بالفيديو.. مقدسي يبتكر منظومة لتحلية مياه البحر بتكلفة منخفضة

أسيل جندي-القدس المحتلة

بصعوبة تمكّنا من الوصول إلى منزل المخترع المقدسي جميل أبو ماضي في حي رأس العامود، أحد أكثر أحياء مدينة القدس المحتلة اكتظاظا بالسكان.. استقبلنا بنفس الحماس الذي استقبلنا به قبل عامين عندما زرناه لإعداد تقرير عن ابتكاره المتعلق بتحويل البنزين في السيارات من سائل إلى غاز.

وبالشغف ذاته بدأ جميل يشرح للجزيرة نت عن منظومة جديدة ابتكرها لتقطير ماء البحر بتكلفة منخفضة جدا عبر جهاز صنع معظم قطعه يدويا، وهي تعتبر المنظومة الأولى من نوعها في العالم وتوفر الكثير من الطاقة وينتج عنها أعلى درجات الماء جودة.

دوافع الاختراع
تحدث جميل أبو ماضي عن الأسباب التي دفعته لابتكار منظومة جديدة لتقطير مياه البحر، وقال إنه يتابع بقلق معضلة الدول في توفير مياه صالحة للشرب لمواطنيها، ويؤسفه موت كثيرين بسبب عدم توفر مياه نقية.

وأضاف "من هنا بدأت التفكير في طرق لتحلية مياه البحر بتكلفة منخفضة، لأن الطرق المتبعة حاليا تحتاج لمواد كيميائية وطاقة وأيدي عاملة وتكلفة إنشاء وصيانة دورية وغيرها".

المياه بعد خضوعها للتحلية عبر الجهاز الذي اخترعه جميل أبو ماضي(الجزيرة)
المياه بعد خضوعها للتحلية عبر الجهاز الذي اخترعه جميل أبو ماضي(الجزيرة)

وقال "بصفتي فيزيائيا ولديّ عدة اختراعات، توصلت إلى مخطط نظري للمنظومة ودعمته بتجارب علمية مصغرة في منزلي أثبتت ما كتبته نظريا.. توجهت بعدها لمؤسسة النيزك للإبداع العلمي التي تبنت الفكرة ودعمتني لإنشاء نموذج مصغر لمنظومة تحلية المياه الخاصة بي".

ومن المعروف أن دول العالم تتبع طريقتين لتحلية مياه البحر، وذلك إما عبر "التناضح العكسي" أو عبر "التقطير" الذي تستبعده دول العالم لتكاليفه الباهظة، إلا في حالات إنشاء منظومات التحلية إلى جانب محطات الكهرباء لاستغلال حرارة البخار الفائض من المحطة.

تكلفة منخفظة
وقال أبو ماضي لدى مقارنته بين محطات التقطير الحالية والمنظومة التي اخترعها: إن المحطات المتوفرة في العالم تستهلك ما يقارب 25 كيلوواطا من الطاقة الكهربائية للمتر المكعب الواحد، في حين يستهلك الجهاز الذي صممه مؤخرا من 2 إلى 5 كيلوواطات للمتر المكعب الواحد.

وأضاف أن اختراعه الجديد لا يحتاج لصيانة دورية ولا إلى مواد كيميائية وأيدي عاملة كثيرة، وأن إنشاء المنظومة غير مكلف نسبيا.

وأوضح أن آلية عمل المنظومة تعتمد على الاسترجاع الحراري الكامل عن طريق استغلال بخار الماء الذي يخرج من المنظومة بدلا من هدره في الجو، وأن هذا البخار يعمل على تسخين مياه التغذية القادمة (مياه البحر) باسترجاع حراري كامل، بعكس محطات التحلية التي تعمل حاليا باسترجاع حراري جزئي.

ويقول أبو ماضي "بطريقة معقدة تمكنت من عمل استرجاع حراري كامل للبخار الذي يسخن مياه البحر القادمة على المنظومة، والتي لا تتعدى درجة حرارتها 20 درجة مئوية، بحيث تصل إلى 120 درجة مئوية، ويبدأ الجهاز بتقطيرها دون الحاجة لطاقة كهربائية عالية لتسخين الماء قبل تقطيره في محطات التحلية الموجودة حاليا".

وحول أبرز المعيقات التي واجهته منذ بداية التفكير بالاختراع الجديد حتى رأى النور مؤخرا، قال أبو ماضي إن الكثير من الأدوات والقطع التي احتاجها لبناء المنظومة لا تتوفر في فلسطين، واضطر لصنع كثير منها يدويا من الألف إلى الياء، فيما لجأ لطلب تصميم بعضها من الصين.

‪جميل أبو ماضي واجه بعض العراقيل في توفير قطع لجهاز تحلية مياه البحر‬ (الجزيرة)
‪جميل أبو ماضي واجه بعض العراقيل في توفير قطع لجهاز تحلية مياه البحر‬ (الجزيرة)

تجارب
استغرق التخطيط للمنظومة وإجراء تجارب بسيطة عليها عاما واحدا، بينما احتاج لعام آخر لتطبيق التجارب على الجهاز الذي صممه وذلك بدعم من مؤسسة النيزك.

وشارك أبو ماضي في عدة محافل باختراعي "جهاز تسخين طلبات الطعام باستخدام حرارة العادم" و"تحويل البنزين في السيارات من سائل إلى غاز"، أهمها: معرض إسطنبول الدولي للاختراعات حيث حاز ميدالية ذهبية عن أفضل اختراع لعام 2016.

ورغم عدم تبني أي من الشركات العالمية اختراعاته حتى الآن، فإن أبو ماضي يواسي نفسه بتأخر تبني الشركات براءات اختراع غيره من المخترعين العالميين أعواما طويلة، ويتمنى لو كان بإمكانه التفرغ بشكل كامل لميله إلى علم الفيزياء وهوايته في اختراع أجهزة ومنظومات جديدة.

المصدر : الجزيرة