الإذاعات المجتمعية بالمغرب ظاهرة إيجابية تواجه التحديات

Said سعيد - اجتماع فريق إذاعة صدى إف إم بمدينة ورزازات بالجنوب الشرقي للمغرب - الإذاعات المجتمعية بالمغرب ظاهرة إيجابية تواجه التحديات
اجتماع فريق إذاعة "صدى أف أم" بمدينة ورزازات بالجنوب الشرقي للمغرب (الجزيرة)

خالد ايت ناصر-أكادير

عرفت الإذاعات المجتمعية بالمغرب انتشارا ملحوظا في العديد من المدن والمناطق القروية، حيث تبرز الحاجة الماسة إليها في الكشف عن الواقع الاجتماعي المزري وإيصال صوت المواطن إلى المؤسسات المعنية.

وهذه الإذاعات هي مجموعة من المبادرات المجتمعية التي يندرج أغلبها ضمن أنشطة جمعيات المجتمع المدني التي جعلت من التنمية المحلية ونقل الحدث المحلي من أولوياتها.

وتنتشر أكثر من ثلاثين إذاعة مجتمعية في العديد من المدن والمناطق النائية، وهي تبث على الإنترنت وتستقطب مجموعة من الشباب للعمل ضمن فريقها بشكل تطوعي، في ظل غياب موارد مالية تمكنها من توظيف صحفيين مهنيين.

أدوار مجتمعية متعددة
تقوم الإذاعات المجتمعية بأدوار متنوعة داخل المجتمع، وفي هذا الصدد يقول الأستاذ بالمعهد العالي للصحافة والإعلام بالرباط عبد الوهاب الرامي في حديث للجزيرة نت "هناك دوران أساسيان، دور التخصص وهو تأطير المواطن من حيث تعزيز مواطنته وإشراكه بشكل فعال في المجتمع، والدور الثاني هو تسهيل صحافة القرب، والقرب يمكن أن نوسعه إلى القرب الجغرافي والقرب النفسي والسياسي والعاطفي واللغوي كذلك، لأنه بإمكان هذه الإذاعات أن تبث بالمستويات اللغوية التي يفهمها جمهورها القريب".

إحدى حلقات برنامج بإذاعة صدى أف أم بمدينة ورزازات (الجزيرة)
إحدى حلقات برنامج بإذاعة صدى أف أم بمدينة ورزازات (الجزيرة)
وتعالج الإذاعات المجتمعية العديد من القضايا المحلية التي تهم المناطق التي توجد بها، حيث تتنوع تخصصاتها من إذاعة إلى أخرى.

يشير صلاح بابا الشيخ مؤسس إذاعة "صدى أف أم" الجمعوية بمدينة ورزازات (الجنوب الشرقي للمغرب) إلى أن "أي إذاعة مجتمعية تهدف إلى فك العزلة عن المناطق المهمشة إعلاميا لأنها أقرب إلى جميع الفعاليات والأحداث، ويمكن أن نقول إنها لسان الحدث المحلي لأنها تحاول أن توصل صوت من لا صوت لهم للجهات المسؤولة".

وتابع أن "للإذاعات المجتمعية دورا في تكوين الشباب في هذا المجال لأن بُعد المدن الهامشية عن المدن المركزية التي توجد فيها معاهد الصحافة والإعلام، يشكل عائقا أمام عدد كبير من الطلبة، وبالتالي فالإذاعات الجمعوية أصبحت متنفسا لهم ليأخذوا زمام المبادرة للتمرن نظريا وتطبيقيا في مجالات العمل الإذاعي".

مساهمة في التنمية المحلية
يشير الرامي إلى أنه "يمكن لهذه الإذاعات أن تشارك في التنمية المحلية خاصة من خلال الرقابة (المعنوية) التي تفرضها أولا على المحيط الذي تنشط فيه، وكذلك بالمساءلة له، أي مساءلة المسؤوليات المرتبطة بالأشخاص وبالمؤسسات داخل المحيط الذي تنشط فيه، وأهم شيء هو تنمية إدراك المواطن بمحيطه وجعله مرتبطا بعجلة التنمية المستدامة".

