مخاطرها تضاهي الإدمان.. كيف يمكن لأحلام اليقظة أن تسرق عالمك؟

يعتقد بعض الخبراء أن أحلام اليقظة المفرطة ليست حالة نفسية، بل آلية للتعامل مع الصدمات.

بدأ توصيف أحلام اليقظة المفرطة كتهديد للصحة النفسية وجودة الحياة لأول مرة في عام 2002 (بيكسلز)

كثيراً ما نلجأ لأحلام اليقظة كطريقة للهروب من أعباء الحياة اليومية، ونبدأ في حياكة عالم خيالي تجري فيه الأمور كما نشتهي دون أي منغصات. ولكن إذا لم نتوخ الحذر، فقد يبدأ العالم الخيالي في السيطرة على واقعنا بالكامل.

وبينما يمكن أن توفر أحلام اليقظة طريقة سريعة للابتعاد عن الواقع والشعور بقليل من الترويح عن النفس، لكنها في الوقت نفسه قد تسلب منك حياتك إذا فقدت السيطرة عليها.

مخاطر أحلام اليقظة المفرطة

يقضي المصاب بحالة مفرطة من أحلام اليقظة حياته وهو غير قادر على التكيف مع الشرود الذهني والخيالات، وهي حالة قد تؤثر على حياته الأكاديمية والعملية والخاصة.

بدأ توصيف أحلام اليقظة المفرطة كتهديد للصحة النفسية وجودة الحياة لأول مرة في دراسة علمية عام 2002، نشرتها مجلة "سبرينغر" (Springer) العلمية، وحملت عنوان "أحلام اليقظة غير القابلة على التكيف: تحقيق نوعي".

وتشترك أحلام اليقظة المفرطة مع أنماط الإدمان السلوكي، مثل إدمان ألعاب الفيديو أو الأفلام الإباحية. ويمكن أن تكون تلك الأحلام شديدة لدرجة أنها تصرف انتباهك عن حياتك الواقعية.

لا يوجد علاج محدد علمياً لأحلام اليقظة غير القابلة للتكيف (بيكسلز)

وفي كثير من الأحيان، تثير الأحداث اليومية الشخص المصاب للتخيُّل والشرود الذهني في عوالم مُختلقة. وتشمل المثيرات وفقاً لموقع "هيلث لاين" (Healthline) الصحي:

  • الحديث والنقاشات مع الآخرين.
  • صورة أو فيلم أو قصة إخبارية.
  • استخدام الإنترنت لأي غرض.
  • المنبهات الحسية مثل الضوضاء أو الروائح.
  • الخبرات الجسدية والمشاعر.

ورغم الأبحاث عن الحالة، لا يوجد تشخيص في علم الطب النفسي لحالات فرط الانخراط بأحلام اليقظة، كما لا يوجد علاج موثوق له.

أعراض الإصابة بفرط الشرود الذهني

قد يعاني الشخص المصاب بأحلام اليقظة غير القابلة للتكيف من:

  • أحلام اليقظة المفعمة بالتفاصيل والشخصيات والمخططات وغيرها من الميزات التفصيلية التي تشبه القصة ذات الحبكة الجيدة، مما يعكس عالماً داخليا معقداً.
  • المعاناة من أحلام اليقظة الناتجة عن أحداث من الحياة الواقعية لدرجة تشوش الحقيقة والواقع عند المصاب.
  • قد يعاني الشخص من صعوبة في إتمام المهام اليومية، وصعوبة النوم ليلاً، والرغبة الجامحة في مواصلة التخيُّل والشرود الذهني.
  • قد تبدر من الشخص إيماءات وأصوات وتعبيرات وجه وحتى عبارات ونقاشات مسموعة لما يدور في تخيُّلاته بشكل مفاجئ.
  • الشعور بحالة من الضيق والاكتئاب عند مقارنة أحلام اليقظة بالحياة الواقعية التي غالباً ما تفتقر لهذا القدر من التحكُّم في التفاصيل.
    تختلف أحلام اليقظة غير القابلة للتكيُّف عن أحلام اليقظة المعتادة (بيكسلز)

