10 قمم جبلية ورياضات متنوعة تنتظرك بالمغرب

"لا أستطيع الاستمرار في الصعود، ساقاي ترتعشان، أشعر بالبرد، والخوف، أنظر تحتي فلا أجد إلا الضباب"، وخواطر أخرى باح بها الشاب المغربي حاتم بلخضر وهو في رحلة صعود الى قمة توبقال التي يبلغ ارتفاعها 4165 مترا فوق مستوى سطح البحر.

 

حين كان حاتم يكافح رغبته في الانهيار والجلوس شد الدكتور أبو مالك الحسين على يده يحثه على الاستمرار في الصعود، وبالفعل نجح واستمرت رحلته حتى أعلى قمة بالمملكة المغربية.

 

ويقول الدكتور أبو مالك الحسين للجزيرة نت "هذا المشهد تقليدي ومكرر وتعودناه في رحلاتنا إلى قمم الجبال المختلفة بالمغرب، فلأني أمين مال جمعية "ديلتا إفاسيون"، وهي جمعية متخصصة في كل الرياضات المتعلقة بالجبل لي خبرة طويلة في تسلق الجبال بالمغرب وخارجها، ودورنا طيلة فترة الرحلة بما أننا أعضاء مؤسسون بالجمعية أن نشد أزر المنخرطين ونساعدهم وندعمهم حتى اكتمال رحلتهم والوصول إلى القمة بسلام".

 

يكمل حاتم رحلته نحو قمة توبقال بينما يستمر الحسين في حديثه معي شارحا لي طبيعة القمم الجبلية في المغرب ويقول "المغرب من الدول المصنفة عالميا في الوجهات السياحية لراغبي القيام بالرياضات الجبلية عموما وليس التسلق فحسب مثل التزحلق على الجليد، والمغامرات الجبلية والمشي في الجبال".

طبيعة مختلفة
ويضيف أن الطبيعة المختلفة لجبال المغرب تساعد على ممارسة كل هذه الأنواع من الرياضات لأن هناك حوالي عشر قمم على الأقل هي القابلة للتسلق، وأشهرها على الإطلاق ما نحن عليه الآن قمة توبقال، وهي أعلى قمة جبلية في شمال أفريقيا توجد في قلب جبال الأطلس الكبير قرب مدينة مراكش وسط المغرب، و"بجانبنا يوجد ثلاث أو أربع قمم ارتفاعها حوالي 4000 متر أشهرها قمة جبل وانو كريم، بالإضافة إلى جبل مجون في سلسلة الأطلس المتوسط قرب قرية قلعة مجونة جنوب شرق المغرب، وهو أصعب تقنيا في تسلقه من جبل توبقال".

بادرت بالسؤال: إذا كانت المسألة صعبة هكذا فلماذا يصعد حاتم ومن مثله إلى رحلة شاقة هكذا؟ فأجابني أبو مالك الحاصل على دكتوراه الدولة في العلوم قائلا "الرياضة ليست حكرا على أحد ورئيسة جمعية "ديلتا إفاسيون" امرأة وهي بشرى بيبانو، أول امرأة عربية ومغربية وشمال أفريقية في طريقها إلى استكمال مغامرة تسلق القمم السبع حول العالم، وهذا هو ما نحاول أن نصنعه في الجمعية من نشر ثقافة وفكر التسلق.

وأضاف أن أي شخص لديه الحد الأدنى من اللياقة البدنية، ويحرص على التمرين يوميا ولديه القدرة والعزيمة والابتسامة يستطيع تسلق جبل توبقال أو غيره، المهم هو الإرادة، ولذلك نخطط في إطار عمل الجمعية أن نساعد 600 منخرط في الجمعية وهم من الشباب العاديين على تسلق القمم الجبلية في المغرب خلال عام 2019 وهذا متاح للجميع وليس له شروط سوى الابتسامة والتمرين والالتزام بالتعليمات".

زاد المتسلق
وشرح الحسين -الذي سبق له أن صعد إلى قمة إيفرست الشهيرة الاستعدادات التي يجب أن يقوم بها أي شخص قبل المبادرة بتسلق أحد الجبال في المغرب في رأس العام قائلا "عليك اقتناء الحذاء الرياضي المناسب والملابس المعدة للتدفئة، خاصة مع الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، ومع الارتفاع الشاهق فتسلق الجبال في رأس العام جميل وممتع، لكنه يتطلب مهارات خاصة في السير على الثلوج وأخيرا عليك الابتسامة، ولكن عموما ننصح بتسلق الجبال في المغرب في أبريل/نيسان ومايو/أيار".

أمضى حاتم ثلاثة أيام في رحلة الصعود إلى قمة توبقال، وفي النهاية وصفها بالرحلة الممتعة المحتملة، فالأشخاص المحترفون والمعتادون على تسلق الجبال سوف يمضون يومين في تسلق جبل مثل توبقال.

ففي اليوم الأول يبدأ المتسلقون من دوار امليل ليصعدوا حوالي 6-7 ساعات ليصلوا إلى مأوى في سفح الجبل وهناك يكون المبيت، ثم في اليوم التالي ينطلقون نحو القمة، ثم العودة إلى المأوى، ثم المبيت في امليل، أما الأشخاص الذين لا يتمتعون بلياقة بدنية عالية فقد تستغرق الرحلة منهم حوالي ثلاثة أيام.

عبر الطريق الطويل في سلسلة الأطلس الكبير هناك عدة دواوير (قرى صغيرة)، العمل الرئيسي لهم هو السياحة الجبلية، بداية من المرافقين والمرشدين السياحيين من أبناء الدواوير وحاملي الأمتعة ومعدي الطعام وغيرها من المهن المرتبطة بالسياحة الجبلية، وهم الذين يكونون في خدمة المتسلقين طوال وقت الرحلة التي تقارب تكلفة اليوم فيها حوالي 100 دولار تزيد وتنقص وفقا لجودة الخدمات التي يختارها المتسلق، مثل المبيت، فهناك إمكانية للمبيت لدى بعض ساكنة الجبل وأيضا متاح بعض الفنادق الجبلية عبر الطريق.

" عبر الطريق الطويل في سلسلة الأطلس الكبير عدة دواوير (قرى صغيرة) العمل الرئيسي فيها هو السياحة الجبلية بداية من المرافقين والمرشدين "

بشرى بيبانو تستعد للتسلق في القطب الجنوبي
حديث الدكتور الحسين أبو مالك عن الاستعداد النفسي والاستعانة بالابتسامة قبل تسلق الجبل دفعني لطرح السؤال على متسلقة الجبال المغربية الشهيرة بشرى بيبانو، رئيسة جمعية "ديلتا إفاسيون" عن استعداداتها حاليا لتسلق قمة جبل فينسون في القطب الجنوبي نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018.

وفي تصريحها للجزيرة نت قالت "الإعداد النفسي مهم جدا لتسلق الجبال حتى تستطيع مواجهة الصعاب والبرد القارص والمخاطر والمرتفعات والتحديات الأخرى في هذه الرياضة، لأن تحمل الصعاب لا بد أن يكون لمدة طويلة، لأنني من الممكن أن أبقى لأسابيع في تغيرات مناخية شديدة وصعبة، وبالطبع يحتاج التسلق إلى تأهيل بدني، لأن المجهود الكبير في الصعود يحتاج إلى لياقة شديدة، وأنا شخصيا أستعين باليوغا والتأمل من أجل اكتشاف طاقتي وقدراتي المختلفة ومساعدة نفسي على مواجهة مشقة تسلق الجبال".