الشيخ رفقة فريق عمل إذاعة
الشيخ رفقة فريق عمل إذاعة "صدى أف أم" بورزازات (الجزيرة)

ويؤكد الشيخ أن الإذاعة المجتمعية التي يشرف عليها "صدى أف أم" إلى جانب إذاعات مجتمعية محلية بمدينة ورزازات على سبيل المثال، لعبت دورا مهما في تسليط الضوء على مشكلة ماء الشرب الذي تعاني منه المنطقة، وبعد ذلك جاء تحرك المسؤولين.

وبالإضافة إلى ذلك "ساهمت الإذاعات الجمعوية في فك العزلة عن مناطق نائية في فصل الشتاء، حيث قمنا بقافلة اجتماعية إلى تلك المناطق الباردة جدا، وساهمنا في تسريع وتيرة فك العزلة من خلال إزالة الثلوج وإيصال المواد الغذائية والملابس".

تحديات تواجه الظاهرة
يوضح رئيس تحرير إذاعة "راديو ميسور" علي أترجة التحديات التي تواجهها الإذاعات المجتمعية بقوله "يعاني راديو ميسور -على سبيل المثال- مثل باقي الإذاعات المجتمعية من قلة مصادر التمويل وعدم استمرار الشباب المتطوعين في العمل بحكم متابعتهم دراساتهم الجامعية في مدينة فاس التي تبعد عن مدينة ميسور مئتي كيلومتر، وهذا ما يجعلنا نبحث في كل مرة عن شباب متطوعين".

أترجة في إحدى حلقات البرنامج الذي ينشطه (الجزيرة)
أترجة في إحدى حلقات البرنامج الذي ينشطه (الجزيرة)

في المقابل يرى يوسف حمداوي الذي يشرف على إذاعة "سلاميديا" أن أبرز الإكراهات التي تعترض هذه الإذاعات هو عدم وجود نموذج اقتصادي يضمن انخراط الجسم الصحفي في العطاء اليومي، أضف إلى ذلك عدم تفرغ الفريق بحيث يتحتم عليهم إيجاد وقت محدد لاستدعاء الضيوف للتسجيل وصعوبة التنقل إلى الأستوديو بحكم وجوده في حي واد الذهب.

كما يعترض العمل أيضا -وفقا لحمداوي- قلة التجهيزات التقنية التي تساعد على إخراج المواد في أحسن حلة، ووجود العائق القانوني لهاته الإذاعات بحيث لا يوجد نص قانوني يعترف بهذا النوع من الإذاعات في القانون المغربي.

وضع قانوني ملتبس
حول الوضع القانوني للإذاعات المجتمعية بالمغرب، يقول الرامي "ليس هناك إطار قانوني يؤطر الإذاعات المجتمعية بالمغرب، هذا الأمر لا يزال مطروحا بحدة لأن المشتغلين بهذه الإذاعات ليست لهم صفة قانونية، إلا إذا تم اعتبار ذلك داخل الصحافة الإلكترونية، وهذا الأمر لم يحسم فيه بشكل رسمي، وبالتالي فوضعها القانوني ملتبس لحد الساعة".

كما يضيف الباحث في الإعلام المسموع سعيد العمري "كانت هناك مجموعة من المبادرات الجمعوية للترافع من أجل الحصول على الاعتراف القانوني بالإذاعات الجمعوية لتدخل ضمن تخصص الهاكا (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري) لتمنح لها تراخيص، ولحد الآن ليست هناك أي نتائج".

مع ذلك، يؤكد حمداوي أن الإذاعات الجمعوية تشتغل الآن تحت إطار الجمعيات، وتعتبر بمثابة نشاط من أنشطتها الجمعوية، وهذا يدخل ضمن المشروع الذي يشرف عليه الاتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى توسيع شبكة الإذاعات الجمعوية بالمغرب بالتنسيق مع "جمعية جسور" التي يشرف عليها منتدى بدائل المغرب، الذي يسعى إلى توطين الإذاعات الجمعوية بالمغرب.

المصدر : الجزيرة