يهوى صيد الأفاعي منذ صغره.. ما حكاية الشاب العراقي أحمد العداد؟

بغداد- اعتاد أحمد العداد رؤية الأفاعي منذ صغره عندما كان يرعى الغنم في قرية المسحك بمحافظة صلاح الدين (وسط العراق)، وأسهم الموقع الجغرافي للقرية ذات الأرض المنخفضة بين جبال مكحول ونهر دجلة، وجوّها الرطب في تكاثر أنواع نادرة من الأفاعي الصحراوية والنهرية.

عاش العداد يتيم الأم والأب في مجتمع ريفي بسيط، لا يتقاضى أي دخل شهري، وعندما شبّ لم يحصل على فرصة عمل رغم تخرجه من كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة. وراح يمتلك أدوات صيد الأفاعي، ويعمل على تطوير مهارات صيد الأفاعي (…) حتى ذاع صيته في القرية وجوارها، بات الناس يتصلون به عندما يجدون أفعى، فيسرع إليهم ليصطادها بسهولة ويخلّصهم منها.

العداد: صرت منقذا لهم من خطرها خاصة أنه لا يوجد في قريتنا مصلٌ مضاد للدغات الأفاعي (الجزيرة)

يقول العداد للجزيرة نت "صرتُ منقذا لهم من خطرها، خاصة أنه لا يوجد في قريتنا مصلٌ مضاد للدغات الأفاعي، وهي بعيدة جدا عن المدن والمستشفيات"، وإلى ذلك تعلّم الشاب المغامر الكثير عن هذا العالم الذي كان مجهولا بالنسبة إليه. وهو يُعرب اليوم عن دهشته لاكتشافه أن أغلب أنواع الأفاعي غير سامة وغير مؤذية إطلاقا، بل لها فائدة كبيرة جدا في الحفاظ على التوازن البيئي.

 

أنواع ومخاطر

ويلفت العداد إلى أنه يستطيع تمييز الأفاعي السامة من غيرها، من خلال أشكالها وألوانها وأحجامها، ومن خلال البقع والخطوط والذيل والرأس والعيون. ويوضح أن الأفاعي التي سواد عينيها على شكل خط عمودي ومستديرة الأنف تكون سامة جدا. أما تلك التي يكون فيها سواد العين على شكل دائري، فجميعها غير سام، باستثناء الصل الأسود والكوبرا المصرية ذات السواد الدائري للعين.

ومن الأفاعي غير السامة والمنتشرة في القرية ومحيطها الأرقم الجملي، ومتسابق السهول، والثعبان الشجري الخضاري، والنرد المائي، وثعبان النمر سوسان، وثعبان الزيبرا النادر، والقزم الفارسي معتدل السميّة وغيرها كثير.

العداد لم يتلق أي دعم مادي أو اهتمام من جهة حكومية أو منظمة خاصة رغم كونه المغامر الوحيد في محافظة صلاح الدين (الجزيرة)

ويؤكد أنه لم يتلق أي دعم مادي أو اهتمام من جهة حكومية أو منظمة خاصة، رغم أنه المغامر الوحيد في محافظة صلاح الدين. ويقول "أمتلك جرأة وخبرة عالية في التعامل مع الأفاعي، على أنواعها، وأعرف مضارّها ومنافعها، ولكنني أعيش للأسف في بلد قاتل للطموح". ويأمل الحصول على أجهزة ومختبرات من جهة داعمة ليطوّر هوايته، من أجل منفعة الناس والبلد، لكن عمله اليوم يقتصر على نشر معلومات عن الأفاعي عبر قناته على يوتيوب وصفحته في فيسبوك؛ بهدف نقل صورة ثقافية عن الحياة البرية في العراق، ومن أجل إزالة الخوف عند الناس من الأفاعي.

شغف وأهداف سامية

يقول نعمة الجبوري (صديق العداد ومرافقه في الصيد) إن العداد يلعب دورا مهما في إنقاذ حياة كثيرين من أهل القرية والجوار، من خلال مساهمته في توفير الأمصال والعلاجات المضادة لسم الأفاعي عبر الاتصال بالمراكز الصحية المتخصصة.

ويوضح الجبوري -في حديثه للجزيرة نت- أن حركة الأفاعي تزداد في بداية فصل الربيع، وتخرج بكثرة من سباتها وتنزل من الجبل إلى القرية بحثا عن الغذاء، مما يجعلها تشكل خطورة طوال فصول الربيع والصيف والخريف، إذ تبقى في نشاط دائم من مطلع مارس/آذار حتى بداية نوفمبر/تشرين الثاني، لتعود إلى سباتها الشتوي.

أحمد لديه شغف بملاحقة الأفاعي وإمساكها والمغامرة بحياته لإبعاد خطرها عن أهل قريته (الجزيرة)

ويتحدث علاء العداد عن شغف شقيقه أحمد واندفاعه العجيب في ملاحقة الأفاعي والإمساك بها، والمغامرة بحياته في سبيل إبعاد خطرها عن أهل قريته. ويقول للجزيرة نت "أصبحنا في العائلة لا نخاف عليه، بل نحن فخورون مما يقوم به".

ويقول الخبير في الأفاعي علي باسم وحيد إن أحمد العداد استمد بعض الخبرات الميدانية مع الأفاعي من مجموعتنا في فيسبوك (مجموعة معرفة الأفاعي العراقية السامة وغير سامة)، وأنشأ محتوى توعويا جميلا للسكان، فضلا عن نشر ثقافة عدم الخوف وقتل هذه الكائنات المفيدة.

ويكشف وحيد للجزيرة نت عن وجود نحو 52 نوعا من الأفاعي في العراق، تنقسم إلى 3 أقسام؛ بين 11 أفعى سامة و5 أفاعي متوسطة السمية، و36 غير سامة.

 

المصدر : الجزيرة