ما الفرق بين التخيُّلات الطبيعية وحالات أحلام اليقظة المفرطة

تختلف أحلام اليقظة غير القابلة للتكيُّف عن أحلام اليقظة المعتادة من حيث المحتوى وإمكانية التحكُّم فيها وتكرارها، إضافة للضيق الذي تسببه للشخص عند العودة منها. كما تختلف أحلام اليقظة أيضاً عن شرود الذهن العام، لأنها تتضمن "روايات خيالية منظمة ومُعدة عن قصد للشعور بالتحسُّن".

على النقيض من ذلك، يميل شرود الذهن للحدوث بشكل عفوي ويتعلق بالحياة اليومية ويكون من السهل العودة منه للمهام الواقعية، بحسب موقع "بلوس وان" (Plos One) للأبحاث.

مخاطر أحلام اليقظة على الصحة النفسية

​​تؤثر أحلام اليقظة المفرطة على حياتك بالكامل. وبينما لم يتم تصنيفها كأحد الاضطرابات السلوكية للصحة العقلية، إلا أنها قد تكون مرتبطة بـ4 فئات من الاضطرابات، وهي:

  • الاضطرابات الانفصامية.
  • اضطراب الانتباه.
  • اضطراب الوسواس القهري.
  • الإدمان السلوكي‌.

ويعتقد بعض الخبراء أن أحلام اليقظة المفرطة ليست حالة نفسية، بل آلية للتعامل مع الصدمات وسوء المعاملة، والأمراض العقلية الخطيرة، وحتى الشعور بالوحدة.‌ في هذه الحالة، قد تكون أحلام اليقظة المفرطة هروباً من الواقع القاسي.

ومن خلال الشرود الذهني المفرط، تصنع عالماً خيالياً آمناً تحدد سيناريوهاته بدقة لكي تشعر بالتحسُّن.

كذلك يمكن أن تؤثر صحتك العقلية على مقدار أحلام يقظتك، إذ وجدت أبحاث بحسب موقع "ويب ميد" (WebMD) الطبي، أنها قد ترتبط بمشاعر الذنب وخلل النطق وعدم القدرة على التحكم في الانتباه. ‌

وتشمل حالات الصحة العقلية التي تشيع فيها الحالة كذلك الاكتئاب والقلق العام أو الاجتماعي، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، واضطراب الوسواس القهري (OCD).

يميل شرود الذهن للحدوث بشكل عفوي ويتعلق بالحياة اليومية (بيكسلز)

طرق للسيطرة على فرط الانغماس في أحلام اليقظة

رغم أنه لا يوجد علاج محدد علمياً لأحلام اليقظة غير القابلة للتكيف، فإن هناك بعض التقنيات المثبتة بالتجارب التي قد تساعد الشخص على إدارة الأعراض.

وهي تشمل ما يلي بحسب موقع "ميديكال نيوز توداي" (Medical News Today) للصحة والطب:

  1. علاج التعب والإعياء العام: يمكن لأي شخص القيام بذلك عن طريق تحسين جودة النوم والتقليل من استهلاك المنبهات ومشروبات الطاقة.
  2. إدراك الأعراض: معرفة أنك تعاني من أحلام اليقظة المفرطة هو مفتاح العلاج، لأنه يساعدك على الانتباه كلما انخرطت في هذا السلوك، وهو ما يقلل من فرص تكراره.
  3. تحديد المحفزات وتجنبها: ملاحظة وكتابة أوقات حدوث أحلام اليقظة المفرطة يمكن أن يساعدك على تحديد الأنشطة أو المحفزات التي تجعلك تنغمس فيها.
  4. العلاج النفسي: يمكن أن يساعدك ذلك في تحديد المحفزات والأسباب الكامنة وراء أحلام اليقظة المفرطة. وتساعد التقنيات العلاجية مثل العلاج السلوكي المعرفي في الكشف عن أي مشكلات أساسية.
المصدر : مواقع إلكترونية