرسية "مما جعل الأسر تقبل على المساجد رفقة أطفالها".
وليست صلاة التراويح وحدها التي عادت لسابق عهدها، بل حتى الإفطار الجماعي الذي ينظمه المسجد وبشكل يومي ويستفيد منه المئات من الأشخاص سواء مسلمين أو غير مسلمين طيلة شهر رمضان.
وليد أبو عوني مهاجر تونسي استقر حديثا في لندن، وجد في الإفطار الجماعي ملاذا يقيه وحشة الغربة، ويقول للجزيرة نت "العام الماضي مر عليّ شهر رمضان بشكل صعب، لا أسرة لدي هنا والمساجد لم تكن تنظم أي أنشطة اجتماعية".
ويضيف "هذه السنة في رمضان أشارك في الإفطارات الجماعية والتقيت بأعداد كبيرة من الجالية المسلمة، وهذا خفف عني الكثير من شعور الغربة خصوصا في شهر رمضان الذي له أجواء خاصة في بلادنا".
ويقول وليد إنه تعرف على قصص المهاجرين "ومنها قصص مؤلمة لأشخاص كبار في السن قضوا العامين الماضيين معزولين عن العالم والآن يعودون للمساجد وعلى محياهم فرح طفولي وكأنهم يعودون لمنازلهم".
وتتنوع أنشطة المساجد بين تنظيم حلقات للذكر، الدروس الدينية، إطلاق حملات خيرية وتوزيع المساعدات على المحتاجين. وبعد عامين من التوقف، عادت مساجد لندن وكأنها خلية نحل لا تتوقف طيلة اليوم وحتى الانتهاء من صلاة التراويح، وعادت لها الروح والحركة، وكذلك الأجواء الروحانية مع إقبال كبير من الجالية المسلمة.