إذاعة فرسان الإرادة.. صوت المعاقين الوحيد في فلسطين مهدد بالسكوت

هبة أبو فول مذيعة في فرسان الإرادة وتعرضت لشلل نصفي بفعل الاحتلال في الانتفاضة الأولى -رائد موسى-الجزيرة نت
ساعات البث في إذاعة فرسان الإرادة تقلصت من 18 إلى 10 ساعات (الجزيرة)

رائد موسى-غزة

توشك الضائقة المالية الخانقة أن تكتم الأنفاس الأخيرة لإذاعة فرسان الإرادة المحطة الوحيدة المختصة بقضايا ذوي الإعاقة بفلسطين، في وقت يحتفل فيه العالم اليوم الثالث من ديسمبر/كانون الأول باليوم العالمي لذوي الإعاقة.
 
ويترقب آلاف المعاقين في قطاع غزة بسبب هذه الوضعية بكثير من القلق زوال صوتهم الوحيد الذي يعبر عن قضاياهم وهمومهم، بعدما فتكت الأزمة المالية بجمعية دير البلح لتأهيل المعاقين وسط القطاع المشرفة على الإذاعة.
 
ضائقة مالية
وبينما تترنح الجمعية تحت وقع قرار السلطة الفلسطينية تجميد حساباتها المصرفية -مثل غيرها الكثير من مؤسسات المجتمع المدني في قطاع غزة- جاء قرار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بإنهاء عقود "البطالة الدائمة" لموظفي الإذاعة ليعمق من أزمة الجمعية.
أسامة أبو صفر: أونروا أنهت عقود عمل 24 موظفا من الإذاعة(الجزيرة)
أسامة أبو صفر: أونروا أنهت عقود عمل 24 موظفا من الإذاعة(الجزيرة)

وقال مدير العلاقات العامة والإعلام ومقدم البرامج في الإذاعة أسامة أبو صفر للجزيرة نت، إن أونروا أنهت عقود عمل 24 موظفا من مذيعين وفنيين في الإذاعة التي تأسست عام 2006 بموجب اتفاق مع الوكالة الأممية تتحمل بموجبه مصروفات التشغيل.

وبحسب أبو صفر الذي يعاني من إعاقة حركية منذ الولادة، فإن الإذاعة تلتزم بما تم التوافق عليه مع أونروا عند تأسيسها من حيث الاستقلالية والحيادية وتشغيل أشخاص ذوي إعاقة وتخصيص 50% من الخطة البرامجية لقضايا ذوي الإعاقة، غير أن أونروا شرعت منذ ثلاثة أعوام في تقليصات متتالية للدعم المقدم للإذاعة وصولاً إلى قرارها بإنهاء عقود جميع العاملين.

وأضاف أبو صفر أن ساعات البث تقلصت بسبب الضائقة المالية التي تعاني منها الجمعية عموما من 18 ساعة إلى عشر ساعات فقط يوميا، مبديا خشيته من انهيار الإذاعة كليا واختفاء صوت ذوي الإعاقة، في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد هذه الشريحة بفعل الجرائم الإسرائيلية.

معاقون في مهب الريح
تخشى المذيعة هبة أبو فول (30 عاما) أن تجد نفسها دون عمل بعد ست سنوات قضتها في الإذاعة، قدمت خلالها برامج اجتماعية تركز على قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة.

وقالت أبو فول للجزيرة نت "رغم أن العائد المادي لعقود البطالة الدائمة قليل (320 دولارا شهريا)، فإنه يسند أُسَر 24 موظفا ستتأثر حياتها سلبا، في ظل واقع اقتصادي متردٍّ في غزة".

إذاعة فرسان الإرادة مهددة بالتوقف بعد 14 عاما من البث(الجزيرة)
إذاعة فرسان الإرادة مهددة بالتوقف بعد 14 عاما من البث(الجزيرة)

وتعاني هبة من شلل نصفي بسبب استنشاقها غاز ناجم عن ثلاث عبوات أطلقتها قوات الاحتلال وأصابت منزل عائلتها في مخيم الشاطئ للاجئين إبان الانتفاضة الأولى في عام 1988 عندما كانت طفلة في الرابعة من عمرها واستشهد على إثر ذلك شقيقها علاء (13 عاما).

ويحقق العمل في الإذاعة لهبة الرضا عن الذات ويمنحها فرصة مساعدة إخوتها الذين يعيلون أسرا كبيرة ويعانون من ضغوط الحياة.

وبدأت مخاوف هبة وزملائها من انهيار الإذاعة وفقدان عملهم منذ نحو ثلاثة أعوام عندما شرعت أونروا في تقليص مساعداتها للجمعية والإذاعة، وزادت هذه المخاوف مع تجميد السلطة الفلسطينية الحسابات المصرفية للجمعية وبلغت أشدها بقرار أونروا إلغاء عقود عملهم.

انهيار وشيك
توقع مدير عام جمعية دير البلح لتأهيل المعاقين خالد أبو شعيب ألا يطول صمود الإذاعة لأكثر من شهرين إذا أصرت أونروا على قرارها، في وقت لا يمكن فيه للجمعية تحمل عقود الموظفين بسبب ما تعانيه من ضائقة مالية مع استمرار قرار السلطة الفلسطينية تجميد حساباتها المصرفية وتوقف كل المشاريع والحوالات المالية الداخلية والخارجية.

ووصف أبو شعيب للجزيرة نت الواقع بالخطير للغاية وقال إنه ينذر بانهيار الجمعية نفسها التي تعتبر من كبرى الجمعيات التي تقدم خدمات متنوعة لشريحة ذوي الإعاقة ويزداد عددها بشكل مستمر بفعل الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة.

وفيما لا تزال السلطة الفلسطينية تجمد حسابات مصرفية لجمعية دير البلح وعشرات الجمعيات الأهلية في غزة منذ أربعة أشهر من دون مبرر واضح، فإن أونروا بررت وقف عقود العاملين في الإذاعة لدواعي أزمتها المالية.

خالد أبو شعيب: تمسك الأنروا بقرارها سيكون سببا في انهيار الإذاعة الوحيدة التي تمثل صوت ذوي الإعاقة(الجزيرة)
خالد أبو شعيب: تمسك الأنروا بقرارها سيكون سببا في انهيار الإذاعة الوحيدة التي تمثل صوت ذوي الإعاقة(الجزيرة)

تهديدات بالانهيار
قال أبو شعيب إن الجمعية تواصلت مع أونروا وإذا ظلت الأخيرة متمسكة بقرارها فإن ذلك سيكون سببا في انهيار الإذاعة الوحيدة التي تمثل صوت ذوي الإعاقة، وستدفع بالموظفين إلى أتون البطالة، في ظل أوضاع اقتصادية متردية ناجمة عن الحصار والانقسام.

وبإغلاق إذاعة فرسان الإرادة سيفتقد ذوو الإعاقة -وفق أبو شعيب- الصوت الذي يركز على قضاياهم وقصص التحدي والنجاح، ويعزز من الحشد والمناصرة والضغط على صناع القرار لصون حقوق هذه الشريحة وزيادة الاهتمام بها.

وحث أبو شعيب السلطة الفلسطينية على حل أزمة الحسابات المصرفية المجمدة وإنقاذ الجمعية من الانهيار حماية للآلاف من ذوي الإعاقة، داعيا كل الجهات المعنية إلى الضغط على أونروا للتراجع عن قرارها لضمان استمرارية صوت إذاعة فرسان الإرادة.

المصدر : الجزيرة