أسرار وخفايا حول بناء جدار برلين وسقوطه

جدار برلين
136 شخصا لقوا حتفهم وهم يحاولون عبور الجدار بينما نجح 5000 في ذلك (رويترز)

ظل بناء جدار برلين الذي فصل في وقت سابق بين شطري برلين الشرقي والغربي والمناطق المحيطة في ألمانيا الشرقية ثم انهياره في وقت لاحق؛ من الأحداث التاريخية المهمة في التاريخ المعاصر المحاطة بكثير من الأسرار واللحظات الحاسمة والمهمة.

وقدمت جيفري لوبيز في تقرير نشرته صحيفة "لاكروا" الفرنسية بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لسقوط جدار برلين التي ستحل يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، نبذة تاريخية عن بناء وسقوط الجدار الذي فصل أوروبا أيام الحرب الباردة إلى قسمين.

وانطلقت لوبيز لدى استعراض أسرار مهمة حول بناء الجدار من يوم 8 مايو/أيار 1945 عندما دخلت الدبابات الروسية برلين لتلتقي مع جيش الحلفاء بقيادة الأميركيين وتنفذ ما تقرر خلال مؤتمر يالطا في الاتحاد السوفياتي السابق، الذي ينص على احتلال ألمانيا من قبل الاتحاد والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا من أجل القضاء على النظام النازي ومنع تجدد النزوع العسكري الألماني، في وقت كان فيه الجيش الألماني يستسلم.

جدار برلين بني ليلة 13 أغسطس/آب 1961 (رويترز)
جدار برلين بني ليلة 13 أغسطس/آب 1961 (رويترز)

حصار برلين
لم يتأخر ظهور الخلاف بين القوى المحتلة في ألمانيا، وظهرت رغبة الرئيس السوفياتي جوزيف ستالين وقتها في توسيع نفوذه، آملا أخذ برلين كلها، خاصة أن المدينة محصورة في المنطقة السوفيتية منذ يونيو/حزيران 1948.

وقطع ستالين الطرق ومسارات السكك الحديدية التي تربط برلين بالمنطقة الغربية لمدة عام تقريبا، إلا أن الحلفاء نظموا جسرا جويا لإمداد السكان وقواتهم المتمركزة في برلين.

وفتح ستالين الطرق البرية دون تعويض في مايو/أيار 1949 بعدما لاحظ أن لا فائدة من حصار المدينة، وأثناء ذلك ظهرت في المناطق المحتلة جمهورية ألمانيا الاتحادية في الغرب وجمهورية ألمانيا الديمقراطية في الشرق.

ودعا الرئيس السوفياتي يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1958 السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفياتي الذي كان يقود البلاد وقتها نيكيتا خروتشوف إلى تجريد برلين الغربية من السلاح، مما أدى إلى أزمة طويلة دفعت في النهاية قادة نظام ألمانيا الشرقية إلى بناء الجدار.

وقالت الصحيفة إن المرة الأولى التي استحضر فيها قادة النظام الشيوعي فكرة بناء الجدار كانت يوم 15 يونيو/حزيران 1961 عندما قال رئيس مجلس الدولة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية والتر أولبريخت إنه "لا أحد يخطط لبناء جدار".

سقوط الجدار
بدأت ألمانيا الشرقية ليلة 13 أغسطس/آب 1961 صب الخرسانة، ووضعت الأسلاك الشائكة على الخط الذي يقسم برلين إلى نصفين، مما أوقف حرية الحركة بين الشرق والغرب.

وفي 24 أغسطس/آب من الشهر نفسه سقط أول ضحية في سلسلة طويلة من القتلى عندما أطلق جنود جمهورية ألمانيا الديمقراطية الرصاص على رجل كان يسبح محاولا الهروب إلى الغرب.

وفي ذلك الوقت زار الرئيس الأميركي جون كينيدي برلين الغربية وألقى خطابا هاما قال فيه إن "الفخر الأعظم قبل ألفي عام كان أن تقول إنك مواطن روماني، وآمل اليوم في العالم الحر أن يكون الفخر أن تقول إنك من برلين، ولذلك قال بالألمانية: أنا مواطن من برلين".

وانطلق عام 1964 التطبيع التدريجي بين الألمان عندما وقعت الجمهوريتان الألمانيتان معاهدة الاعتراف المتبادل، وحصلت ألمانيا الشرقية على الاعتراف القانوني الذي تسعى إليه، بينما احتفظت الغربية بمبدأ وحدة الأمة الألمانية.

ورغم أن رئيس ألمانيا الديمقراطية إريك هونيكر أعلن يوم 19 يناير/كانون الثاني 1989 أن الجدار سيظل قائما مئة عام أخرى، لم تنته السنة حتى أعلن بلده فتح الحدود يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني.

وعقب الإعلان، هرع سكان برلين نحو الجدار وبدؤوا في تدميره من كلا الجانبين ليلتقوا دون عنف، خاصة أن بعض العائلات قضى أفرادها أكثر من 28 عاما دون أن يلتقوا.

302 برج مراقبة و14 ألف حارس و600 كلب سخرت لحراسة جدار برلين  (رويترز)
302 برج مراقبة و14 ألف حارس و600 كلب سخرت لحراسة جدار برلين  (رويترز)

أرقام حول الجدار
أوضحت الصحيفة الفرنسية أن 136 شخصا ماتوا وهم يحاولون عبور الستار الحديدي، وأن أكثر من ألف شخص فقدوا حياتهم وهم يعبرون الحدود الألمانية خارج برلين.

وأضافت أن طول الجدار كان يبلغ 155 كلم -43 منها بين قسمي برلين- في حين أن 112 كلم منها كانت لفصل برلين الغربية عن أراضي جمهورية ألمانيا الديمقراطية.

وبينت الصحيفة أن قرابة 5000 شخص تمكنوا من الفرار عبر الجدار، وأنه تم حفر 70 نفقا لعبوره بين عامي 1961 و1989 من أجل الهرب من النظام الشيوعي، رغم أنه كان محروسا بـ302 برج مراقبة و14 ألف حارس و600 كلب.

المصدر : لاكروا