طارق بن زياد.. أول مدرسة دولية لتعزيز الهوية القطرية

جانب من حفل افتتاح مدرسة طارق بن زياد
حفل افتتاح مدرسة طارق بن زياد (الجزيرة)

محمد السيد-الدوحة

بمجرد أن تطأ قدمك ساحة مدرسة طارق بن زياد عضو مؤسسة قطر التي أعيد افتتاحها مؤخرا، تجد نفسك محاطا بذكريات الماضي الأصيل وعراقة التراث وحداثة الحاضر، عبر مسار تعليمي متفرد ومنظومة متطورة.

ومن خلال غرس الأخلاق والعادات والتقاليد في الأجيال المستقبلية، تهدف المدرسة إلى لعب دور رائد في مساعدة الدولة على تعزيز التراث الثقافي الوطني والمحافظة على القيم والهوية العربية والإسلامية، والتي تبنتها رؤية "قطر 2030".

وباعتبارها جزءا من مؤسسة قطر، توفر المدرسة -التي تملك إرثا حافلا بالتفوق يعود لعدة عقود- تعليما ثنائي اللغة (العربية والإنجليزية) لمنهج متجذر بعمق في التراث القطري، وذلك في مرافق تتميز بمحافظتها على الموروث التاريخي، وبالمعمار الحديث ذي المواصفات العالمية.

وتعد "طارق بن زياد" من أقدم المدارس القطرية، حيث كانت واحدة من ثلاث مدارس للبنين في الستينيات، وبدأت عام 1962 بمعلم واحد وسبعة طلاب، ثم ذاع صيتها ليزداد عدد طلابها عام 1993 إلى 610 طلاب منهم 381 من القطريين مع زيادة الصفوف إلى 18 صفا.

‪الاهتمام بتعليم القيم الإسلامية‬ الاهتمام بتعليم القيم الإسلامية (الجزيرة)
‪الاهتمام بتعليم القيم الإسلامية‬ الاهتمام بتعليم القيم الإسلامية (الجزيرة)

التراث القطري
وتوضح مديرة المدرسة مها الرميحي أن المدرسة تطبق البكالوريا الدولية المخصصة للمرحلة الابتدائية، وتدمج التراث القطري داخل مختلف المناهج، عبر ربط النصوص الدراسية بأمثلة من التراث، فضلا عن الحرص على تخصيص أماكن للمجالس القطرية في المدرسة.

وتقول أيضا للجزيرة نت إن أنشطة ما بعد المدرسة تركز على التراث أيضا، مثل أنشطة صناعة الألعاب الشعبية، وتدريب الطلاب على العرضة، وكذلك فعاليات اليوم المفتوح "يوم الثوب والدراعة" في آخر خميس من كل شهر.

وتهدف المدرسة -حسب ما تقول المديرة- إلى التركيز على شخصية الطفل وبناء هويته، خاصة ما يتعلق بالقيم والعادات والتحدث بلغة عربية سليمة، وكذلك الأخلاق التي تمثل الثقافة القطرية، وهو ما ظهر جليا في معرض المدرسة الذي يستعرض تاريخها بصور من الماضي.

وأغلقت "طارق بن زياد" أوائل الألفية الثالثة بسبب قدم مبانيها، وتم هدمها وإعادة بنائها بنفس الشكل وبالتصميم الهندسي القديم في الستينيات، ولكن تمت إضافة مرافق جديدة من قاعات رياضية وقاعات فنون وموسيقى وحاسوب وعلوم، كما أضيف مبنى للروضة والتمهيدي.

‪(الجزيرة)‬ مها الرميحي توضح أن المدرسة تدمج التراث القطري بالمناهج الدراسية 
‪(الجزيرة)‬ مها الرميحي توضح أن المدرسة تدمج التراث القطري بالمناهج الدراسية 

ومنذ نشأة المدرسة وهي تحت مظلة وزارة التعليم والتعليم العالي (المعارف سابقا) لكن تم إدراجها تحت مؤسسة قطر في مايو/أيار 2019، ثم بدأ تشغيلها في أغسطس/آب من نفس العام، لتستقبل 156 طالبا وطالبة من مراحل الروضة الثلاث وحتى الصف الأول، على أن يفتح الصف التالي كل عام حتى تكتمل سعة المدرسة الاستيعابية الكاملة حتى الصف الخامس بحدود 740 طالبا وطالبة.

