أمين الزين يبعث أول قبة إيكولوجية في تونس

Said سعيد - تستقبل القبة عشرات الشباب المغرم بالرحلات - أمين الزين يبعث أول قبة إيكولوجية في تونس
القبة تستقبل عشرات الشباب المغرم بالرحلات (الجزيرة)

مريم الناصري-تونس

بالتربة البيضاء والرمال والتبن وبعض الحجارة الجبلية، شيّد أمين الزين رفقة بعض الشباب المتطوعين إقامة صغيرة في تخوم جبال سليانة. وتحديدا على سفح جبل السرج قرب مغارة عين الذهب. في تلك المنطقة التي تشهد توافد مئات التونسيين على مدار السنة للاستمتاع بالرحلات الجبلية والتخييم في الغابات، بنى استراحة بسيطة بمكوّنات إيكولوجية طبيعية لاستقبال الزوار القادمين من تونس وخارجها.

لم يكن أمين الزين (36 عاما) يملك من المال الكثير لينجز مشروعه البسيط. وهو خريج الجامعة منذ سنة 2008، لكنّه بقي عاطلا عن العمل لسنوات عدة، لانعدام فرص العمل سواء في القطاع العام أو الخاص، لا سيما في منطقته تلك التي تغيب عنها فرص التشغيل والتنمية.

أما جبل السَرج الذي اختاره أمين مكانا لبناء مشروعه، فهو يقع بوسط الجمهورية التونسية بمحافظة سليانة، يبلغ ارتفاعه 1357 مترا ويحتوي على محمية تعتبر نموذجا للتنوع البيئي والحيواني والنباتي. وهو ما يستهوي طالبي الراحة والاستجمام ومنظمي الرحلات.

ويقع الجبل على مقربة من كهف يسمى عين الذهب، يمتدّ على حوالي ثلاثة كيلومترات في عمق الجبل، ويضم تسع غرف منفصلة عن بعضها، تحتوي على تشكيلات صخرية ذهبية تكونت على مدى آلاف السنين.

‪المشروع يهدف للتشجيع على السياحة الداخلية‬ (الجزيرة)
‪المشروع يهدف للتشجيع على السياحة الداخلية‬ (الجزيرة)

ينابيع
ويوجد بالكهف ينابيع وأودية تتلاقى عند مدخله في قاعدة الجبل. وهي من أكثر المناطق المشهورة في سليانة التي تستقبل السياح والزوار على مدار السنة.

القبة الإيكولوجية كما يسميها أمين الزين لم تتطلب منه الكثير من المال أو الوقت، استغرق الأمر فقط بضع أسابيع، كل شيء بمواد طبيعية. حتى أنّه اختار أيضا تأثيثها بمفارش تقليدية صوفية يدوية الصنع على غرار "الكليم" و"المرقوم".

جعل ستائرها من الأقمشة التونسية البسيطة، وأثاثها من الخشب والطين، حتى يعطيها طابعا تونسيا تقليديا. إقامة تجعلك تشعر وكأنك في بيت مشيّد منذ أكثر من 100 سنة. شكله وطلاؤه وبناؤه بشكل تقليدي كالبيوت التي كانت تسكنها بعض العائلات في أرياف الشمال التونسي أو الصحراء في الجنوب.

"فكرة إنشاء القبة كانت تراودني منذ سنوات، لأشجع على السياحة في منطقتنا البسيطة البعيدة عن كل مقومات الحياة الحضرية. وبعد أن تلقيت تكوينا في السياحة الإيكولوجية والمشاريع الصديقة للبيئة، حققت فكرتي سنة 2017. وباتت القبة قبلة للزوار من مختلف الفئات العمرية ممن يعشقون الرحلات الجبلية والتخييم هناك خلال العطلة الأسبوعية" وفق ما يشير إليه منفّذ المشروع.

‪شباب يختارون التخييم قرب القبة الأيكولوجية‬ (الجزيرة)
‪شباب يختارون التخييم قرب القبة الأيكولوجية‬ (الجزيرة)

قبلة الشباب العاشق للجبال
يقول أمين الزين للجزيرة نت "أستقبل أسبوعيا عشرات الشباب بتلك المنطقة، حاملين زادهم للالتقاء هناك، يتقاسمون المرح والخبز بعيدا عن ضجيج المدن وحياتهم الروتينية. عمل أكسبني محبّة الناس وصداقات كثيرة من مختلف المناطق التونسية".

محمد أمين حمدي (25 عاما) شاب مغرم بالرحلات الداخلية، زار القبة الإيكولوجية مرتين، ويقول للجزيرة نت "تبدأ الرحلة كالمعتاد سيرا على الأقدام وتسلق الجبال الوعرة للوصول إلى القبة، وتكون مناسبة للاستكشاف وممارسة الرياضة وتكوين صداقات جديدة. ننصب خيامنا قرب قبّة أمين، بعضنا يختار أخذ قسط من الراحة لساعة أو ساعتين ثّم مواصلة الرحلة، والبعض الآخر يبيت ليلة ثم يعود في اليوم الموالي".

إيمان (34 عاما) مُنظمة رحلات إلى مختلف المناطق التونسية، تقول إن "أغلب منظمي الرحلات زاروا تلك المنطقة أكثر من مرة قبل بناء القبة الإيكولوجية، لكن بعد سماعنا عن القبة بتنا نمر بها لقضاء فترة الاستراحة هناك"، مضيفة "يلتقي العديد من الشباب القادمين من جهات عدة هنا في هذا المكان، لقضاء يوم كامل، نطهو على الحطب، ونمارس الرياضة أو اليوغا".

undefined

الأمر لا يخلو من منغصات
بعد بضعة أشهر بدأ أمين الزين يواجه مضايقات من قبل السلطة الجهوية هناك، التي طلبت منه إغلاق المكان لأنه لا يوجد كراس شروط لهذا النوع من النشاط المحدث والأول من نوعه في تونس والشمال الغربي، وبعد ضغط المجتمع المدني والشباب الذي زار المنطقة التقى أمين بوالي المنطقة ووزير السياحة، وأعيد على إثر اللقاء فتح القبة من جديد.

يقول أمين إنه "سعيد بدعم المجتمع المدني ودعم أغلب الشباب الذين نظموا زيارات عدة إلى القبة خلال الأسابيع الماضية، بعد السماح لي أخيرا بمواصلة المشروع"، مضيفا أنه يفكر اليوم بتطوير المشروع وبناء أكثر من قبة لاستقبال أكبر عدد من الزوار.

المصدر : الجزيرة