إذا أردت أن تصبح مديرا ناجحا.. فهذا ما عليك فعله

إذا أردت أن تصبح مديرا ناجحا، تجنب ممارسة النفوذ على الموظفين
الكفاءة العاطفية والاجتماعية والذكاء العاطفي خصال ضرورية يجب أن يتمتع بها القادة (غيتي)

كثيرا ما يشتكي الناس من أن رئيسهم في العمل يفتقر إلى التفاهم والتعاطف، ولكن هل المديرون بحاجة لإظهار المزيد من التعاطف مع الموظفين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟

في مقالها الذي نشره موقع "كونفرزيشين" الأميركي، قالت الكاتبة سوزان روس إنه منذ الفشل الأخلاقي للقيادات الذي أدى إلى أزمة الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية عام 2008، كان هناك قلق بشأن القوة المطلقة نسبيا الممنوحة لكبار المسؤولين التنفيذيين، هذه الفئة الاجتماعية التي تعدّ مقربة من السياسيين ولها تأثير كبير في تشكيل المجتمع.

صفات مطلوبة في القيادات
وأفادت الكاتبة بأن ذلك ترتب عليه تنامي الرغبة في اتباع المؤسسات لنهج قيادي قائم على الأخلاقيات. وفضلا عن ذلك، برز اتجاه مطرد للمنظمات التي ترغب في تطوير المهارات القيادية لدى جميع الطبقات الاجتماعية، بدلا من أن يكون مجالا محتكَرا من قبل أقلية تتمتع بنفوذ هائل.

كما يشهد العالم زيادة واضحة في المنشورات التي تدعو القادة إلى أن يتحلوا بصفات على غرار التعاطف والأخلاق والموثوقية والتواضع والنزاهة، فضلا عن الذكاء العاطفي والإحساس بالمسؤولية.

وكشفت الأبحاث الحديثة أن ممارسة النفوذ مرتبطة بمدى أنانية المدير المسؤول. فعلى سبيل المثال، يعد الأشخاص الذين يملكون سلطة على عدد أكبر من الموظفين أقل عرضة لاستخدام التفكير الأخلاقي والاهتمام براحة جميع العاملين، مقارنة بالذين تكون سلطتهم على عدد أقل من الموظفين.

‪يستمد القائد التنظيمي سلطته من الجهات التي فوضته باتخاذ القرارات‬ (غيتي)
‪يستمد القائد التنظيمي سلطته من الجهات التي فوضته باتخاذ القرارات‬ (غيتي)

معضلة البيضة والدجاجة
ونبّهت الكاتبة إلى أنه خلال حملة إعادة انتخاب الرئيس السابق للولايات المتحدة باراك أوباما، أشارت زوجته ميشيل قائلة: "أن تصبح رئيسا لا يغير من شخصيتك، بل يكشف عنها". فهل تغير السلطة القائد أم أنها تكشف عن سماته؟

وفي هذا السياق، خلصت بحوث تتعلق بالنفوذ والهوية الأخلاقية إلى أن البوصلة الأخلاقية للشخص تؤثّر على ما إذا كان النفوذ الذي يملكه يؤدي إلى تزايد اهتمامه بذاته.

وأشارت الكاتبة إلى أن القائد التنظيمي عادة ما يستمد سلطته من الجهات التي فوّضته باتخاذ القرارات وممارسة التأثير على الآخرين. وعندما يوازن القائد بين السلطة والنفوذ باستخدام سمات مثل التعاطف أو النزاهة أو التواضع، فمن المرجّح أن يؤدي ذلك إلى استخدامه لنفوذه بشكل أخلاقي.

وما لم تقترن السلطة والنفوذ بهذه الصفات الإيجابية، وتم استخدامها لتحقيق أغراض شخصية بحتة أو غامضة من الناحية الأخلاقية؛ فمن المرجح أن ينتج عن ذلك إساءة استخدام للسلطة.

في المقابل، تشير الأبحاث إلى أن النفوذ يمكن أن يغيرنا. وماذا يحدث عندما يحصل الناس على السلطة؟ في الواقع، يملك الأغلبية نسبة من التعاطف إلى حد ما، وهو الأمر الذي يعد أساسيا للكفاءة العاطفية والاجتماعية والذكاء العاطفي، ومن الخصال الضرورية التي يجب أن يتمتع بها القادة.

العلاقة بين التعاطف والقسوة
كشف عالم النفس بجامعة كامبريدج سايمون بارون كوهين العلاقة بين التعاطف والقسوة، بهدف بيان لماذا يتصرف بعض الأشخاص بطرق غير أخلاقية، بينما لا يفعل الآخرون ذلك. واستخدم كوهين مصطلح "نقص التعاطف" لشرح كيف يمكننا جميعا التخلي عن تعاطفنا بسبب معتقداتنا وخبراتنا وأهدافنا وعواطفنا.

فمن الممكن أن يؤدي الطريق إلى تولي القيادة وما يتطلبه من تركيز على تحقيق الأهداف والأداء المالي فضلا عن التوتر المتزايد، إلى نقص التعاطف حتى لدى المديرين الذين يتحلون بحسن النية.

‪الأبحاث تشير إلى أن السلطة تجعل الناس يميلون أكثر للتصرف بطريقة تتوافق مع أهدافهم‬ (بيكسابي)
‪الأبحاث تشير إلى أن السلطة تجعل الناس يميلون أكثر للتصرف بطريقة تتوافق مع أهدافهم‬ (بيكسابي)

في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن السلطة تجعل الناس أكثر ميلا للتصرف بطريقة تتوافق مع أهدافهم.

لكن هذا التركيز على الهدف يجعلهم أكثر عرضة لتجاهل المعلومات الجانبية، التي يمكن الاعتقاد أنها تفتقر إلى التعاطف إذا طبقت في المواقف الاجتماعية.

وأضافت الكاتبة أن شركة إنرون التي أدين مديروها بالاحتيال والتآمر، تقدم مثالا واضحا على نقص التعاطف بسبب الزيادة في السلطة. فرغم أن إنرون اعتمدت بيانا رسميا لمبادئ حقوق الإنسان، يدعو إلى الاحترام والنزاهة والتواصل والتميز، فإن التقييمات التي تركز على الإدارة وصفت الشركة بأنها غير أخلاقية ومتكبرة وجشعة.

والجدير بالذكر أن القلق بشأن استغلال القادة للسلطة تحول في الآونة الأخيرة إلى قطاع التكنولوجيا، مع تعرض الرؤساء التنفيذيين لفيسبوك وتويتر وأمازون للنقد المتزايد.

علينا جميعا أن نتحدى سلوكنا
لكن هل يعد ذلك خطأ رئيس العمل فقط؟ يوضح كتاب بارون كوهين أن التوقف عن التعاطف لا يشمل القادة فقط، وإنما من الممكن أن يصدر ذلك عن العاملين أيضا.

وفي المشهد السياسي الذي يستقطب الآراء المتعارضة، نلاحظ تحديا لوجهات النظر السياسية المختلفة، ليس من خلال النقاش والمناقشة فحسب وإنما من خلال السلوك القبلي، حيث إننا غالبا ما نعتبر المجموعات التي ننتمي إليها جديرة بالتعاطف والاحترام والتسامح، ولكننا لا نرى الشيء نفسه مع الآخرين.

المصدر : مواقع إلكترونية