وبشعور مختلج بين الحنين والفرح، استرجع المدير السابق للمدرسة عيسى بن هزاع ذكرياته في هذا الصرح التعليمي، والتي لا تتوقف ولا تنضب. فهي ما زالت معه كل لحظة، فلا ينسى صوت الطابور الصباحي بفقراته المنظمة وأناشيده الحماسية، وزملائه الذين كانوا السند والعون في مهمة تعليم الأجيال.

أيقونة
وتمثل المدرسة أيقونة تعليمية لعدد كبير من خريجيها الذين شغلوا مناصب كبيرة في الدولة أبرزهم رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ورئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ عبد الله بن خليفة بن حمد آل ثاني، بجانب وزراء آخرين.

عيسى بن هزاع يرى أن
عيسى بن هزاع يرى أن "طارق بن زياد" تعد أملا للأجيال القادمة

ويعود هزاع فيقول للجزيرة نت إن مشروع إعادة إحياء مدرسة طارق بن زياد بات واقعا يشهده الجميع وأملا للأجيال القادمة، خاصة أنهم عدة هذا الوطن وبناته وأمل ومستقبل البلاد ويجب السمو بهم.

ويشدد على أن مفهوم تعزيز المدرسة للهوية القطرية الوطنية لا يقتصر على أنه حالة من الانسجام بين الأفراد والبيئة المحيطة فقط، بل يعكس انسجام الفرد مع نفسه ومع الآخرين والثقافات المختلفة، وهو الأمر الذي ستقدمه المدرسة عبر منهج تعليمي فريد.

وتتضمن مناهج المدرسة الدراسية وحدات قائمة على البحث والاستقصاء تستكشف التراث وتضع الهوية القطرية في صلب عملية التعلم، وتعمل على تعزيز الأنشطة المعرفة بالتراث القطري عبر تنظيم زيارات إلى المتاحف واستكشاف قطاعات وأساليب الزراعة القديمة، وفن الصيد بالصقور، وفنون الفروسية، والموسيقى، والشعر، والأدب، والفنون، والثقافة.

ذكريات
"قضيت فيها أجمل فترات عمري مع ربعي، تعلمنا سويا وكبرنا معا" بهذه الكلمات تحدث القطري محمد المهندي عن ذكرياته مع مدرسة طارق بن زياد.

ويضيف أن مبنى المدرسة تمت إعادة بنائه بنفس التصميم التراثي القديم الذي يعبر عن الأصالة القطرية، حيث الساحة الواسعة التي كنا نتجمع ونلعب فيها، وأيضا الصفوف التي تمر عبر الممرات.
 
‪(الجزيرة)‬ المدرسة تحرص على تثقيف طلابها بالقصص القطرية التراثية
‪(الجزيرة)‬ المدرسة تحرص على تثقيف طلابها بالقصص القطرية التراثية

وتقع "طارق بن زياد" في حرم مدرسي خلاب، يضم مساحات خضراء شاسعة، والعديد من الساحات للعب في الهواء الطلق، بما في ذلك ملعب لكرة القدم ذو أرضية من العشب الاصطناعي، وملعب للتنس وملاعب بأرضيات صلبة لكرة السلة وغيرها من رياضات الصالات، ومضمار اصطناعي للركض، وأيضا صالة رياضية داخلية تمتاز بإضاءة طبيعية.

وتبدو المرافق المميزة للمدرسة كأنها لوحة فنية، وقد جرى الحفاظ عليها وتجديدها، فضلا عن تعزيزها بمجموعة متنوعة من مناطق الخدمات التكميلية: كافتيريا، غرف للصلاة، عيادة طبية، غرفة للموسيقى، وأخرى لتكنولوجيا المعلومات، علاوة على أستديوهات تعلم متخصصة ومكاتب إدارية. 

وتشمل المدرسة ثلاثة مبان رئيسية: مبنى التعليم المبكر بطابق واحد، ومبنى المدرسة الابتدائية بطابقين، بالإضافة إلى مبنى القاعات التعليمية المتخصصة بطابقين أيضا.

المصدر : الجزيرة